حياة محمد العلياني

التغييرات والتحديات في عالم الذكاء الاصطناعي

الأربعاء - 02 أغسطس 2023

Wed - 02 Aug 2023

هناك الكثير مما يمكن قوله بشأن الشيء الذي يجعل التغيرات والتحديات من سباق تسلح الذكاء الاصطناعي الذي يهيمن على شركات التقنية، إلى الانفاق الضخم من شركات كبرى تسير على خطى قوقل ومايكروسوفت، ومن المتوقع أن يجلب الذكاء الاصطناعي عوائد كبيرة لشركات التقنية، وهو ما يدفعهما للقيام بالمزيد من الاستثمارات، فقد أصبح العلم اليوم أكثر ديناميكية؛ لأن العالم أصبح يتمتع بحرية أكثر في تخيل الواقع وبنائه، حيث أنفقت مايكروسوفت ميزانية لبناء مراكز بيانات جديدة لدعم مشاريعها في مجال الذكاء الاصطناعي وإتاحة أدوات خاصة لشركات أخرى من خلال خدمات الحوسبة السحابية.

لا أحد يقلل من قيمة أهمية الذكاء الاصطناعي؛ لأنها تعمل على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها عن طريق أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب القوة البشرية فيما مضى، ويقتضي بلوغ هذه الغاية معرفة الطبيعة التقنية المطلوبة بالقدر الكافي لاكتساب ما نصبو إليه وفهم البيانات على نطاق واسع إذ لا يمكن لأي إنسان تحقيقه، وهذه القدرة يمكن أن تعود بمزايا كبيرة على الأعمال.

وقد يعتبره البعض أمرا مبالغا فيه، مقارنة بالقدرات التي تتمتع بها هذه التكنولوجيا حاليا، إلا أن التنامي المتسارع لسلطة هذا الذكاء منذ نهاية 2022 وحتى الآن، أثار مخاوف لدى الكثير وما تخبئه هذه التكنولوجيا في المستقبل، ويغدو جليا إدراك هذه النقلة الضخمة، حيث بات هذا الموضوع نقطة جذب على أعلى المستويات، بمن فيهم الرؤساء التنفيذيين لشركات OpenAI و Anthropic وقوقل.

وبالتالي ينبغي أن نطرح ما يفيد من العلوم للاقتراب من الأهداف المنشودة، وهذا الخوف الكبير من سيناريوهات تحول الذكاء الاصطناعي إلى تقنية عدائية تجاه البشر، هو الذي دفع كبرى الشركات في وادي السيليكون، إلى التجاوب مع الجهود التي يقودها البيت الأبيض، للحد من مخاطر هذه التكنولوجيا، فإذا كان السعي إليها باعتبارها وسائل فإنها لن تتخطى درجة معينة، وبدلا من أن تضر فإنها ستساعد كثيرا على بلوغ أهدافها المرسومة، لذلك تم الإعلان مؤخرا من أمازون وقوقل وميتا ومايكروسوفت، وهي جميعها شركات تقود التطوير التكنولوجي بسرعة فائقة تسابق الزمن.

وقدمت الشركات المذكورة التزامات طوعية، تهدف إلى ضمان أمان منتجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وذلك من خلال إشراف طرف ثالث مستقل على البرمجيات التي تطورها قبل إطلاقها على صعيد تجاري، كما التزمت الشركات سابقة الذكر، بالإبلاغ عن نقاط الضعف والعيوب، والمخاطر في أنظمتها للذكاء الاصطناعي، وإضافة إلى ذلك تعهدت هذه الشركات بإظهار علامات مائية رقمية، على الصور التي ينتجها الذكاء التوليدي، لمساعدة المستخدمين على التمييز بين الصور الحقيقية والصور المركبة.

من هنا تأتي أهمية هذه التساؤلات التي تقول هل العالم يحلق في الخيال؟ وكيف يمكن إعادته إلى الواقع مجددا؟ ولماذا يكون التغيير صعبا، وكيف يتم التعامل معه وتفادي الخطر الذي يحذرون منه؟ ساور القلق الكثير ومنهم فئة مشاهير هوليوود حيث أعرب عدد من وجوه السينما والتلفزيون الأمريكيين البارزين، ومن بينهم نجم «بريكنغ باد»، براين كرانستون، في كلمات ألقوها خلال تجمع حاشد في ساحة تايمز سكوير الشهيرة في نيويورك، عن دعمهم الممثلين الذين ينفذون إضرابا منذ نحو أسبوعين.

وقال براين كرانستون، الذي تحدث عن مخاوفه من الذكاء الاصطناعي أمام حشد كثيف من المضربين والمؤيدين المتجمعين في هذه الساحة الواقعة ضمن منطقة برودواي الشهيرة بمسارحها: «لن نسمح بإلغاء وظائفنا وإسنادها إلى الروبوتات»، بدأت المخاوف من أجهزة الذكاء الاصطناعي عام 2010م، وقد تحدث عن هذه المخاوف عدة شخصيات مهمة مثل ستيفن هوكينج وبيل غيتس وإيلون ماسك، وأصبحت النقاشات حول خطورة هذه الأجهزة واسعة، بسيناريوهات مختلفة.

وأحد تلك المخاوف هو القلق من انفجار المعلومات الاستخبارية بشكل مفاجئ يسبق البشر، ففي أحد السيناريوهات استطاع برنامج حاسوبي من مضاهاة صانعه، فكان قادرا على إعادة كتابة خوارزمياته ومضاعفه سرعته وقدراته خلال ستة أشهر من زمن المعالجة المتوازية، وثمة ضرب من المفارقة هنا في هذا التقابل حيث يستغرق برنامج الجيل الثاني ثلاثة أشهر لأداء عمل مشابه، وقد يستغرق مضاعفة قدراته وقتا أطول إذا كان يواجه فترة خمول أو أسرع إذا خضع إلى ثورة الذكاء الاصطناعي والذي يسْهل تحوير أفكار الجيل السابق بشكل خاص إلى الجيل التالي.

يبدو أن السيناريو يمر بالنظام لعدد كبير من الأجيال التي تتطور في فترة زمنية قصيرة، وتصل إلى أداء يفوق المستوى البشري في جميع المجالات، فما هي الأجوبة الممكنة على كل الأسئلة السابقة الذكر؟ وماهي المفاهيم اللازم العمل عليها لمعالجة هذه الإشكالية عند البعض؟