عبدالمعين عيد الأغا

«لسان مولودي متضخم يا دكتور!»

الثلاثاء - 01 أغسطس 2023

Tue - 01 Aug 2023

لاحظت الأم بعد مرور 3 أسابيع من إنجاب طفلها أن لسانه متضخم، فظهر عليها الخوف من أن تكون هناك مشكلة كبيرة في صحته، وأن تضخم لسانه علامة لبداية الأعراض.

الواقع أنه عندما يولد المولود، فإن أول فحص تحليلي يتم إجراؤه هو تحليل «الغدة الدرقية»، وهو تحليل إلزامي لجميع المواليد وليس اختياريا، إذ يخضعون لهذا التحليل لقياس نشاط الغدة الدرقية، والاكتشاف المبكر ما إذا كان المولود «لا سمح الله» يعاني قصورا في الغدة الدرقية، فيُجرى هذا التحليل في الأسبوع الأول من حياة الطفل.

وهذه الغدة التي تتميز بشكل يشبه الفراشة، تتكون من فصين تربط بينهما منطقة مشتركة، وتقع أمام الرقبة والقصبة الهوائية، تحت غضروف الغدة الدرقية، وهي واحدة من أكبر الغدد الصم، وتزن 2-3 جرامات لدى حديثي الولادة، و20-60 جراما لدى البالغين.

ورغم سلامة نتائج فحص الغدة الدرقية عند الولادة، قد تظهر بعض أعراض القصور في الغدة لاحقا، وهذا ما يجعل معظم الأسر تستغرب من ذلك، وتبادر بسؤالها الطبيب المعالج بأن فحص الغدة عند الولادة كان سليما، فلماذا ظهرت بعض الأعراض الآن؟.

الجواب: أحيانا لا يكون القصور واضحا عند الولادة، لاحتواء المواليد على كمية كافية من هرمون الغدة الدرقية الذي اكتسبوه عن طريق مشيمة الأم خلال فترة الحمل، فلا يظهر في حينه، وهذا القصور يكون بسيطا جدا ولكنه قد يكتشف بعد أسبوعين أو ثلاثة إلى ستة أشهر، وقد يمتد عاما أيضا، وهذا القصور يعرف بالقصور الخلقي وليس المكتسب الذي لا يحدث منذ الولادة، وإنما يحدث خلال فترة الطفولة أو في مختلف مراحل حياة الإنسان، ويشترك مع قصور الغدة الدرقية الخلقي في بعض الأعراض، ولكن يعتبر قصر القامة أو زيادة الوزن من أهم أعراضه، ولا يؤثر على الذكاء والإدراك والاستيعاب لدى المصاب (عكس القصور الخلقي الذي يهدد النمو العقلي).

وهناك علامات وأعراض قد تلاحظ في المواليد الذين يعانون من قصور الغدة الدرقية الخلقي بعد أسابيع، وهنا يجب على الوالدين عدم السكوت عن تلك الأعراض والتوجه فورا للطبيب للعلاج، فأهمية هذه الغدة تكمن في أن لها دورا كبيرا في النمو العقلي والتطور الحركي وقوة العضلات، ويستمر دورها بعد الطفولة المبكرة لتشمل أدوارا أخرى، مثل: طول الجسد والوزن المثالي وانتظام درجة الحرارة، إلى جانب دورها في النشاط والحيوية.

وأهم أعراض قصور الغدة الدرقية الخلقي تضخم حجم اللسان «كما هو حال شكوى الأم»، وبكاء الطفل المنخفض الأجش بصوت مبحوح، الخمول، رخاوة ولين العضلات، برودة الجسم، خاصة اليدين والقدمين، زيادة حجم فتحة اليافوخ إذ تلاحظ الأم عند استحمام مولوها بأن فتحة اليافوخ واسعة في الحجم، وأيضا النوم الطويل المستمر، إذ يلاحظ أن المولود يقوم للرضاعة فقط وينام بعدها فورا، ومن الأعراض أيضا فتق السرّة، وضعف التغذية والرضاعة، واليرقان والذي قد يطول معه أسبوعين وأكثر، والإمساك، وضيق التنفس، فإذا تمت ملاحظة مثل هذه الأعراض فإنه يجب مراجعة الطبيب، لأن الأمر قد يحتاج لإجراء تحليل وفحص قصور الغدة الدرقية وعلاجها فورا، تفاديا لمشكلات كثيرة مترتبة.

أخيرا.. أؤكد أنه بفضل من الله، ثم بوجود الفحص المبدئي المتوافر في المملكة لجميع المواليد، يتم الكشف الفوري عن قصور الغدة الدرقية الخلقي، وبدء العلاج مبكرا، وهذا الأمر أدى إلى انخفاض نسبة الإصابة بالتأخر العقلي المرتبط بهذا القصور، فعلاج هذه الحالات يتم خلال هرمون الثيروكسين دون أي تأخير عند تشخيص قصور الغدة الدرقية الخلقي، بهدف إعادة الهرمون للمستوى الطبيعي في أقرب وقت ممكن، لتجنب فرصة حدوث التأخر العقلي، أو ضعف الإدراك الذهني، فكلما كان التشخيص مبكرا وبدأ العلاج منذ اكتشاف المشكلة، كلما كان له أثر كبير في تحسن الذكاء لدى المواليد، ومن المهم جدا أيضا الانتظام في العلاج ومتابعة تحليل الغدة الدرقية بشكل دوري مع الطبيب المعالج.