زهير ياسين آل طه

المرجعية للابتكار لهيئات البحث والتطوير

الاحد - 30 يوليو 2023

Sun - 30 Jul 2023

الابتكار عنصر أساسي في رؤية المملكة 2030 وفي صلب محاورها الارتكازية الثلاثة المعنية «بمجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح»، والابتكار متعمق بطبيعته لارتباطه الذي لا ينفك عن التطوير في برامج وأهداف الرؤية العامة والفرعية والتفصيلية، وهو محور حيوي متصل طواعية بكل جزء من مفاصل الحركة المنظمة للبرامج، والمستهدفة بشكل عام للتطوير والتميز والاستدامة والكفاءة والاستثمار الاستراتيجي وجودة الحياة والتحول الوطني والصحي وتنميه القدرات البشرية وجودة الخدمات بشكل استثنائي التي تقدمها القطاعات الحكومية.

وهو المرجعية المتقدمة والتوصيفية الإرشادية بمعنى المواصفات لدعم تنظيم حركة البحث والتخطيط والبناء والتشغيل والاستثمار والتطوير، والسبب يكمن في حركته الترتيبية بمنظومة تنمية الذكاء نحو الإبداع الذي يتم ترجمته لمنتجات مبتكرة ومحكمة ودقيقة، يتم تقييمها وقياس دقتها وجودتها وتأثيرها لتطويرها من منظور الذكاء الاستراتيجي في المرجعيات.

وإنشاء هيئات تطوير بكل ارتباطاتها وتنوعها واستراتيجياتها كهيئات تطوير المدن والمناطق والبحث والتطوير والابتكار، التي تخدم الأهداف والبرامج والمحاور للرؤية؛ هو نابع عن حاجة تنظيمية واسترشادية ماسة، ولا يكتمل التنظيم ولا يتحقق بكفاءة عالية إلا بوجود المرجعيات العالمية والمحلية، والتي تحتضنها وتمثلها الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، بل يتطلب من كل الهيئات التطويرية التابعة أو الداعمة لبرامج الرؤية أن يكون لديها مختبرات أو مراكز ابتكار حسب الحجم للمنشأة أو القطاع، مقترنة مباشرة بتلك المرجعيات ومستندة عليها، حتى تتكامل الجهود التي تقوم بها محركات تحقيق الرؤية.

وإدارة الابتكار بمواصفاته العالمية، التي تقود تأسيسها الأيزو العالمية بما تم نشره ضمن عائلتها ISO/TC 279 وما سوف يتم نشره لاحقا بعد الانتهاء من الدراسات والتحقيق والتصحيح المرحلي؛ تعتبر هي الوقود الذي يقود دفة التنمية إذا التزمت الهيئات بما تحويه المواصفات من معلومات وافية تساعدها علميا وعمليا على التشغيل والمراقبة والتقييم وقياس المنجزات للتطوير، أي بمعنى انتفاء معضلة مقلقة تكمن في «من أين نبدأ وكيف نبدأ ونستمر ونتطور في الابتكار» التي واجهته سابقا وتواجهه ليومنا البعض من القطاعات.

ومواصفات إدارة الابتكار قد بدأ تأسيسها قبل أكثر من عقد من الزمن أوروبيا / بريطانيا تحت PD CEN/TS16555، وتبعه التوسع عالميا في عام 2013 تحت الايزو ISO/TC 279، وبمشاركة ومراقبة 74 دولة ومن ضمنها المملكة كعضو مشارك، لتطوير مواصفات أوروبية / بريطانية سابقة النشر وإضافة مواصفات جديدة فريدة من نوعها، ومنها قياس تشغيل الابتكار القادم قريبا للنشرISO 56008، وبمشاركتنا في التأسيس مباشرة مع لجنة الخبراء واطلاعنا عن قرب بما يتم في هذه المواصفة الفريدة؛ فسوف تخرج المواصفة وتحدث صدمة لمن يريد أن يصطدم بالإبداع ليبدع بتميز، وليكسر ويذلل التحديات والمخاطر باستفراده الذكي بأسلوب القياس المدعوم بالنماذج الوافية والواضحة، التي يمكن برمجتها بخوارزميات الذكاء الاصطناعي، لتخدم بقوة التقييم وموازنة الفرص مقابل التحديات والمخاطر.

والتنويه المتكرر عن المرجعية المتقدمة أمر في غاية الإحساس بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية، وهو مورد توضيح وتنبيه لمن يغفل ويتجاهل عن مفهوم ترجمة الاسبقية في المرجعية للابتكار من عام 2013، لا لشيء اعتباطي أو تدخل في غير الاختصاص، انما لهدف وطني مهم وهو التكامل والتعاون بين الهيئات، بالرجوع لخبرة المرجعية المتخصصة والمتقدمة بسنوات طويلة في الفريق الفني للابتكار في الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، بدلا من البدء من الصفر في الابتكار والولوج في عالم من الفجوات والتباينات المتوقعة والتساؤلات والاستبانات والمقابلات مع من لا يملكون الخبرة الكافية في الابتكار، والتي بدورها ستؤخر بلورة الأهداف لواقع عملي، وتعطل الاستناد على أسس علمية عالمية منتظمة في إدارة وقيادة أي منظمة وهيئة، حتى يتم العمل بكفاءة عالية، هدفها تقليل هدر وقت وطاقات وموارد لتسريع تحقيق متطلبات الرؤية.

ومن يرغب من الباحثين والمبتكرين في الدخول بتعمق في دراسات علمية تدعم المواصفات عالميا، فشبكة البحث والابتكار في الأيزو «ISO Research & Innovation Network» أبوابها مفتوحة على العالم للاشتراك لتبادل المعرفة والمعلومات، وقد تكون هيئة البحث والتطوير والابتكار التي تأسست حديثا معنية بالتشجيع ضمن توجهاتها واستراتيجيتها لإنشاء وتطوير المواصفات من الجانب البحثي العلمي خدمة للمملكة وللعالم، كون الاحتياج للمواصفات الجديدة ضروريا ويتطلب خروجها بسرعة مواكبة للتحولات وحماية الأخلاقيات والتصنيفات والتمييز في تعاملات الثورة الصناعية الرابعة الرقمية للذكاء الاصطناعي من جهة المواجهة الحالية، ويتم تحديث المواصفات عموما دوريا بعد كل ثلاث سنوات تقريبا.

محاولة إضفاء خوارزميات الذكاء الاصطناعي في التعامل مع المواصفات وإدارتها وتطبيقاتها وتحديثاتها بمساعدة هيئة البحث والتطوير والابتكار وسدايا مع الفرق الفنية في الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة؛ سيكون له وقع مهم في تقريب الصورة الذهنية المعقدة عن المواصفات وتبسيطها لاقتنائها، بدلا من العزوف عن مواصفات جديدة، كما يحدث حاليا في مواصفات إدارة الابتكار والذكاء الاصطناعي، من قلة الرغبة وللأسف في التوجه لها مقارنة مع المواصفات القديمة المفروض اقتناءها في الاعتماد المتطلب لها، كالجودة والاستدامة والبيئة والسلامة والمسؤولية الاجتماعية وغيرهم ممن يتطلبون الاعتماد للاستدامة والاستمرار والتوثيق.

من المهم تلخيصه في النهاية بتوضيح التفريق بين البحث والتطوير والابتكار والسر خلف وضعهم مع بعض بغض النظر عن صحة الترتيب من عدة معاني، فالابتكار متطلب أساسي للبحث والتطوير ويؤكده الكم الهائل من الأوراق العلمية والدراسات العليا الاكاديمية المنطلقة حديثا في الابتكار، وقد يكون في المنتصف في الترتيب من وجهة نظر تأثيرية، فسابقا كان غير موجود مع R&D وتطور إلى الوجود في T&I أو R&I علنا، والشرح الوافي لموقع الابتكار عالميا ونظرياته وفرضياته سيفند لو خرج علينا من يدعي عدم الاختصاص في المرجعية التوصيفية للأيزو العالمية ومن يتبعها ويمثلها، فالمواصفات بشكل عام مبسطة وتم توحيدها عام 2015 في تنظيم الهيكل العالي المستوى HLS، والابتكار مشمول في التوحيد لخدمته لكل القطاعات الخاصة والحكومية، ولكل فئات المؤسسات الإنتاجية من صغيرة ومتوسطة وكبيرة، لأجل الاحتواء الشامل «لتطوير الأعمال».

zuhairaltaha@