نبيل عبدالحفيظ الحكمي

هل للدواء اقتصاد؟

الخميس - 10 أغسطس 2023

Thu - 10 Aug 2023

إجابة لعنوان هذا المقال.. نعم، يوجد اقتصاد للدواء ويسمى اقتصاديات الدواء (Pharmacoeconomics)، أو الاقتصاد الدوائي، وهو مجال يركز على تطبيق مجموعة من المبادئ والمنهجيات الاقتصادية لتقييم القيمة الشاملة، بما في ذلك الأدوية والأجهزة الطبية.

من خلال دراسة مقاييس رئيسة مثل التكلفة والفعالية والفائدة وجودة الحياة.

ولا يخفى عليك عزيزي القارئ أن معظم الأشياء التي حولنا لها اقتصاد يدعم حركتها في الأسواق.

اقتصاديات الدواء أو الاقتصاد الدوائي يعتبر علما حديثا نسبيا، حيث نشأ في الثمانينيات من القرن الماضي.

ابتكر مايكل دراموند Michael Drummond، اقتصادي صحي في المملكة المتحدة، مصطلح «اقتصاديات الدواء» عام 1987.

ومع ذلك، يمكن تتبع جذور علم الاقتصاد الدوائي إلى بداية الستينيات من القرن الماضي، عندما بدأ الاقتصاديون الصحيون في استخدام مبادئ الاقتصاد لاتخاذ القرارات المتعلقة بالرعاية الصحية.

مما زاد عجلة تطوير علم الاقتصاد الدوائي أو اقتصاديات الدواء هو زيادة تكلفة الرعاية الصحية والحاجة إلى اتخاذ قرارات مدروسة حول كيفية توزيع الموارد المحدودة.

ركز هذا العلم في البداية على تقييم التكلفة والفعالية للأدوية، ولكنه توسع ليشمل التدخلات الصحية الأخرى، مثل الأجهزة الطبية والإجراءات الجراحية وغيرها.

يساعد الاقتصاد الدوائي مزودي الرعاية الصحية وصناع القرار وصانعي السياسات في المجال الصحي على اتخاذ قرارات مدروسة مما يحقق أكبر فائدة للمرضى مع تحقيق الكفاءة في التكلفة والاستدامة على المدى الطويل.

بشكل عام، يلعب الاقتصاد الدوائي دورا حيويا في ضمان توجيه الموارد الصحية بأكثر طريقة فعالة وفعالة ممكنة، مما يحسن في النهاية نتائج المرضى وجودة الحياة.

حيث يتمحور الاقتصاد الدوائي حول تحديد الوسائل الاقتصادية الأكثر فعالية وكفاءة لتحقيق أفضل النتائج الصحية ويتم ذلك من خلال إجراء تقييم شامل للتكاليف والفوائد المرتبطة بالعلاجات المختلفة. يشمل ذلك دراسة شاملة للنفقات، بما في ذلك أي تكاليف دوائية أو إدارية، بالإضافة إلى أي نفقات طبية قد تنشأ نتيجة للعلاج، مثل الإقامة في المستشفى أو زيارات الأطباء. بالإضافة إلى هذه التكاليف، يأخذ أيضا في الاعتبار الفوائد المتعلقة بالدواء، والتي قد تشمل تحسين نتائج الصحة وتحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية، من خلال مقارنة التكاليف والفوائد لخيارات العلاج المختلفة، يهدف الاقتصاد الدوائي إلى تحديد أفضل المسارات لتحقيق نتائج صحية مثالية مع تقليل التكاليف وتحقيق القيمة الأفضل.

يتم توظيف الاقتصاد الدوائي لمساعدة صناع السياسات والقرارات في مجال الرعاية الصحية وشركات التأمين لتحديد أفضل العلاجات وبأفضل الأثمان، حيث يعتبر الاقتصاد الدوائي ضمان لاستخدام الموارد الصحية بكفاءة وفعالية.

يسهم أيضا في تقييم تكلفة الفعالية لدواء جديد مقارنة بدواء موجود سابقا في السوق، بالإضافة إلى المساهمة في تقييم تكلفة فعالية دواء في فئة معينة من المرضى أو المساهمة في تحديد إعدادات المرضى للتجارب السريرية.

وعلاوة على ذلك يسهم الاقتصاد الدوائي في تنظيم أسعار الأدوية، وسياسات الاسترداد لها.

هنا عزيزي القارئ لعلنا نذكر بعض الأمثلة على أهمية الاقتصاد الدوائي في توفير كثير من التكاليف ومنها على سبيل المثال:

- قامت دراسة في مجال الاقتصاد الدوائي بتقييم التكلفة والفعالية في استخدام صيغة جديدة لدواء يعطى مرة واحدة في اليوم لعلاج مرض الانفعال اللاهوائي/فرط الحركة مقارنة بالصيغة الدوائية الفورية التقليدية. وقد وجدت الدراسة أن الصيغة الجديدة أكثر فعالية من حيث التكلفة، مما أدى إلى توفير التكاليف المحتملة تصل إلى قرابة 5 آلاف ريال سعودي لكل مريض في السنة.

- خضعت دراسة أخرى في مجال الاقتصاد الدوائي لتقييم كفاءة التكلفة لاستخدام دواء جديد لعلاج قصور القلب، ووجدت الدراسة أن الدواء الجديد أكثر كفاءة وتكلفة من العلاجات الحالية التقليدية، مما أدى إلى توفير التكاليف المحتملة تصل إلى 17 ألف ريال سعودي تقريبا لكل مريض في السنة.

- خضعت دراسة ثالثة في مجال الاقتصاد الدوائي لاستخدام دواء جديد لعلاج التهاب الكبد الوبائي «سي» مقارنة بالعلاجات القديمة وغير الفعالة، ووجدت الدراسة أن الدواء الجديد أكثر كفاءة من ناحية التكلفة، مما أدى إلى توفير التكاليف العلاجية إلى 4.5 مليار ريال سعودي على مدى 20 عاما.

هذه بعض الأمثلة فقط على كيفية أدى الاقتصاد الدوائي إلى توفير التكاليف والمساعدة في اتخاذ القرارات الصحية المناسبة.

في الختام، الاقتصاد الدوائي هو مجال متعدد التخصصات يتم استخدام علوم الاقتصاد والوبائيات والإحصاءات والطب والصيدلة وغيرها من العلوم.

وبالتالي، يتطلب التعاون بين الكفاءات الصحية والاقتصاديين والإحصائيين وغيرهم من الخبراء لضمان أن تكون التحليلات العلمية للاقتصاد الدوائي دقيقة وموثوق بها.

nabilalhakamy@