وليد الزامل

التخطيط العمراني والموسيقى بين فن القيادة والإبداع!!

السبت - 05 أغسطس 2023

Sat - 05 Aug 2023

في هذا الوقت من كل عام يكتمل تسجيل طلاب وطالبات الجامعة في المسارات التخصصية ويبدأ البعض في إعادة التفكير مليا بالتخصص أو التحويل بين المسارات.

في الواقع، يخشى العديد من الطلاب اتخاذ قرار حاسم لاختيار التخصص؛ ربما قاموا باختيار خاطئ فيما مضى، أو استمعوا لمشورة يغلب عليها التحيز والاندفاع غير المدروس.

لكن ليس من السهل اختيار بديل آخر عند فوات الأوان.

يعيش الطالب في دوامة الاختيار ما بين تخصص الاقتصاد، والعلوم الاجتماعية، والإدارة، والقانون، والهندسة، والطب.

وللحق فجميع هذه التخصصات تستفيد وتتكامل فيما بينها، ولا يمكنها العمل بمعزل عن الآخر.

أتذكر عندما كنت طالبا مبتعثا في مرحلة الماجستير طلب مني الأستاذ أداء تمرين لاستقصاء الخلفية العلمية لتخصص آخر ومحاولة استيعاب القواسم المشتركة بينه وبين تخصص التخطيط العمراني.

كان الهدف من التمرين يتمثل في بناء تحليل مقارن بين التخصصات الجامعية.

وحتى لا أعيش في دوامة المقارنات بين التخصصات العمرانية جاء اختياري لزميل متخصص في الموسيقى.

كان هذا الزميل يحضر معه دائما أدواته الموسيقية إلى قاعة المحاضرات وكانت فرصة سانحة لي لعمل الدراسة الاستقصائية حول هذا التخصص، لقد وجدت من خلال تلك الدراسة الاستقصائية بعض الاختلافات الجوهرية بين تخصص الموسيقى والتخطيط العمراني تتمثل بالفترة الزمنية للبرنامج، ومتطلبات الدورات، والخصائص الذاتية للطالب، وفرص العمل المستقبلية، ومع ذلك، كانت هناك العديد من القواسم المشتركة بينهما.

أولا، يدرس طلاب الموسيقى دورات تتعلق بالموسيقى مثل تاريخ الموسيقى ونظرية الموسيقى وتقنيات الهندسة الصوتية، وقواعد الموسيقى؛ ويتم التركيز على الدورات التدريبية التي ترتبط بممارسة التخصص.

في حين تركز برامج التخطيط العمراني على الدورات ذات العلاقة بالمدن مثل مراحل تخطيط المدن، ونظريات التخطيط، وسياسات الإسكان، واستعمالات الأراضي، وتخطيط النقل، وتتطلب جميع مدارس التخطيط إكمال مواد مرحلية خاصة مثل استوديو المشروع العمراني وهو درس يختلف عن المحاضرة التقليدية لكونه يعتمد على المهارات الإبداعية والتحليل المنطقي والمناقشات التي تولد أفكارا إبداعية بجهود تبذل من الطالب والأستاذ معا.

ثانيا، معظم خريجي الموسيقى يمكنهم العمل كمعلمين، وفنانين، وممارسين سواء في القطاع الخاص أو العام؛ وكذلك يمكن لخريجي التخطيط العمراني العمل في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي مثل وزارات الإسكان والأشغال العامة والبلديات ووزارات التخطيط وحتى القطاع العسكري.

وغني عن البيان أن جميع الخريجين المتميزين لديهم القدرة على إيجاد وظائف جيدة، وكسب رواتب عالية.

ثالثا، يقضي الطلاب في كلا التخصصين أوقات طويلة في إنجاز المشاريع وإجراء البروفات والعروض التقديمية، كما يستخدمون مجموعة من الأدوات والأجهزة والبرامج التي تساعدهم في إنجاز الواجبات أو المشاريع التطبيقية.

ويعتمد كلا التخصصين على المهارات الذاتية للطالب والموهبة والقدرة على الاستقراء والتحليل.

وأخيرا، يشترك التخصصان في كونهما أعمالا جماعية تتسم بالتنظيم، والإدارة، وفن التوجيه، وضبط الإيقاع بدقة؛ فالموسيقي يتميز بالإحساس المرهف، والقدرة على توليف اللحن الذي يتلاءم مع ثقافة المجتمع في منظومة بديعة دون نشاز؛ إذ لا يجتمع الإبداع والنشاز في آن واحد.

وكذلك المُخطط فهو كقائد الأوركسترا تقع على عاتقه إدارة وتوزيع الأدوار في المدينة بطريقة منظمة؛ فالتخطيط والعشوائية لا يجتمعان في آن واحد.

waleed_zm@