هل يختبئ تنظيم القاعدة تحت الأرض؟

فورين بوليسي: مقتل الظواهري فاقم المشاكل والجيل المؤسس بين الموت والعزل
فورين بوليسي: مقتل الظواهري فاقم المشاكل والجيل المؤسس بين الموت والعزل

الأربعاء - 02 أغسطس 2023

Wed - 02 Aug 2023

عام كامل مر على مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بغارة أمريكية عبر طائرة مسيرة على بيت ضيافة تابع لطالبان في كابول، وحتى الآن لم يعلن التنظيم الإرهابي الذي شغل العالم سنوات طويلة عن خليفة للظواهري.

يعتبر الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية دانيال بايمان في تحقيق نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، ذلك دليلا على أن التنظيم الذي كان وراء ضرب برجي التجارة العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية، لم يعد لاعبا رئيسا في أجندة الإرهاب الإقليمية أو العالمية.

ويرى أن القاعدة مع الجماعات التابعة لها، عانت كثيرا في السنوات الماضية من ضربات متكررة، مما جعلها تختفي بشكل شبه كامل عن عناوين الأخبار اليومية ومحادثات السياسة الخارجية الأوسع في واشنطن، وتعيش تحت الأرض.

تراجع الهجمات

وفي نظرة سريعة على عدد الهجمات الإرهابية القاتلة في الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر، يبدو تراجع التنظيم على مستوى القدرات والتأثير الأيديولوجي.

وفق بيانات لمؤسسة أمريكا الجديدة، حيث قتل الإرهابيون 107 أمريكيين على الأراضي الأمريكية منذ 11 سبتمبر، مقارنة بـ130 قتلوا على يد إرهابيين يمينيين، ولم يوجه التنظيم الأساسي الذي قاده الظواهري أي هجوما على الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر، وبعد موجة من الهجمات الدموية في أوروبا، لم يشن هجوما هناك منذ هجمات لندن سنة 2005.

وفي أوروبا، حققت المجموعات المرتبطة نجاحا أكبر، كما حصل مع هجوم 2015 على رسامي مجلة شارلي إيبدو الكاريكاتورية، لكن عملياتها انخفضت أيضا في السنوات الأخيرة، حيث نفذ تنظيم داعش هجمات أكثر من التنظيمات التابعة للقاعدة، بما في ذلك عمليات إطلاق نار وتفجيرات انتحارية مدمرة في باريس وبروكسل سنتي 2015 و2016 على التوالي، لكن نمطا من التراجع واضح في أوروبا.

انقسامات ومشاكل

عانت الجماعات التابعة للقاعدة والتي كانت قوية في السابق مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية والجماعات المرتبطة بها في الفلبين وسوريا ودول أخرى من خسائر قيادية عدة وانقسامات داخلية ومشاكل منهكة أخرى، مما يصعب عليها شن هجمات خارجية.

ووفقا للتقرير فإن قياس الدعم الإجمالي أمر صعب، لكن المقاتلين الأجانب لم يعودوا يتدفقون إلى أماكن مثل أفغانستان والعراق وسوريا، حيث كانت قوة تنظيمي داعش والقاعدة في تصاعد سابقا، وأصبحت الآن أضعف بكثير، ولا تبدو الصورة ليست كلها سيئة بالنسبة إلى الإرهابيين، إذ تظهر منظمات إرهابية جديدة في أفريقيا، وتزدهر مجموعات قوية مثل حركة الشباب في الصومال.

لكن التراجع واضح في معظم أنحاء العالم.

ويعود جزء من هذا الضعف إلى الحرب الداخلية التي اندلعت في 2013 ضمن الحركة الإرهابية بين القاعدة وفرعها الناشئ آنذاك، تنظيم داعش في العديد من البلدان الإسلامية، وعلى الأخص أفغانستان وأجزاء من الساحل وسوريا، شنت القاعدة وحلفاؤها حربا مباشرة ضد تنظيم داعش المنافس وما يسمى بـ»الولايات».

اقتتال داخلي

أسهم الاقتتال الداخلي إلى إضعاف صدقية الحركتين، الحركة أيضا مجزأة ومحلية، حيث تركز معظم المجموعات المرتبطة، من مالي إلى نيجيريا وأفغانستان، بشكل شبه حصري الآن على الحرب الأهلية المحلية أو عمليات التمرد التي تقاتل فيها.

ويقلل هذا التحول في التركيز من فرصة وقوع هجوم إرهابي دولي، ربما يمكن لبعض الجماعات الإرهابية، مثل تلك الموجودة في غرب أفريقيا، أن تشن هجوما إرهابيا على الغرب إذا بذلت هذا الجهد، لكن وحشيتها موجهة نحو بلدانها وجيرانها، حيث يموت الآلاف من الناس، وكثير منهم مسلمون، من الهجمات الإرهابية والحروب الأهلية التي تتورط فيها جماعات إرهابية.

أدت الضربات الأمريكية بطائرات من دون طيار إلى تدمير صفوف كبار قادة القاعدة وغيرهم من الشخصيات الجهادية بلا هوادة، حتى عندما يحاولون الاختباء في مناطق نائية من باكستان والصومال واليمن.

اليوم، لدى تنظيم القاعدة الأساسي «أقل بكثير» من 200 مقاتل وفق وكالة استخبارات الدفاع.

تحت الأرض

ويرى الكاتب أن الحملة ضد تنظيم داعش أثبتت أيضا فاعليتها العالية، ففي ذروة ما يسمى بالخلافة سنتي 2014 و2015، سيطر التنظيم على ملايين الأشخاص وعلى أراض في العراق وسوريا بحجم بريطانيا العظمى، لكن بحلول 2019، دفع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الخلافة المزعومة إلى الاختباء تحت الأرض، ولا تزال الجماعة تشن هجمات في العراق وسوريا ولديها الآلاف من المقاتلين هناك، ولكن مثل العديد من المنتسبين للقاعدة، يبدو أنها تركز على الحرب الأهلية التي تخوضها وليس على الإرهاب الدولي.

وجعل التدريب المتواصل قوات الأمن أكثر قدرة واستعدادا لاستهداف الجماعات الإرهابية المحلية، في حين أن حملة استخبارات عالمية مستمرة تعطل الخلايا الإرهابية في جميع أنحاء العالم.

من الخطير على القادة الإرهابيين التواصل مما يصعب عليهم توجيه الجماعات والعناصر التابعة لهم، الأمر الذي يزيد من اللامركزية في الحركة، ومع ضعف المجموعات، تواجه صعوبة في التغلب على إجراءات التدقيق الصارمة في المطارات وضوابط السفر.

توزيع التنظيمات الإرهابية في العالم:

  • %30.10في أوروبا

  • %23.25 في آسيا

  • %10.52 في أفريقيا

  • %17.78 في أمريكا اللاتينية

  • %3.67في أمريكا الشمالية

  • %14.66 في العالم العربي


تراجع أمريكا

ويؤكد الكاتب دانيال بايمان أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أدى إلى تقليل عدد الأهداف الأمريكية القريبة وجعل الولايات المتحدة ببساطة أقل أهمية للمنطقة، غالبا على حساب النفوذ الأمريكي والاستقرار الإقليمي ، ويصعب ذلك دفع الجماعات المركزة على أهداف محلية إلى رؤية الولايات المتحدة على أنها العدو الرئيس لها.

وتظل أفغانستان علامة استفهام مهمة حسب الكاتب.

يبدو أن طالبان تقدر الشرعية الدولية لكن استضافتها للظواهري ورفضها العام لإبعاد نفسها عن القاعدة يثيران تساؤلات حول ما إذا كانت الجماعة ستسمح باستخدام أراضيها مرة أخرى لشن هجمات إرهابية دولية.

فاقم مقتل الظواهري العديد من المشاكل للحركة، حيث لا يوجد خلف واضح، فمعظم أفراد الجيل المؤسس ماتوا أو معزولون عن بقية الحركة مثل سيف العدل، مع عدم وجود قائد واضح، من الصعب على المنظمة الأساسية توجيه المجموعات التابعة لها أو حتى تشجيع الجهاديين غير المنتسبين على مهاجمة الولايات المتحدة. ولعل الأهم من ذلك أن الوقت لا يبدو أنه يصب في مصلحة القاعدة، حيث يتسم العالم الإرهابي بقدرة تنافسية عالية، ومع تباطؤ تنظيم القاعدة، تظهر أسباب وجماعات جديدة للتنافس على المال والمجندين بينما تستمر حملة مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة في إضعاف صفوفها.