زيد الفضيل

يا شعوب العالم اتحدوا

السبت - 29 يوليو 2023

Sat - 29 Jul 2023

لا أفهم استماتة المدافعين في الغرب المعاصر عن الشذوذ الجنسي، وأشدد على كلمة «الشذوذ» وليس لفظة «المثلية» التي يعمل أولئك على تمريرها، كما أرجو أن يتم تسميتهم بمجتمع الشين، وليس مجتمع الميم، وفق ما يتم الترويج له تخفيفا وتزويرا للأمر.

كذلك لم أتمكن من استيعاب حجم الاستبسال في فرض الشذوذ أخلاقيا ومجتمعيا وذهنيا من قبل أولئك، ولا أجد لذلك مسوغا أخلاقيا أو حتى بيولوجيا طبيا، فخلق الرجل وتكوينه الحيوي مختلف كليا عن خلق المرأة وتكوينها الحيوي، ولكل غرائزه الفطرية التي تشكلت في داخله منذ لحظة تكونه جنينا في بطن أمه، حتى على مستوى الحيوانات وكل الأشياء الحية في الوجود، بل وحتى على الصعيد الفيزيائي فهناك سالب وموجب.

أشير إلى أهمية إدراك الفرق بين مولود بصفات ذكورية أو أنثوية خفية، فتم تحديد هويته كذكر أو أنثى بشكل خاطئ، حتى إذا بدأ يكبر لم يستجب لطبيعة جنسه الذي هو عليه، فتراها أنثى ظاهريا بصفات ذكورية، أو ذكرا ظاهرا بصفات أنثوية، ففي هذه الحالة قد أجمع العلماء والأطباء على جواز تصحيح هويته طبيا، ولا إشكال أخلاقيا فيه أبدا، كما أن ذلك من النوادر طبيا على مستوى العالم.

على أن العجب كل العجب حين يعمل المؤيدون للشذوذ على إلغاء هوية جنس المولود بشكل عام، حيث يفاجئك البعض بدفاعه المستميت عن حق الأطفال في اختيار جنسهم مستقبلا، فمثلا حين يولد الطفل ذكرا أو أنثى، وهذا الاختيار ليس لأحد من البشر التدخل فيه، تجدهم يحتجون على الوالدين حين يلبسون أطفالهم ألوانا ذكورية أو أنثوية بحكم الطبيعة التي خلقوا بها، ويعتبرون ذلك توجيها غير مبرر لما يريده الطفل مستقبلا.

أريتم مثل هذا العبث الذهني، والسقوط الأخلاقي، الذي بات مشاهدا؟ ألا يشي ذلك بخلل في البنية الأخلاقية التي باتت تشكل وعيهم المجتمعي؟ وأن هذه البنية الأخلاقية صارت مسخرة لقوة غير أخلاقية، يسمونها حرية، في حين سماها العالم منذ تكوينه «قوة إبليس الرجيم»، ذلك الذي تحدى الله الخالق؛ لأنه فضل الإنسان عليه بقوله: {قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا}، أي لأغوين ذريته وأفسدهم، ولعمري فالشذوذ هو أشد أشكال الإغواء وأعظم الفواحش التي عاقب الله عليها قوم لوط فدمرهم تدميرا.

وفي كل، فيظهر أن الشيطان قد حشد جنده ليجعل من الشذوذ أمرا طبيعيا، فأراد إعلانه على المستوى الرياضي مع افتتاح كأس العالم في قطر 2022م، لكن ذلك لم يحدث. ثم توجه للسينما التي صار مستساغا أن يرى المشاهد علاقة شاذة في ثنايا العديد من الأفلام الغربية، والتي يتم تمريرها وكأنها من بديهيات الحياة، وألا مشكلة في ذلك أبدا، فكما هناك علاقة مشروعة بين زوج وزوجة، أيضا يمكن أن تكون العلاقة مشروعة بين رجل ورجل، أو امرأة وامرأة. فهل بعد هذا سقوط؟ على أني أخشى أن يكون ذلك قد تسلل بكثافة إلى ألعاب الأطفال، وأفلام الكرتون الخاصة بهم، وفي حينه سيكون السقوط مدويا، وغضب الله كبيرا.

أشير إلى أن الدول تتداعى وتسقط بأسباب عديدة سياسية واقتصادية وعسكرية، وتتباين درجة سقوطها لسبب دون آخر، غير أن السقوط يكون قاصرا على مكون سياسي ولا يمس المجتمع، ولذلك شهدنا في التاريخ سقوط دول ولم نشهد سقوط حضارات وأمم وشعوب؛ على أن الأمر مختلف اليوم، فالسقوط سيكون للشعوب قبل الدول، والزوال سيكون لحضارة بأكملها وليس خفوت جانب منها، فالحضارة قبل أن تكون مادة هي قيم وأخلاق.

فهل يدرك الواعون ذلك؟ وهل علينا واجب أخلاقي لأن نحمي أنفسنا من عبث شيطاني؟ وماذا عملنا لأجل ذلك؟ سؤال أضعه برسم كل مسؤول واع غيور.

أختم بالتأكيد على أنه وكما في الغرب مؤيدون للشذوذ، فالمعارضون له كثير، لكن صوتهم ليس واضحا؛ وليس الأمر قاصرا على الغرب، بل وفي كل العالم، ولذلك أجد من المهم أن يعلي الناس من صوتهم، وتتكاثف جهود مؤسساتهم المجتمعية للدفاع عن منظومة القيم الأخلاقية الإنسانية، فيا شعوب العالم اتحدوا لنحمي أنفسنا، ونحرس كوكبنا، ونحافظ عليه من أي عبث شيطاني بغيض.

zash113@