عبدالمعين عيد الأغا

صدمة.. غضب.. حزن.. وخوف

الثلاثاء - 25 يوليو 2023

Tue - 25 Jul 2023

راجعت عيادتي أسرة مع ابنها اليافع حديث الإصابة بداء السكري النمط الثاني، وقد بدت على ملامحها حالة من الذهول والصدمة والخوف، بجانب علامات الدهشة في كيفية إصابته بالسكري رغم صغر سنه (14عاما)، لكونهم قد رسموا في أذهانهم بأنه مرض يصيب الكبار فقط ولا يمكن أن يصيب الأطفال، متجاهلين تماما بأن ابنهم اليافع الذي حاصرته السمنة وتغيرت هيئة شكله حتى بات يبدو أكبر من سنه قد تجاوز مرحلة مقاومة الأنسولين ومقدمات السكري دون أن يتم الالتفات إليها ولوزنه إلى أن تم تشخيص إصابته بالسكري غير المعتمد على الأنسولين.

والواقع أن هناك بعض ردود الفعل النفسية التي تحدث وتبدو على ملامح بعض الأسر عند اكتشاف إصابة أحد أبنائها بداء السكري ويمكن حصرها في النقاط التالية:

أولا: الصدمة ويشوبها الإحساس بعدم التصديق بمعنى الإنكار، وفي هذه المرحلة وبسبب عدم تصديق الخبر قد يتم تكذيب تشخيص المرض، مدعين بأن النتائج غير صحيحة أو أن نتائج المختبر قد اختلطت بمريض آخر، وهنا قد يدور في أذهانهم أنه من الأفضل القيام باختبارات أخرى في مستشفى آخر.

ثانيا: الغضب وهنا يبحث الأبوان عمن يلقي عليه اللوم، وقد يصبون غضبهم على أي فرد في الأسرة، ويسود هذه الفترة تساؤل ملح على الأبوين «لماذا طفلنا بالذات يصاب بهذا المرض دون غيره».

ثالثا: الحزن، قد يسود هذه المرحلة إحساس بالحزن على الطفل قد يصيب الوالدين لكون حياة ابنهم سوف تتغير كثيرا لكونه سيكون هذا مجهر المتابعة بشكل دائم ومستمر.

رابعا: خليط من مشاعر يشوبها الخوف والقلق حول إمكانية تعرضه لمضاعفات بسبب المرض وتأثيرات داء السكري على الطفل خلال مراحل حياته المختلفة، وغالبا ما يكون سبب الخوف عدم المعرفة والجهل بالمرض وتطوراته، ولكن حين يقوم الطبيب أو المثقف الصحي بتعريف أهل المريض بهوية هذا المرض ويساعد أهل المريض باستخدام هذه المهارات المعرفية الجديدة وتطبيقها على حياتهم يخف الشعور بهذا الخوف وقد يزول تماما.

خامسا وأخيرا: الإحساس بالذنب، وغالبا ما يميل أحد الأبوين في هذه المرحلة إلى العناية الزائدة بالطفل المريض خوفا عليه، وقد يجد الأبوان أنفسهما أو أحدهما يفكر بأنه لو استطاع خلال الأسابيع التي سبقت التشخيص أن يغير من أسلوب حياة الطفل أو الأسلوب الغذائي المتبع قبل الإصابة لكان الطفل لم يصاب بهذا الداء، لذا الوقاية مهمة والتشخيص المبكر لأطفال السمنة ضرورة حتمية.

وحتى تكون الصورة لدى الجميع أوضح فهناك نوعان لداء السكري، الأول لا يمكن الوقاية منه، إذ ينتج بسبب نقص الأنسولين ناتج عن تدمير المناعة الذاتية لخلايا بيتا في البنكرياس، وغالبا يحدث في مرحلة الطفولة ولكن يمكن أن يظهر أيضا عند البالغين، وكذلك في الثلاثينات من العمر بشرط أن يكون الشخص نحيفا وليس سمينا، أما النوع الثاني من داء السكري فهو المرتبط بالسمنة وغير المعتمد على الأنسولين بل الأدوية والحمية والرياضة.

أخيرا.. يقع على عاتق الوالدين مسؤولية كبيرة في توجيه أبنائهم باتباع نمط حياة صحي بعيدا عن العوامل التي تمهد للأمراض، كما يجب على الوالدين تعريف وإعطاء نبذة بسيطة وصحية لأبنائهم عن داء السكري وارتباطه بالسمنة، فللأسف أكثر الأطفال اليافعين يجهلون ارتباط السمنة بالسكري المكتسب، إذ سمعوا ورسموا في أذهانهم أيضا بأنه مرض يصيب كبار السن فقط كما كان الحال في الماضي، ولكن في وقتنا الحاضر تغير الوضع، إذ أصبحنا نرصد إصابات السكري النوع الثاني في الأطفال اليافعين بشكل ملحوظ، كما أجدد التأكيد على أهمية عدم تجاهل أي طفل ظهرت عليه بوادر زيادة الوزن والسمنة.