حنان درويش عابد

ثقافة كلنا يستطيع أن يصبح مليونيرا! أين المشكلة فعلا؟

الثلاثاء - 08 أغسطس 2023

Tue - 08 Aug 2023

خلق الله تعالى البشر على درجات، لحكمة بالغة عنده جل وعلا، فلا الجميع ينتسبون إلى ذات الفئة الاجتماعية، ولا إلى ذات الدرجة الفكرية، ولا إلى نفس المستوى المالي أو حتى الصحي والبدني، ولأن الاختلاف سمة أساسية في حياتنا، وفي طبيعتنا البشرية، وعلى ذلك الاختلاف تقوم الحياة وتستمر، فإننا حينما نشهد اليوم ومنذ بداية الألفية الميلادية الجديدة ومع تنامي قوة تأثير تكنولوجيا الإنترنت، عندما نشهد هذا التحول التاريخي غير المسبوق في نظرة البشر للمال والثراء والكسب الشريف، نجد أن ثمة انقلاب مفاهيمي بالغ الخطورة قد وقع لجيل كامل الآن، وبات تصحيح المسار قيمة أخلاقية كبرى يجب علينا جميعا العمل على إشاعتها ولكن من خلال رؤية منهجية وعلمية متوازنة بشكل جيد.

إن اعتبار رغبة الإنسان بالثراء وتنمية الذات رغبة غير سليمة ينافي وبشكل قاطع الدين الذي أمرنا بالسعي والاجتهاد، والذي حث على مبدأ «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف»، فالمشكلة إذا ليست أبدا في رغبتنا بالتطور كأفراد، وتحسين مدخولاتنا ومكاسبنا المادية في الحياة، ولكن المشكلة في شيوع الفكرة المغلوطة والتي رسّخت في نفوس الكثيرين الاعتقاد بأن كل فرد من هو قادر بمجرد الاستماع إلى محاضرات، أو تقليد شخص ناجح وفعل ما قام بفعله، من أن يصبح ذلك الفرد منا ناجحا وصاحب ثروة.

والذي يجب علينا تصحيحه، هو أن نخبر الشباب على وجه الخصوص من أن النجاح ممكن جدا، وأن فكرة قدرتنا جميعا على النجاح هي فكرة بحد ذاتها غير مغلوطة، ولا مشكلة فيها، ولكن المشكلة في تطبيقنا للفكرة.

الذي يجب على شبابنا فهمه هو أن النجاح يحتاج إلى أدوات ومقومات وظروف لكي يتحقق، ولكن المشكلة أن كثيرا من الشباب يرغبون بتقليد من نجحوا متغافلين عن أهمية هذه النقطة، ولذا فهم قد يحاولون لسنين وسنين من دون جدوى.

تصحيح الفكرة يقتضي بالضرورة ومن دون شك أن نفهم جميعا أننا كبشر مخلوقون أصلا للنجاح لا للفشل، والدليل أننا أُعطينا عقلا هو واحد من أعظم معجزات الله تعالى في الخلق، وهذا يعني أننا خُلِقنا أصلا لكي ننجح لا لكي نفشل، لكن كل ما نحتاجه بعد أن تأكدنا من هذه الحقيقة، أن نفعِّل أدوات وظروف النجاح، وتلك الأدوات والظروف ليست أبدا أن نقف أمام المرآة في الصباح ويقول الواحد منا لنفسه «أنا ناجح، أنا قوي»، فهذا الكلام الفارغ الذي أشاعه بعض مدربي «التنمية البشرية لسنين»، يجب أن نتركه وراء ظهورنا وإلى الأبد.

أدوات النجاح تعني تشاركية النجاح، فعلينا أن نفهم جيدا أن النجاح انفرادي في 2022 قد بات تقريبا حلما يصعب جدا الحصول عليه، لذا فالتشاركية والعمل كفريق هو أول وأهم وأكبر وأعظم أداة نجاح يحتاجها اليوم كل من يسعى إلى النجاح.

hananabid10@