حنان درويش عابد

ماذا يخسر رجل الأعمال الناجح على صعيد حياته الشخصية؟

الاثنين - 31 يوليو 2023

Mon - 31 Jul 2023

من المعروف أننا لدينا جميعا كبشر إشكالية في تعريف السعادة شكلا ومضمونا.

والسعادة لأنها نسبية عند كل الناس، ولها أشكال متنوعة ومختلفة من شخص لآخر، لذا فهي محل تجريب على الدوام، ومشكلة التجريب أنها قد تذهب بالعمر كله.

فعلى سبيل المثال، قد نجد رجل أعمال ناجحا أمضى العمر كله وهو يحاول أن يستكشف ما شكل السعادة الأفضل الذي يريده، فما يلبث أن ينقضي به العمر إلا وهو منغمس في أعماله، ولا يستطيع حتما العودة إلى الوراء بالزمن.

إن السعادة الأسرية التي لا تقدر بثمن عند قطاع من رجال الأعمال، هي ذاتها أيضا قيمة لا تعني كثيرا لقطاع آخر من رجال الأعمال.

وإن محاولة إقناع الفريق المنغمس في العمل بأهمية الحياة الأسرية والسعادة المفقودة عند الابتعاد عن الأسرة، ليس بالأمر الذي يمكن التعويل عليه كثيرا، ولكن من المفيد أن نذكِّر بأن الانشغال عن الأسرة بسبب العمل وضياع سنين العمر في المكتب، ينتج عنه إشكالية عاطفية ونفسية كبيرة لدى الأبناء على وجه الخصوص، وإدارة الحياة الأسرية خلال وضعها في آخر الأولويات مقارنة بالعمل، يعني بالضرورة توفير حد أعلى من الناحية العاطفية للموظفين الغرباء، وحرمان الأبناء وهم الأولى بالرعاية من تلك العاطفة التي لا يمكنهم العثور عليها عند أي شخص آخر.

من هنا، نجد أن إدارة الحياة الأسرية لدى رجل الأعمال الناجح تعني كثيرا للأسرة، حتى وإن لم تعن كثيرا له هو شخصيا.

إن رجل الأعمال الناجح هو مصدر فخر لأسرته وعائلته، ولكن غياب الإدارة الجيدة للوقت، وتمكين الأسرة من مشاركة هذا الراعي الناجح أوقاته وذكرياته اليومية، يعد تراجعا واضحا على مستوى تأمين الحاجات العاطفية للأسرة، وهذا بدوره قد يقود كما حدث في كثير من الحالات إلى انحرافات في كل الثقافات بين المراهقين.

ونتيجة هذه القراءة، يتضح لنا أن السعادة لا تعني مجرد المرح والفرح واللحظات الجميلة، ولكنها مفهوم أعمق بكثير من هذه المظاهر الإنسانية الطبيعية، ذلك أنها قيمة إنسانية عالية تعني حسن الرعاية لمن نعولهم على المستوى النفسي والعاطفي، لأن نجاح الأسرة اجتماعيا يقود بالضرورة إلى نجاح الأبناء دراسيا وعمليا، وهذا هو أحد أهم جوانب السعادة الحقيقية التي يجب أن تكون مهمة لدى رجل الأعمال.

ففي نهاية المطاف حتى رجل الأعمال الناجح لديه المتطلبات ذاتها التي لدى كل رب أسرة، وهو أن يرى أبناءه سليمين نفسيا وعاطفيا، لأنه يدرك أن إدارته للملف العاطفي الأسري بنجاح، سينتج عنه نجاح لهؤلاء الأبناء على مستوى مستقبلهم، وهذا شرط أساس لاكتمال معنى السعادة، في مفهومها الإنساني الحقيقي والمثالي والأخلاقي.

hananabid10@