وليد الزامل

من البيت للمطار أم للدار الآخرة!

السبت - 29 يوليو 2023

Sat - 29 Jul 2023

يعد النقل عبر استخدام التطبيقات الذكية واحدا من أكثر الخدمات الحديثة والشائعة في المدن، لكونها تتسم بالسرعة والمرونة وسهولة الاستخدام.

وتشتد المنافسة بين تطبيقات النقل في تقديم خدمات النقل وتوصيل البضائع والطلبيات، بجودة عالية وسعر مخفض، وبشكل ينعكس إيجابا على المستخدم النهائي.

يمكن للجميع استخدام هذه التطبيقات بكل يسر وسهولة، فهي لا تحتاج سوى تحديد نقطة الوصول والاستلام.

في الواقع، يساعد انتشار مثل هذه التطبيقات في تحسين جودة الحياة في المدن، وتوفير فرص عمل للسكان، وإيجاد مصادر دخل إضافية.

ولكنها في المقابل، لها كثير من السلبيات سواء المتعلقة بالمركبة ذاتها أو قائد المركبة، ولا سيما في حال ضعف اللوائح والتشريعات التنظيمية، وأنظمة الرقابة، والمتابعة والتقييم.

بعض تطبيقات توصيل الأطعمة تعتمد وسائل نقل كالدراجات النارية، دون التأكد من المواصفات الفنية لها، والآلية الصحية لحفظ الأطعمة والنواحي الأمنية.

يجتمع العديد من أصحاب الدراجات النارية في أماكن محددة في الحي السكني قبل عملية التوصيل دون وجود مواقف مخصصة لها، مما يسبب إزعاجا ومضايقات لسكان الحي السكني. كما أن كثيرا من الدراجات النارية المستخدمة في التوصيل لا تحوي لوحات مرورية، ولا يرتدي سائقوها خوذة للحماية، وليس لديهم أي معرفة بأسلوب التوصيل وطريقة التعامل مع العملاء، والبعض الآخر يقود الدراجة النارية على الأرصفة ومسارات المشاة والحافلات، دون أدنى اهتمام أو استشعار بالمسؤولية، وكأن هذه الوسيلة المخصصة للنقل لا تسري عليها أنظمة وقواعد المرور المطبقة على وسائل النقل الأخرى.

أما تطبيقات توصيل الركاب، فليست بأفضل حال من تطبيقات توصيل الطلبات، فاشتراطات الأمن والسلامة والمعايير المهنية لا زالت دون المستوى، كما أن كثيرا من شركات التوصيل لا تقدم لموظفيها دورات تدريب، وليس لديها آلية واضحة لقياس مستوى وجودة الخدمة، باستثناء التقييمات الالكترونية التي يقدمها العملاء، والتي يغلب عليها الأسلوب التقليدي.

بالنسبة لي، دائما أضع يدي على قلبي عندما أذهب إلى المطار باستخدام تطبيقات التوصيل، ويزداد قلقي عندما يقود السيارة شاب صغير في مقتبل العمر.

في معظم الأحوال، تتسم قيادتهم بالسرعة والتهور، وكثير منهم في انشغال دائم مع الجوال والأجهزة الذكية.

ذهبت ذات يوم إلى المطار، فإذا بقائد المركبة يقود بسرعة عالية جدا، يسلك المسار الأيسر، ويلتصق بمؤخرة المركبات التي أمامه تارة، ويناور ويتجاوز بين المركبات تارة أخرى، جرس إنذار السرعة لا يكاد يتوقف منذ بداية الطريق، ولديه خبرة في تخطي مواقع رصد السرعة (ساهر) بتخفيف السرعة ثم العودة بعد ذلك. في البداية، شعرت بالذهول والتزمت الصمت ومما زاد الأمر سوءا قيامه بإجراء مكالمات هاتفية، والحديث المطول مع الأصدقاء عبر الرسائل النصية، والانشغال بالأجهزة الذكية ومراقبة مسار الرحلة في الوقت ذاته.

عندئذ سألت قائد المركبة (الكابتن): من المفترض أن تقوم بإيصالي من البيت إلى المطار، وليس من البيت إلى الدار الآخرة؟ فما تقوم به من قيادة متهورة ليست في حقيقة الأمر سوى مسار سريع ومختصر إلى الهاوية! فضحك متذرعا بالمشاغل والالتزامات المتعددة.

ختاما، إن الطلب الهائل على تطبيقات النقل والتوصيل، والتسارع التقني في هذا القطاع، يجب ألا يؤثر على الإطار التنظيمي، ولا سيما ضبط الجودة، تماشيا مع أهداف قطاع النقل والخدمات اللوجستية في بناء منظومة نقل مستدام، تستقرئ المستقبل وتحقق متطلبات جودة الحياة في المدن السعودية.

waleed_zm@