كيف استطاعت الهند أن تجعل من صناعة الأعشاب مصدر دخل قومي لها؟
الأحد - 06 أغسطس 2023
Sun - 06 Aug 2023
في المقالات السابقة وفي خضم حديثنا عن الهند وعن تجربتها الخاصة في نشأة وتطور الطب التكميلى لديها، كنا قد تناولنا محطات تمثل تحولا كبيرا ونقاط انطلاق تبين كيف قد أصبحت الهند على ما هي عليه الآن، في الواقع إن إنشاء وزارة آيوش لم يكن فقط معنيا بالتوثيق واعتمادية الممارسات الخاصة بالطب التكميلى والعمل على قولبة وبناء أسس علمية فقط لهذه الممارسات ومزجها بالتطور التكنولوجي أو دراسة هذه الممارسات دراسة علمية ومن ثم نيل الاستحقاق العلمي لها وتوقيع الاتفاقيات والتفاهمات في توسعة ممارسة الممارسات المتعلقة بالطب التكميلى في الهند وفي أرجاء المعمورة فقط، ناهيك عن إدارة تلك الوزارة وتخصيصها لمراكز بحثية ومعاهد علمية خاصة على دراسة وتطوير الطب التكميلى وتطوير الصناعات المتعلقة به، ومنها صناعة الأعشاب الهندية التى تعتبر أحد ركائزه واقتصادا قائما بحد ذاته، فمن واقع التجربة الهندية في الطب التكميلى نستطيع أن نرى أنها تجربة ضخمة وذات شمولية ناهيك عن الطابع الخاص لها في كل شيء، ولقد اخترنا البدء بها لأنها أخذت صناعة الطب التكميلى إلى مستوى مختلف تماما، يرينا كيف يمكن أن نقيم صناعة واقتصاد خاص من اللاشيء، إذا ما كنا نسير وفق خطة مدروسة ومحددة، لهذا كان لا بد أن تكون ركلة البداية تاج محل، حتى وإن كان هنالك ممارسات أخرى أقدم من الممارسات التي في الهند في هذا الصدد.
التوجه نحو الطبيعي
إلى جانب كون النباتات الطبيعية هي أحد المصادر الأساسية في المواد الخام للمركبات الكيميائية التى تصنع منها الأدوية والعقاقير المعالجة كيميائيا، فهنالك توجه عالمي واضح إلى الاعتماد على الصورة الأولية لهذه النباتات باختلاف أشكالها، وهذا يعود إلى كمية التعقيدات الكثيرة والكيميائية التى تجتاح العالم في كل مجال والتي خلقت أثرا سلبيا من مواد مصنعة وأدوية كيميائية تحوي أضرارا جانبية لا يمكن تفاديها في أغلب الأحيان، وإذا نظرنا إلى الصورة الأكبر نجد أن العالم يتوجه كذلك نحو كل ما يؤدي إلى انبعاثات كربونية أقل حفاظا على درجة حرارة هذا الكوكب إلى جانب الاعتماد على المواد الخضراء التي تحافظ على البيئة.
إلى جانب هذا فإن صناعة المنتجات الطبيعية النباتية تؤثر أول ما تؤثر اقتصاديا على الحلقة الأهم في السياسات الاقتصادية وهو المواطن البسيط والتي تبدأ السلسلة الاقتصادية في هذه الحالة من عنده، إذ إن هذه التجارة على المستوى المحلي تلعب دورا مهما في إضافة إيرادات وأرباح إلى الطبقات الفقيرة في العالم كله وخاصة المجتمعات القبلية ذات الطبيعة الديموجرافية الخاصة في بلاد كثيرة ولا سيما منها الهند.
التأثير الاقتصادي
عالميا، تخبرنا الإحصائيات إلى أن نحو 25% من سكان معظم البلدان يعتمدون على الموارد النباتية في معيشتهم، ويعتمد حوالي 80% من سكان البلدان النامية على المنتجات النباتية، وأكثرها استخداما هي الأدوية والمواد الغذائية، الهند هي مصدر رئيس للنباتات الطبية وقدر حجم التجارة في المواد الخام والأدوية من النباتات الطبية أكثر من 860 مليون روبية في العام 2012، يتم سنويا تصديره من الهند إلى باقي أنحاء العالم، في الهند، يستمد أكثر من 41 مليون نسمة من سكان الهند أرباحهم من هذه المنتجات، إضافة إلى كونها واحدة من المصدرين الرئيسيين للعقاقير الخام بشكل رئيس إلى الدول المتقدمة.
لكن الحياة لم تكن وردية، في العام 2016 كانت حصة الهند في سوق الأدوية العشبية العالمي 0.5% فقط -هذا الرقم قد تضاعف إلى ما هو أكثر من ذلك-، على الرغم من كونه رقما يبدو متفائلا نظير الخطوات التى تم اتخاذها قبلها بعامين، إلى أن الأمر لم يكن كذلك على المستوى الحكومي، فانطلقت التصريحات من وزارة آيوش وقتها معربة عن خيبة آمالها فيما كان عليه الحال، وأضافت إلى أن هذه الصناعة لا تتلق الدعم الكافي لصناعة الأعشاب، كما أعزت ذلك أيضا إلى أن السبب الأكبر هو الاعتقاد السائد بعدم جدية هذه الممارسات وتلك الصورة النمطية السائدة عن أن ممارسات الطب التكميلي سواء العلاجات أو صناعة الأعشاب الطبية لا تزيد عن كونها إرث من الماضي السحيق الذي لم يعد يعمل مع كل هذه التطورات المتسارعة في هذا العالم.
هذا الاعتقاد يعكس التجلي الواضح والصريح لعبارة old names dies slowly، وهذا طبيعي على الرغم من الزخم الذي أحدثته الهند قبل ذلك بأعوام تجلى غايته قبل هذا بعامين بعام 2014 في إنشاء الوزارة نفسها وكل تلك الخطوات المتسارعة وغير العادية، إلا أنه كما هي العادة في أن الأسماء القديمة تموت بصعوبة كما يبلغنا المثل الإنجليزي الشهير وكذلك الانطباعات والصور الذهنية الأولى عن الأشياء تموت هي كذلك ببطء وصعوبة!
لكن رب ضارة نافعة وما تحسبه شرا، قد يعطي لك تبصرة على أهمية استدراك موقفك وإعادة التفكير مرة أخرى من جديد عن ماهية الأمور التى تقوم بها وهل هي الطريقة الأمثل لتحقيق أهدافك، فمن الضروري أن نستدرك هنا أن حديثنا قائم على جزئية اقتصاد الأعشاب والمواد الخام الهندية والأيورفيدا - لأن الأمر كان رائعا على مستويات السياحة العلاجية التي كانت قائمة على ممارسات الطب التكميلي الهندية الأصيلة وكانت في ارتفاع مطرد.
في العام 2016، وقعت الحكومة الهندية مذكرة تفاهم وتعاون مع منظمة الصحة العالمية لتطوير بروتوكول عالمي لتعزيز صناعة الأدوية والأعشاب التكميلية التي ستساعد أنظمة الطب الهندية على اكتساب قبول أفضل على المستوى الدولي، وربما كانت تلك خطوة استباقية وردة فعل متوقعة لتوقيع الهند هذه المذكرة، فإن ذلك الجهد الذي تم بذله أيضا مع أكثر من ثلاثين دولة حول العام سوف يأتى أكله أيضا.
الثورة الهندية
اعتمدت الهند في خطتها الجديدة على مسارين متوازيين، أولا: المسار العالمي المعني بتوقيع البروتوكولات واتفاقيات التعاونات المشتركة وتعميم الاستخدام ونشر الوعي بالأيوروفيدا والطب التكميلي أوالأعشاب الهندية مع منظمة الصحة العالمية والاتفاقيات المباشرة مع بعض دول العالم والذين يبلغ عددهم أكثر من 30 دولة وهو عدد يمثل سدس الدول الأعضاء تقريبا في الأمم المتحدة.
المسار الثاني: على المستوى المحلي، كان نهجا أكثر تفتحا وتفهما وربما يكون إصلاحيا بنظرة شمولية أكبر، فمن الطبيعي في بلد يتكون فيه النظام الطبي من الأيورفيدا، والسيدها، والأوناني، والمعالجة المثلية ويقوم على استهلاك وإنتاج حوالي 6/7 آلاف نوع من النباتات الطبية، أي ما يقارب 35-40% من إجمالي عدد النباتات الطبية، أن تكون هنالك أفضلية تنافسية عالية له مقارنة لأي دولة أخرى في العالم.
عملت الحكومة الهندية على توفير مناخ العمل المناسب للسكان المحليين وهم الحلقة الأولى في هذه الصناعة وذلك من خلال تطوير المشاريع الداعمة والمنشآت وسلاسل الإمداد والتموين وتوفير الدعم المناسب لكل الأيدي العاملة في هذه العملية، حيث يعتمد النمو الاقتصادي لهذه المجتمعات المعنية بشكل مباشر على التنوع المتاح للموارد الطبيعية واستخدامها المستدام.
على صعيد خلق فرص العمل، فقد أدت السياسات التى انتهجتها الهند في أن يصل تعداد العاملين في استخراج النباتات الطبية والمواد الطبية إلى ما يقرب حوالي 270 مليون شخص، حيث إنهم يتحصلون على سبل عيشهم من خلال المنتجات النباتية والعطرية، فالعديد من النباتات ومنتجاتها المصنعة لها طلب هائل في الأسواق الخارجية المتقدمة، مثل: نباتات التروبان الحاملة للقلويد، سابوجينين، السنا، الكينا وزهرة الخشخاش... إلخ.
تقدر الهند صادراتها من المواد الخام العشبية المستخدمة في الأدوية المصنعة إلى مختلف البلدان المتقدمة بنحو 860 مليار روبية هندية وهو ما يعادل أكثر 10 مليارات ونصف المليار دولار أمريكي، بلغت قيمة صادرات منتجات الأيورفيدا أو الأعشاب حوالي 539 مليون دولار من الهند في عام 2021، ويقدر إجمالي تجارة الأعشاب العالمية حاليا بنحو 120 مليار دولار.
يقول السيد سونوال وزير آيوش، «إن ما انتهجته الهند لن يغير الرعاية الصحية فحسب، بل سيغير أيضا نهج دور الهند في مجال الطب التكميلى في العالم، ويستطرد أنه بين عامي 2019 و 2020، ارتفعت الصادرات بنسبة 45%، فحقق سوق النباتات الطبية في الهند ما يقرب من 4.2 مليارات روبية (56.6 مليون دولار) في عام 2019 ومن المتوقع أن تزداد بمعدل نمو سنوي مركب 38.5% إلى 14 مليار مليار روبية (188.6 مليون دولار أمريكي) بحلول عام 2030.
مؤخرا أصبح هنالك فجوة كبيرة بين العرض والطلب على النباتات الطبية لتصنيع أدوية الأيورفيدا في الهند، فوفقا لـ «مسح أجرته وزارة التجارة الهندية» للنباتات الطبية ذات الأولوية زاد الطلب على النباتات الطبية عالية القيمة بنسبة 50%، بينما انخفض التوافر بنسبة 26%.
ختاما، ينبغي للتجربة الهندية أن تكون محط دراسة و نظر للاستفادة منها في المملكة العربية السعودية، ويجدر إنشاء مبادرة تعنى بالاستقصاء والبحث والدراسة لكل أنواع الأعشاب التي تذخر بها المملكة باختلاف مناطقها، والتي ربما يكون منها ما هو نادرا ولا يوجد إلا بهذه البلاد المباركة، ولا سيما مع دعم سمو سيدي ولي العهد للمحميات الملكية السعودية والتي تعنى بالحياة الفطرية، كما سيساعد وجود المركز الوطني للطب البديل والتكميلي على جذب الكثير من الممارسين والباحثين حول العالم، حيث إن ممارسة الأعشاب أصبحت ممارسة معتمدة ومرخصة من قبل المركز، وهذا بدوره سيساعد على صناعة الأعشاب، وخلق فرص عمل متنوعة، فالرؤية الطموحة رفعت سقف الأمنيات فوق هام السحب.
SaadBaslom@
التوجه نحو الطبيعي
إلى جانب كون النباتات الطبيعية هي أحد المصادر الأساسية في المواد الخام للمركبات الكيميائية التى تصنع منها الأدوية والعقاقير المعالجة كيميائيا، فهنالك توجه عالمي واضح إلى الاعتماد على الصورة الأولية لهذه النباتات باختلاف أشكالها، وهذا يعود إلى كمية التعقيدات الكثيرة والكيميائية التى تجتاح العالم في كل مجال والتي خلقت أثرا سلبيا من مواد مصنعة وأدوية كيميائية تحوي أضرارا جانبية لا يمكن تفاديها في أغلب الأحيان، وإذا نظرنا إلى الصورة الأكبر نجد أن العالم يتوجه كذلك نحو كل ما يؤدي إلى انبعاثات كربونية أقل حفاظا على درجة حرارة هذا الكوكب إلى جانب الاعتماد على المواد الخضراء التي تحافظ على البيئة.
إلى جانب هذا فإن صناعة المنتجات الطبيعية النباتية تؤثر أول ما تؤثر اقتصاديا على الحلقة الأهم في السياسات الاقتصادية وهو المواطن البسيط والتي تبدأ السلسلة الاقتصادية في هذه الحالة من عنده، إذ إن هذه التجارة على المستوى المحلي تلعب دورا مهما في إضافة إيرادات وأرباح إلى الطبقات الفقيرة في العالم كله وخاصة المجتمعات القبلية ذات الطبيعة الديموجرافية الخاصة في بلاد كثيرة ولا سيما منها الهند.
التأثير الاقتصادي
عالميا، تخبرنا الإحصائيات إلى أن نحو 25% من سكان معظم البلدان يعتمدون على الموارد النباتية في معيشتهم، ويعتمد حوالي 80% من سكان البلدان النامية على المنتجات النباتية، وأكثرها استخداما هي الأدوية والمواد الغذائية، الهند هي مصدر رئيس للنباتات الطبية وقدر حجم التجارة في المواد الخام والأدوية من النباتات الطبية أكثر من 860 مليون روبية في العام 2012، يتم سنويا تصديره من الهند إلى باقي أنحاء العالم، في الهند، يستمد أكثر من 41 مليون نسمة من سكان الهند أرباحهم من هذه المنتجات، إضافة إلى كونها واحدة من المصدرين الرئيسيين للعقاقير الخام بشكل رئيس إلى الدول المتقدمة.
لكن الحياة لم تكن وردية، في العام 2016 كانت حصة الهند في سوق الأدوية العشبية العالمي 0.5% فقط -هذا الرقم قد تضاعف إلى ما هو أكثر من ذلك-، على الرغم من كونه رقما يبدو متفائلا نظير الخطوات التى تم اتخاذها قبلها بعامين، إلى أن الأمر لم يكن كذلك على المستوى الحكومي، فانطلقت التصريحات من وزارة آيوش وقتها معربة عن خيبة آمالها فيما كان عليه الحال، وأضافت إلى أن هذه الصناعة لا تتلق الدعم الكافي لصناعة الأعشاب، كما أعزت ذلك أيضا إلى أن السبب الأكبر هو الاعتقاد السائد بعدم جدية هذه الممارسات وتلك الصورة النمطية السائدة عن أن ممارسات الطب التكميلي سواء العلاجات أو صناعة الأعشاب الطبية لا تزيد عن كونها إرث من الماضي السحيق الذي لم يعد يعمل مع كل هذه التطورات المتسارعة في هذا العالم.
هذا الاعتقاد يعكس التجلي الواضح والصريح لعبارة old names dies slowly، وهذا طبيعي على الرغم من الزخم الذي أحدثته الهند قبل ذلك بأعوام تجلى غايته قبل هذا بعامين بعام 2014 في إنشاء الوزارة نفسها وكل تلك الخطوات المتسارعة وغير العادية، إلا أنه كما هي العادة في أن الأسماء القديمة تموت بصعوبة كما يبلغنا المثل الإنجليزي الشهير وكذلك الانطباعات والصور الذهنية الأولى عن الأشياء تموت هي كذلك ببطء وصعوبة!
لكن رب ضارة نافعة وما تحسبه شرا، قد يعطي لك تبصرة على أهمية استدراك موقفك وإعادة التفكير مرة أخرى من جديد عن ماهية الأمور التى تقوم بها وهل هي الطريقة الأمثل لتحقيق أهدافك، فمن الضروري أن نستدرك هنا أن حديثنا قائم على جزئية اقتصاد الأعشاب والمواد الخام الهندية والأيورفيدا - لأن الأمر كان رائعا على مستويات السياحة العلاجية التي كانت قائمة على ممارسات الطب التكميلي الهندية الأصيلة وكانت في ارتفاع مطرد.
في العام 2016، وقعت الحكومة الهندية مذكرة تفاهم وتعاون مع منظمة الصحة العالمية لتطوير بروتوكول عالمي لتعزيز صناعة الأدوية والأعشاب التكميلية التي ستساعد أنظمة الطب الهندية على اكتساب قبول أفضل على المستوى الدولي، وربما كانت تلك خطوة استباقية وردة فعل متوقعة لتوقيع الهند هذه المذكرة، فإن ذلك الجهد الذي تم بذله أيضا مع أكثر من ثلاثين دولة حول العام سوف يأتى أكله أيضا.
الثورة الهندية
اعتمدت الهند في خطتها الجديدة على مسارين متوازيين، أولا: المسار العالمي المعني بتوقيع البروتوكولات واتفاقيات التعاونات المشتركة وتعميم الاستخدام ونشر الوعي بالأيوروفيدا والطب التكميلي أوالأعشاب الهندية مع منظمة الصحة العالمية والاتفاقيات المباشرة مع بعض دول العالم والذين يبلغ عددهم أكثر من 30 دولة وهو عدد يمثل سدس الدول الأعضاء تقريبا في الأمم المتحدة.
المسار الثاني: على المستوى المحلي، كان نهجا أكثر تفتحا وتفهما وربما يكون إصلاحيا بنظرة شمولية أكبر، فمن الطبيعي في بلد يتكون فيه النظام الطبي من الأيورفيدا، والسيدها، والأوناني، والمعالجة المثلية ويقوم على استهلاك وإنتاج حوالي 6/7 آلاف نوع من النباتات الطبية، أي ما يقارب 35-40% من إجمالي عدد النباتات الطبية، أن تكون هنالك أفضلية تنافسية عالية له مقارنة لأي دولة أخرى في العالم.
عملت الحكومة الهندية على توفير مناخ العمل المناسب للسكان المحليين وهم الحلقة الأولى في هذه الصناعة وذلك من خلال تطوير المشاريع الداعمة والمنشآت وسلاسل الإمداد والتموين وتوفير الدعم المناسب لكل الأيدي العاملة في هذه العملية، حيث يعتمد النمو الاقتصادي لهذه المجتمعات المعنية بشكل مباشر على التنوع المتاح للموارد الطبيعية واستخدامها المستدام.
على صعيد خلق فرص العمل، فقد أدت السياسات التى انتهجتها الهند في أن يصل تعداد العاملين في استخراج النباتات الطبية والمواد الطبية إلى ما يقرب حوالي 270 مليون شخص، حيث إنهم يتحصلون على سبل عيشهم من خلال المنتجات النباتية والعطرية، فالعديد من النباتات ومنتجاتها المصنعة لها طلب هائل في الأسواق الخارجية المتقدمة، مثل: نباتات التروبان الحاملة للقلويد، سابوجينين، السنا، الكينا وزهرة الخشخاش... إلخ.
تقدر الهند صادراتها من المواد الخام العشبية المستخدمة في الأدوية المصنعة إلى مختلف البلدان المتقدمة بنحو 860 مليار روبية هندية وهو ما يعادل أكثر 10 مليارات ونصف المليار دولار أمريكي، بلغت قيمة صادرات منتجات الأيورفيدا أو الأعشاب حوالي 539 مليون دولار من الهند في عام 2021، ويقدر إجمالي تجارة الأعشاب العالمية حاليا بنحو 120 مليار دولار.
يقول السيد سونوال وزير آيوش، «إن ما انتهجته الهند لن يغير الرعاية الصحية فحسب، بل سيغير أيضا نهج دور الهند في مجال الطب التكميلى في العالم، ويستطرد أنه بين عامي 2019 و 2020، ارتفعت الصادرات بنسبة 45%، فحقق سوق النباتات الطبية في الهند ما يقرب من 4.2 مليارات روبية (56.6 مليون دولار) في عام 2019 ومن المتوقع أن تزداد بمعدل نمو سنوي مركب 38.5% إلى 14 مليار مليار روبية (188.6 مليون دولار أمريكي) بحلول عام 2030.
مؤخرا أصبح هنالك فجوة كبيرة بين العرض والطلب على النباتات الطبية لتصنيع أدوية الأيورفيدا في الهند، فوفقا لـ «مسح أجرته وزارة التجارة الهندية» للنباتات الطبية ذات الأولوية زاد الطلب على النباتات الطبية عالية القيمة بنسبة 50%، بينما انخفض التوافر بنسبة 26%.
ختاما، ينبغي للتجربة الهندية أن تكون محط دراسة و نظر للاستفادة منها في المملكة العربية السعودية، ويجدر إنشاء مبادرة تعنى بالاستقصاء والبحث والدراسة لكل أنواع الأعشاب التي تذخر بها المملكة باختلاف مناطقها، والتي ربما يكون منها ما هو نادرا ولا يوجد إلا بهذه البلاد المباركة، ولا سيما مع دعم سمو سيدي ولي العهد للمحميات الملكية السعودية والتي تعنى بالحياة الفطرية، كما سيساعد وجود المركز الوطني للطب البديل والتكميلي على جذب الكثير من الممارسين والباحثين حول العالم، حيث إن ممارسة الأعشاب أصبحت ممارسة معتمدة ومرخصة من قبل المركز، وهذا بدوره سيساعد على صناعة الأعشاب، وخلق فرص عمل متنوعة، فالرؤية الطموحة رفعت سقف الأمنيات فوق هام السحب.
SaadBaslom@