روسيا وتداعيات حربها في أوكرانيا
الأحد - 23 يوليو 2023
Sun - 23 Jul 2023
من الهجوم الروسي الكاسح إلى الهجوم الأوكراني المضاد، ما تزال الحرب الأوكرانية مستعرة، وما تزال روسيا تحافظ على مكاسبها التي حققتها منذ بداية الحرب.
الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يعول كثيرا على الهجوم الأوكراني الأخير، في محاولة جديدة وجديرة بتغيير الواقع على الأرض، قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، في ظل سير الأمور نسبيا لصالح روسيا حتى الآن.
مفارقات غريبة حصلت في هذه الحرب، فأولها قرار الحرب ذاته الذي اتخذه بوتين، في ظرف عالمي بالغ التعقيد، تلاه الاجتياح السريع للأراضي الأوكرانية، وتم خلالها احتلال بعض الأراضي وإعلان انضمامها إلى روسيا، في خطوة تذكرك بمقولة إعادة الفرع إلى الأصل، «وعلى الأصل دوّر» كما يقول إخواننا المصريون!
تعبئة ثانية كان قد أعلنها بوتين في مفارقة أخرى شهدتها هذه الحرب، ليستنهض جيشه وشعبه للانقضاض على أوكرانيا، ومرة أخرى تتقدم روسيا في هذا الاتجاه العسكري الرامي لتدمير أوكرانيا وإجبارها على الاستسلام، لكن الغرب كان له رأي آخر وما يزال، فخطوط الإمداد بالسلاح والمؤن مستمرة لأوكرانيا، ورئيسها - الكومديان سابقا العسكري حاليا - ينشد الدعم لبلاده ويناشد الغرب المزيد من السلاح النوعي الذي سيكسر به إرادة روسيا البوتينية، والغرب من جانبه مازال يستجيب لهذا الرئيس، في محاولات حثيثة لكسر الجيش الأحمر وروسيا البوتينية.
المفارقة الأكثر دهشة هي التمرد الذي أعلنه قائد الميليشيات العسكرية الروسية المسماة فاجنر، هذا التمرد عكس ضعفا في النظام الروسي برئاسة بوتين والذي استجدى في وقت لاحق بعض الجيران لإعادة قائد فاجنر إلى رشده، والرجوع عن مخططه السابق المتمثل في عزمه على التوجه إلى العاصمة الروسية موسكو ليدخلها دخول الفاتحين!
هنا تنبه العالم إلى هشاشة الوضع الداخلي في روسيا، القائم شكلا على المحاصصات، ودليل ذلك السلطة القوية التي يتمتع بها «بريجوجين»، والذي يعد قائدا لميليشيا عسكرية مسلحة تتمتع باستقلالية كاملة عن الجيش، شاهد ذلك حالة التمرد الأخيرة التي أعلنها قائد هذه الميليشيات ورجوعه عنها بعد الوساطة البيلاروسية ممثلة في رئيسها ألكساندر لوكاشينكو.
إذن نحن هنا أمام حالة روسية في منتهى الضعف، وسلطة سياسية لم تستطع إيقاف زعيم ميليشيات هي من صنعته، هدد بالعودة إلى موسكو في لحظة فارقة من الحرب التي يخوضها الجيش الروسي في أوكرانيا، هذه الحالة تذكرك بكل البلدان التي تعيش مبادئ المحاصصة، بين سلطة مركزية ضعيفة وميليشيات مسلحة تأتمر بمصالحها الخاصة وربما هذه الحالة الروسية هي من شجع الغرب للوقوف وبقوة أمام روسيا وحملتها العسكرية في أوكرانيا.
أخيرا، وفي ظل هذه الظروف المستجدة، هل يمكن للغرب أن يستخدم فاجنر كميليشيات مسلحة تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، وخاصة أن كل النسخ السابقة والحالية من أي تنظيم مسلح ينشئ داخل أي دولة؛ يكون بعد زمن من الدعم الخارجي؛ سلطة موازية لسلطة الدولة الأم؟، هذا ما يلاحظ في بلدان كالعراق واليمن ولبنان والسودان، فما الذي يجعل الحالة الروسية مختلفة عن كل هذه الأنساق الفوضوية التي تتجسد في سلطة مركزية ضعيفة أو أُضعفت وزعامات عسكرية مستحدثة انحازت لمصالحها الخاصة وربما استجابت لإملاءات خارجية، لتصبح فيما بعد أطرافا فاعلة على الأرض، ضمان بقائها الأول هو استمرار حالة العبث في هذا البلد، وهذا ما يريده الغرب لروسيا؛ دولة ضعيفة منهكة ومفككة قابلة للتقسيم في وقت لاحق.
alaseery2@
الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يعول كثيرا على الهجوم الأوكراني الأخير، في محاولة جديدة وجديرة بتغيير الواقع على الأرض، قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، في ظل سير الأمور نسبيا لصالح روسيا حتى الآن.
مفارقات غريبة حصلت في هذه الحرب، فأولها قرار الحرب ذاته الذي اتخذه بوتين، في ظرف عالمي بالغ التعقيد، تلاه الاجتياح السريع للأراضي الأوكرانية، وتم خلالها احتلال بعض الأراضي وإعلان انضمامها إلى روسيا، في خطوة تذكرك بمقولة إعادة الفرع إلى الأصل، «وعلى الأصل دوّر» كما يقول إخواننا المصريون!
تعبئة ثانية كان قد أعلنها بوتين في مفارقة أخرى شهدتها هذه الحرب، ليستنهض جيشه وشعبه للانقضاض على أوكرانيا، ومرة أخرى تتقدم روسيا في هذا الاتجاه العسكري الرامي لتدمير أوكرانيا وإجبارها على الاستسلام، لكن الغرب كان له رأي آخر وما يزال، فخطوط الإمداد بالسلاح والمؤن مستمرة لأوكرانيا، ورئيسها - الكومديان سابقا العسكري حاليا - ينشد الدعم لبلاده ويناشد الغرب المزيد من السلاح النوعي الذي سيكسر به إرادة روسيا البوتينية، والغرب من جانبه مازال يستجيب لهذا الرئيس، في محاولات حثيثة لكسر الجيش الأحمر وروسيا البوتينية.
المفارقة الأكثر دهشة هي التمرد الذي أعلنه قائد الميليشيات العسكرية الروسية المسماة فاجنر، هذا التمرد عكس ضعفا في النظام الروسي برئاسة بوتين والذي استجدى في وقت لاحق بعض الجيران لإعادة قائد فاجنر إلى رشده، والرجوع عن مخططه السابق المتمثل في عزمه على التوجه إلى العاصمة الروسية موسكو ليدخلها دخول الفاتحين!
هنا تنبه العالم إلى هشاشة الوضع الداخلي في روسيا، القائم شكلا على المحاصصات، ودليل ذلك السلطة القوية التي يتمتع بها «بريجوجين»، والذي يعد قائدا لميليشيا عسكرية مسلحة تتمتع باستقلالية كاملة عن الجيش، شاهد ذلك حالة التمرد الأخيرة التي أعلنها قائد هذه الميليشيات ورجوعه عنها بعد الوساطة البيلاروسية ممثلة في رئيسها ألكساندر لوكاشينكو.
إذن نحن هنا أمام حالة روسية في منتهى الضعف، وسلطة سياسية لم تستطع إيقاف زعيم ميليشيات هي من صنعته، هدد بالعودة إلى موسكو في لحظة فارقة من الحرب التي يخوضها الجيش الروسي في أوكرانيا، هذه الحالة تذكرك بكل البلدان التي تعيش مبادئ المحاصصة، بين سلطة مركزية ضعيفة وميليشيات مسلحة تأتمر بمصالحها الخاصة وربما هذه الحالة الروسية هي من شجع الغرب للوقوف وبقوة أمام روسيا وحملتها العسكرية في أوكرانيا.
أخيرا، وفي ظل هذه الظروف المستجدة، هل يمكن للغرب أن يستخدم فاجنر كميليشيات مسلحة تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، وخاصة أن كل النسخ السابقة والحالية من أي تنظيم مسلح ينشئ داخل أي دولة؛ يكون بعد زمن من الدعم الخارجي؛ سلطة موازية لسلطة الدولة الأم؟، هذا ما يلاحظ في بلدان كالعراق واليمن ولبنان والسودان، فما الذي يجعل الحالة الروسية مختلفة عن كل هذه الأنساق الفوضوية التي تتجسد في سلطة مركزية ضعيفة أو أُضعفت وزعامات عسكرية مستحدثة انحازت لمصالحها الخاصة وربما استجابت لإملاءات خارجية، لتصبح فيما بعد أطرافا فاعلة على الأرض، ضمان بقائها الأول هو استمرار حالة العبث في هذا البلد، وهذا ما يريده الغرب لروسيا؛ دولة ضعيفة منهكة ومفككة قابلة للتقسيم في وقت لاحق.
alaseery2@