وليد الزامل

حلم الشباب بين فرص الوظيفة وحاجز المسكن!!

السبت - 12 أغسطس 2023

Sat - 12 Aug 2023

يلعب التخطيط الحضري دورا بالغ الأهمية في خلق تكافؤ الفرص للمجتمع، والعدالة الاجتماعية في توزيع الموارد، وتحقيق المصلحة العامة لجميع الفئات ومنع التمييز العنصري.

وتظل المدن الكبرى بيئات جاذبة وخاصة لفئة الشباب لكونها تحتوي على مراكز الأعمال والوظائف والجامعات الكبرى. وفي الوقت ذاته، تعد تكاليف المعيشة في هذه المدن مرتفعة وخاصة تكاليف الإسكان.

تشير إحصاءات الهيئة العامة للإحصاء إلى أن التمركز السكاني في المدن الكبرى زاد على حساب المدن الصغيرة، حيث وصلت نسبه التحضر في المملكة العربية السعودية إلى 85% كما ارتفع عدد السكان من 7,009,466 نسمة في عام 1974 إلى 32,175,224 نسمة في عام 2022.

استحوذت منطقة الرياض، ومكة المكرمة، والمنطقة الشرقية على النصيب الأكبر من السكان بما يعادل 21,738,465 نسمة، يشكلون ما نسبته أكثر 68% من إجمالي سكان المملكة العربية السعودية.

وتشكل المدن الرئيسة النصيب الأكبر من التركز السكاني داخل هذه المناطق، حيث يعيش أكثر من 81% من سكان منطقة الرياض في مدينة الرياض، و77% من سكان منطقة مكة المكرمة يعيشون في مدينة جدة ومكة المكرمة.

إن استمرار التركز السكاني في المدن الكبرى دون إيجاد حلول ناجعة له تداعيات عمرانية عديدة منها زيادة حجم الطلب على الإسكان وارتفاع أسعار الأراضي والبناء، وانتشار فرص النمو العشوائي، وارتفاع معدلات الجريمة.

إن الخلل في توزيع التنمية العمرانية يصاحبه هجرة متنامية للسكان إلى المدن الكبرى والتي تعد بيئات جاذبة بما تحويه من بنية تحتية وخدمات ترفيهية ومراكز تعليمية واقتصادية.

ويظل مخزون الإسكان الميسر بما فيها الوحدات السكنية الإيجارية في حدود أقل من حجم الطلب الفعلي.

لذلك، تبرز مشكلة ارتفاع أسعار الإسكان كنتيجة حتميه لاسيما في ظل محدودية المنافسة وعدم وجود محفزات تشجع القطاع الخاص للاستثمار في توفير وحدات سكنية ميسورة التكلفة.

اليوم، يواجه الشباب والمتزوجين حديثا تحديات كبيرة في الحصول على مسكن ميسر في المدن الكبرى.

كما يواجه الشباب المنتقلين حديثا للعمل صعوبات بالغة في الحصول على شقة أو مسكن ميسور التكلفة في المدن الكبرى، فرص العمل التي يحصل عليها الشباب في هذه المدن لن تكون مجدية إذا كان حجم الإنفاق على المسكن يفوق 30% من دخله.

ويظل هذا الشاب في صراع مستمر بين فرحة الحصول على وظيفة وهدر الدخل نتيجة زيادة حجم الإنفاق على مسكن إيجاري متواضع.

ولمواجهة هذه الإشكالية لعلي اقترح بعض الموجهات الإرشادية التالية:

  • أولا: تحسين الطاقة الاستيعابية في المدن الكبرى من خلال تطبيق مبادئ النمو الذكي بعيدا عن الزحف العمراني التقليدي وذلك بالاستغلال الأمثل للأراضي الفضاء داخل نطاق المدينة، وتنويع استعمالات الأراضي وأنماط الإسكان، وتحسين أنظمة النقل.

  • ثانيا: تنمية المدن الصغيرة والاستفادة من الموارد المتاحة لخلق فرص العمل فيها وربطها بأنظمة النقل السريع وبالتالي تقليل نسبة التركز السكاني في المدن الكبرى.

  • ثالثا: بناء محاور تنموية إقليمية تربط المدن الصغيرة والقرى بالمراكز الحضرية الكبرى بحيث تسهم في كبح الهجرة السكانية إلى المدن الكبرى وإحداث هجرة عكسية.

  • رابعا: تخصيص برامج ومشاريع إسكانية لدعم فئة الشباب للحصول على مساكن إيجارية ضمن حدود القدرة الاقتصادية.


وأخيرا، تطوير تشريعات عمرانية تلزم مؤسسات القطاع الخاص والشركات الكبرى والمؤسسات التعليمية على توفير مشاريع إسكان لإيواء جميع موظفيها وذلك لزيادة مخزون الإسكان في المدن وبالتالي تقليل حجم الطلب على سوق الإسكان بما يسهم في نهاية المطاف بخفض الأسعار.

waleed_zm@