ولاء الشيحي

كثافة أم إسراف.. ثمانية مثال

الخميس - 20 يوليو 2023

Thu - 20 Jul 2023

‏كان يتردد في الإعلام أننا في عصر "السرعة" وكنا نسمع كثيرا أن أهم عناصر كسب "المتابعة" هي: اختصار المحتوى أو بمعنى آخر تحويل المحتوى إلى "كبسولة" صغيرة يلتهمها المتلقي بسرعة وسهولة، لكن الحقيقة أن هذا تنظير لا يمت للواقع بصلة بدليل كثافة متابعة "بثوث التيك توك ومساحات تويتر" التي تمتد لساعات وسط حضور كثيف، والدليل الآخر ظاهرة "البودكاست" التي بدأت تكسب حضورا كبيرا رغم طول مدتها وتنافسها في عدد الساعات.

‏نحن اليوم بين جمهورين، جمهور يتابع "السخافة" مهما طال زمنها وأحيانا حتى لو كان يرفضها فإنه يمنحها وقته وماله بلا سبب يذكر، والجمهور الثاني هو الذي يبحث عن "المحتوى الجيد" ويتابعه مهما كان طوله.

‏كما أننا أصبحنا بين نوعين من مقدمي المحتوى، الأول والأشهر هو الذي يقدم الإثارة أو التفاهة تصريحا أو تلميحا -وهذا النوع فردي وشخصي- ويجني منها المال والمزيد من الشهرة حتى لو رفض الجمهور المحتوى أو اعترض عليه؛ لأنه سيخدمه في السب والانتقاد والترويج، والنوع الثاني الذي يقدم محتوى جيدا وثريا واحترافيا -وهذا النوع غالبا ما يكون مؤسسات إعلامية- ويجني منها المال، لكن هذا النوع حتى لو اجتهد أحيانا لا يوفق بكسب المتابعة، وربما العكس بدون جهد يكسب الكثير من المتابعة والمشاهدة، على سبيل المثال: حلقة بودكاست فنجان من "ثمانية" مع الأستاذ ياسر الحزيمي التي كسبت عشرات الملايين من المشاهدة والانتشار، رغم أن المدير التنفيذي لثمانية عبدالرحمن أبو مالح وهو مقدم البودكاست، قال عنها إنها كانت حلقة لسد فراغ لعدم وجود حلقة ذلك الأسبوع وكان إعدادها بسيطا ولم يتعبوا فيها ولم يتوقعوا أيضا أنها ستكون من أعلى الحلقات مشاهدة لكنها كانت ولا زالت مقتطفات منها تجول وسائل التواصل الاجتماعي.

‏وسائل الإعلام الفردية والمؤسسية كلها متغيرة ومتجددة مع المتغيرات التقنية ومتغيرات الجمهور، لكن الجمهور يحتاج إلى دراسات علمية لتحليل وتقييم نفسياتهم ورغباتهم وميولهم وسلوكياتهم، وأعتقد أن هذا دور كليات الإعلام في جامعاتنا التي تمتلئ بأكاديميين متخصصين في الإعلام بكل أشكاله، الدراسات بلا شك ستخدم الميدان الإعلامي وستفيد طلاب وطالبات الإعلام الجدد الذين سيدخلون مستقبلا الميدان بأدوات وعلم يساعدهم ويثري المتلقي.