زهير ياسين آل طه

الأيزو مدخل لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي

الاحد - 06 أغسطس 2023

Sun - 06 Aug 2023

موافقة مجلس الوزراء بإنشاء «المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي» ومقره الرياض في اجتماع المجلس في 25 يوليو 2023؛ خطوة ناجحة وموفقة بكل المقاييس، وخرجت في وقتها بما تعنيه سياسة التسارع والتقدم للأمام في مضمون الاحتواء والسيطرة، ويمثل قمة الذكاء الاستراتيجي التي تقوم عليه عمليات إدارة الابتكار وأنظمتها المحرزة لإدارة المخاطر المتغيرة مع الوقت.

وهدف تأسيس المركز واضح لكل من يعي خطورة التسابق في تطوير وانتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي بسرعة، بغض النظر عن فوائده الكبيرة التي يشهد نتائجها وتأثيرها العالم، لدرجة صعوبة تتبعه لتقييمه وتحييده للمصلحة بدون وجود مرجعيات ومراكز أبحاث تعمل على تطوير وتبيان أخلاقيات التعامل به ومعه، وتكشف مدى ظهور بعض الانحياز والتمييز في خوارزميات البرمجة لمن يقصد التمييز أو يغفل عنه.

اتخاذ المرجعيات التوصيفية بمعنى المواصفات عالميا لدعم أي تأسيس جديد لمركز أو هيئة أو جمعية ولمن يسعى لتحقيق وتسريع أهداف تطويرية استراتيجية كأهداف رؤية المملكة 2030 المباركة؛ هو ضرورة تكتيكية على المدى القريب وضرورة تنظيمية استراتيجية على المدى البعيد.

والمرجعيات لها حاجة ماسة توجيهية وإرشادية وسند يستند عليه في توضيح الغموض والتشتت الذي ينشأ في البداية لأي فكرة تخرج ويقترح تحويلها لأمر تنفيذي، ولها السبق في حركة النضج في ترتيب وفلترة الأفكار التي تنطلق كردة فعل سريعة متطلبة أو من العصف الذهني المقنن باتجاهيه «التوليدي للجديد والتطويري الارتدادي للأفعال والدراسات»، كون الأفكار تظل تخرج وتتبلور بدون توقف مقابل التطوير المرتبط بالتقييم والقياس، وهي تؤصل وتؤكد وتترجم الحاجة والقناعة والثقة في إطلاق التأسيس المبني على الوضوح والمؤطر بإطار المرجعية والشواهد والتجارب، والمبسط للمختص وغير المختص التي تسعى له المرجعيات ومنها الأيزو العالمية، حتى يتقلص ويتلاشى الاعتراض والنقد العشوائي المثبط للعزيمة خوفا من الجهد المبذول في التغيير.

وللأسف فإن الاعتراض هو ديدن المعطلين لهندسة التغيير والتطوير الا إذا أجبروا طواعية بسبب هيمنة الثورة الصناعية الرابعة الرقمية الذكية وتسارعها، وموجود لمن يريد أن يفحص بعض المواقع المعنونة بالتطوير، والتي تتعجب أن ترى فيها ولا يزال من لا يرغب ويعترض في تقنين الابتكار وإدارته ضمن سياسته، واعتباره أمرا هامشيا مع أن الرؤية وقبلها التحول مبني على الابتكار، والإصرار منهم أن الابتكار هو أمر داخلي ويتطور في الفرد بدون وضع إطار هيكلي يديره ويوجهه ويقيمه ويقيسه للتطوير، فهؤلاء نظرتهم ضيقة في فهم الذكاء الاستراتيجي، وهم بحاجة لتوعية وإرشاد وتوجيه.

فحينما تخرج قريبا مواصفة إدارة نظام الابتكار ISO56001 المتطلبة وليست الإرشادية ISO56002؛ فمن المفترض إلزام الحصول عليها وعلى متطلبات الذكاء الاصطناعي أيضا في مواصفة ISO/IEC CD 42006 تحت التأسيس للمتخصصين من القطاعات الرقمية كما الجودة ISO9001، مما يستدعي الترتيب والتجهيز لهما من الآن، لتكون قطاعات المملكة من أوائل الحاصلين على التوثيق عالميا.

التجوال خيالي ومبهر في عالم ضخم من المعرفة والمعلومات الفريدة لمن يرغب في المغامرة بثقة ليكتشف ويمتلك من كنوز المواصفات المرجعية في الأيزو في الذكاء الاصطناعي تحت عائلة ISO/IEC JTC 1/SC 42، التي انطلقت في عام 2017 وما تحويه من 20 مواصفة منشورة و27 أخرى تحت التأسيس لمواضيع متعددة ومنها الأخلاقيات والتمييز والانحياز.

وتشترك في التأسيس والمراقبة 58 دولة بخبرائها المتخصصين والمميزين ومنها السعودية كعضو مشارك، ونحن نتشرف بمشاركتنا وتمثيلنا للمملكة مع فريق فني من الخبراء من سدايا وجامعة الملك سعود و STC ووزارة الصناعة والثروة المعدنية باسم الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة.

والكم الهائل من المواصفات في عائلة واحدة بمجموع 47 وفي فترة وجيزة بالمقارن، يظهر مدى الأهمية القصوى لتداعيات التسارع في الذكاء الاصطناعي في سرعة الاحتواء والانتهاء والتصديق بعد التصويت والتوليد للجديد.

وللتلخيص؛ فالمرجعية تتحدث بمعنى تتجدد دوريا بعد عدة سنوات، وأيضا تتحدث بمعنى تنطق مضمونا بما تملكه من معلومات وافية في كيفية الانطلاق والتطوير، فاندماج وخضوع مفهومي تتجدد وتنطق للفحص والقولبة المستمرة من خلال الأبحاث في تطوير ما تم في المرجعيات المتقدمة ذات الأسبقية في الذكاء الاصطناعي المتشعب ISO/IEC JTC 1/SC 42، وتحديدا في ماكينة البحث الذكية المتقدمة في رعاية استكشاف معلومات أو صياغة نصوص معينة مثلا كما تفعله Google BARD وChatGPT أو في تصرفات برمجة تعلم الآلة والتعلم العميق في الروبوتات والتطبيقات؛ فسوف يعتبر الأداة واليد التي تقبض وتقيد الانحرافات والتمييز في المخرجات والخروج عن الأخلاقيات، بسبب عمليات البرمجة وتوجهات من يوجهها أو يعتمد عليها كليا وبثقة، لتتصرف بذاتها بدون قيود، اعتقادا خاطئا بعدم أهمية الذكاء الهجين الجماعي بين النسان والآلة في التحكم، والذي تحدثت عنه وبشواهد علمية في مقالات سابقة ومنها مقال بعنوان « قادة 2030 مع مسك.. والذكاء الهجين الجماعي» عام 2021.

(الذكاء الإنساني + الذكاء الاصطناعي = الذكاء الهجين الجماعي).

من الأمثلة العلمية التي تشرح بوضوح التداعيات السلبية لارتدادات التعامل مع الأخلاقيات والانحياز والتمييز والتي سأورد واحدة منها كشاهد، مما يضع الأمور تحت المجهر لتفادي الاستعجال في التقييم غير العادل، لأجل التعمق في تطوير الأبحاث وأساليبها في خوارزميات البرمجة المضادة التي تكشف الانحراف في الأخلاقيات، حتى لا تصبح هي منحرفة ومخلة بالأخلاقيات ومشاركة أيضا بغير قصد.

ففي ورقة علمية نشرت في 10 يوليو 2023 في مجلة Patterns، بعنوان: «GPT detectors can be biased against non-native English writers»

أظهر الباحثون أن برامج الكمبيوتر المستخدمة لكشف ما إذا كان النص مكتوبا بواسطة الذكاء الاصطناعي، تشير إلى تسمية المقالات التي كتبها متحدثون بلغة غير أصلية على أنها بواسطة الذكاء الاصطناعي، لذلك يحذر الباحثون في هذه الورقة من استخدام أجهزة الكشف عن النص بالذكاء الاصطناعي لعدم موثوقيتها، مما قد يكون له آثار سلبية على الأفراد بما في ذلك الطلاب والمتقدمين للوظائف.

zuhairaltaha@