نجلاء الجعوري

القدرة على التكيّـف

الثلاثاء - 01 أغسطس 2023

Tue - 01 Aug 2023

نحن بحاجة إلى التكيّف أكثر من حاجتنا إلى التغيير، عندما تسير القافلة في طريق مُضْطَّرب، عندما تعصف الرياح بمركبٍ راسٍ، عندما يكون الأمر ليس على ما يُرام.

في ظل ضغوطات الحياة، وبينما نسعى نحو الأفضل، في عصر يتسابق فيه البشر على اكتساب المعرفة، والاندماج مع الشعوب والثقافات الأخرى أصبح التكيّف هو الأداة المُثلى لخلق بيئة متسقة مع الواقع، حيث إن القدرة على التكيّف مهارة لا يمكن الاستغناء عنها؛ لمسايرة الظروف التي تُربك مساراتنا وتُعكر صفو حياتنا، بينما يميل البشر إلى محاولة التمسك بما اعتادوا عليه.

وبإيجاز، فإن التكيّف يتجلى في مرونة الفِكر، والاستزادة بالعلم، وتنوع الأسلوب أثناء التعامل مع الآخرين، والقدرة على التفاؤل وتقبّل الواقع في الوقت ذاته؛ إذ بات ضروريًّا وضع استراتيجيات للتعامل مع المواقف الطارئة؛ لتكوين مساحة آمنة ومواصلة المسير، واستكشاف ثمرة التغيير، فمن دون أدنى شك أن التغيير يُعرضنا للخوف أو ربما للقلق أحيانًا؛ بسبب الغموض الذي يعتريه، ومخالفته لما عهدنا؛ ولتفادي ما سبق والتحلي بالمرونة علينا بالممارسة عن طريق التعرض المباشر لمواطن التغيير ووضع الحلول الملائمة، ومن ثم ملاحظة النتائج؛ لنكون أكثر تمكُّنًا من التكيّف.

إن القادرين على التكيّف هم أكثر استجابة للتغيير من غيرهم؛ إذ إنهم يتمتعون بنظرة إيجابية للأمور، ولديهم رؤية وخطط بديلة تتوافق مع الوضع الراهن لمواجهة التحديات الصعبة، يستطيعون من خلالها التوصل إلى فرص أكبر تُساندهم في تحقيق ما يسعون إليه.

وعلى النقيض من ذلك، فإن رفض التغيير، والجمود الذي يُعارض الديناميكية يؤدي إلى الغضب، وتوليد الأفكار السوداوية، وإسقاط اللوم على الآخرين، ولكي نستطيع أن نسير على نهج متوازن بعيدًا عن وهم الكمالية ووحل التقاعس فإن التكيّف يُعد سيد الموقف، وأول بوادر الرضا، الذي نحظى من خلاله على إيجاد حلول ملائمة بعيدًا عن التخبط والإحباط، فالاجتهاد بتأنٍ، وتقبل النتائج مهما بدت، أفضل من الركض العقيم الذي لا يُسفر إلا عن الأسف والحسرات، وقد ترجم ذلك الشاعر أبو البقاء الرندي بقوله:

لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ

فَلَا يُغَرُّ بِطِيبِ العَيْشِ إنْسَانُ.