ماذا لو كانت كل خياراتك متاحة؟
الثلاثاء - 08 أغسطس 2023
Tue - 08 Aug 2023
لو ذهبت إلى البقالة الصغيرة في قريتك لشراء لحوم، فلن تجد إلا دجاجا مجمدا من شركة واحدة، بينما لو ذهبت لسوبر ماركت كبير ستجد لحوم الأغنام والدجاج والأسماك، وقائمة طويلة من الخيارات لكل نوع، في الحالة الأولى لن تستهلك وقتا أكثر من فتح الثلاجة وأخذ طلبك ودفع الحساب والانصراف، بينما في السوبرماركت الفرق في الوقت المستهلك في الحيرة واضح، كذلك الأمر في استخدام الإنترنت بين بداياته والآن فالحيرة والتشتت كانا أقل عندما كان الزمن والسرعة محدودين والكلفة عالية.
مامن أحد إلا و استنفد جزءا من وقته وطاقته في الحيرة بين خيارين أو أكثر، وتتضاعف الخسائر بزيادة الخيارات لفقد الطمأنينة والراحة، بل إن وفرة الخيارات قد تصيب بالشلل وتحد من قدرة الفرد على المضي للأمام.
يرى باري شوورتز في كتابه «معضلة الاختيار» أن انتشار الحيرة والتردد بين الخيارات في العصر الحاضر سببه الوفرة، فلدينا ملايين الاختيارات لو قررنا ماذا سنأكل أو أي التخصصات الأفضل للجامعة، وسلوك الحيرة والتردد المعروف بمصطلح الخوف من تعدد الخيارات «FOBO» بالإضافة إلى أنه يستنفد جزءا من وقتك والكثير من طاقتك، فإنه أيضا يؤدي لدرجة عالية من الحيرة والندم، ويخفض من مستوى السعادة.
البحث وموازنة الخيارات شيء جيد لكن عندما تكون خسائره أكثر من النتائج المرجوة فهو يتحول إلى السلبية وهدر للطاقة الذهنية والنفسية، لذلك يجب أن تكون واعيا لهذه اللحظة وتضع حدا لحالة التوهان، فالفرق بين الخيارات لايستحق الثمن الذي تستهلكه من أجلها.
ومن أهم تلبسات هذه المعضلة الظن أن عدم الاختيار يجعل كل الخيارات مفتوحة، ويعطي مساحة أكبر، وخطوط رجعة متاحة، فيدقق أكثر في الخيارات ويفكر في النتائج البعيدة، فربما تكون هناك خيارات لم تظهر بعد، في حين أن الفرق بين الخيارات لا يستحق كل هذا المستوى من الحيرة.
كما أن هذا التشتت يفقد الإحساس بالمتعة واللذة، فلايستمتع بتخصصه الجامعي مثلا؛ لأنه ربما لو اختار تخصصا آخر فقد يكون أفضل، فيضيع الأول ولا يصل للثاني، ويعلق فشله على شماعة سوء اختياره.
وهناك العديد من الطرق للتغلب على هذه الحيرة منها التسطيح للخيارات البسيطة كأن تجعل معيار الترجيح دقائق الساعة إن كانت فردية أو زوجية، أما في القرارات الأكثر أهمية ومصيرية فتضع لها معايير ونقاطا لتقييم كل جانب ثم الالتزام بالترجيح حسب تلك المعايير، ثم الرضا بالنتيجة، والانتقال للمرحلة التالية، بدلا من استهلاك الوقت في الحسرة والندم.
الحرية قيمة جوهرية، ومترسخ في عقولنا أنها كلما زادت زادت الرفاهية والمتعة، لكن لذة توفر الخيارات تكون على حساب متعة الاكتشاف والمفاجأة والإحساس بلذة النجاح.
وهنا نتساءل، ما الذي سيفقده الإنسان لو حصل على خيارات مفتوحة وحرية مطلقة؟
aziz33@
مامن أحد إلا و استنفد جزءا من وقته وطاقته في الحيرة بين خيارين أو أكثر، وتتضاعف الخسائر بزيادة الخيارات لفقد الطمأنينة والراحة، بل إن وفرة الخيارات قد تصيب بالشلل وتحد من قدرة الفرد على المضي للأمام.
يرى باري شوورتز في كتابه «معضلة الاختيار» أن انتشار الحيرة والتردد بين الخيارات في العصر الحاضر سببه الوفرة، فلدينا ملايين الاختيارات لو قررنا ماذا سنأكل أو أي التخصصات الأفضل للجامعة، وسلوك الحيرة والتردد المعروف بمصطلح الخوف من تعدد الخيارات «FOBO» بالإضافة إلى أنه يستنفد جزءا من وقتك والكثير من طاقتك، فإنه أيضا يؤدي لدرجة عالية من الحيرة والندم، ويخفض من مستوى السعادة.
البحث وموازنة الخيارات شيء جيد لكن عندما تكون خسائره أكثر من النتائج المرجوة فهو يتحول إلى السلبية وهدر للطاقة الذهنية والنفسية، لذلك يجب أن تكون واعيا لهذه اللحظة وتضع حدا لحالة التوهان، فالفرق بين الخيارات لايستحق الثمن الذي تستهلكه من أجلها.
ومن أهم تلبسات هذه المعضلة الظن أن عدم الاختيار يجعل كل الخيارات مفتوحة، ويعطي مساحة أكبر، وخطوط رجعة متاحة، فيدقق أكثر في الخيارات ويفكر في النتائج البعيدة، فربما تكون هناك خيارات لم تظهر بعد، في حين أن الفرق بين الخيارات لا يستحق كل هذا المستوى من الحيرة.
كما أن هذا التشتت يفقد الإحساس بالمتعة واللذة، فلايستمتع بتخصصه الجامعي مثلا؛ لأنه ربما لو اختار تخصصا آخر فقد يكون أفضل، فيضيع الأول ولا يصل للثاني، ويعلق فشله على شماعة سوء اختياره.
وهناك العديد من الطرق للتغلب على هذه الحيرة منها التسطيح للخيارات البسيطة كأن تجعل معيار الترجيح دقائق الساعة إن كانت فردية أو زوجية، أما في القرارات الأكثر أهمية ومصيرية فتضع لها معايير ونقاطا لتقييم كل جانب ثم الالتزام بالترجيح حسب تلك المعايير، ثم الرضا بالنتيجة، والانتقال للمرحلة التالية، بدلا من استهلاك الوقت في الحسرة والندم.
الحرية قيمة جوهرية، ومترسخ في عقولنا أنها كلما زادت زادت الرفاهية والمتعة، لكن لذة توفر الخيارات تكون على حساب متعة الاكتشاف والمفاجأة والإحساس بلذة النجاح.
وهنا نتساءل، ما الذي سيفقده الإنسان لو حصل على خيارات مفتوحة وحرية مطلقة؟
aziz33@