عبدالله العولقي

قراءة المستقبل وشركات التكنولوجيا

الثلاثاء - 18 يوليو 2023

Tue - 18 Jul 2023

في شواهد تاريخ الشركات العالمية دلائل جلية أن التفوق والريادة يكونان بامتلاك الميزة التنافسية التي تمكنها من البقاء في ميادين المنافسة، بيد أن عوامل خارجية طارئة قد تغير مسار هذه الريادة وتقضي على تفوقها، ففي العقدين الأخيرين، تصدرت شركات التكنولوجيا قائمة أغنى وأهم شركات العالم، وتحول ملاكها إلى متصدري الثراء العالمي، وهي ألفابيت (قوقل) وآبل وأمازون ومايكروسوفت وتويتر وفيس بوك وإنستقرام، وتمتلك كل هذه الشركات منصات تقنية لدى كل واحدة منهن ميزة تنافسية وبراءات علمية تستجذب من خلالها ملايين المتابعين حول العالم، لكن العامل الأهم يكمن في مراكز البحوث والدراسات التابعة لها والتي تقدم قراءاتها المتوقعة تجاه المستقبل.

في الأشهر الأخيرة، تصاعدت أحداث التقنية بصورة متسارعة، مما جعل بعض المتابعين يؤكد أن حالة من المتغيرات العالمية ستغير خارطة هذه الشركات العملاقة، ابتدأت هذه الحالة بإعلان رجل الأعمال العالمي إيلون ماسك شرائه لمنصة تويتر الشهيرة، ثم أعقبها إعلان شركة OPEN AI نجاحها في تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي، وآخر هذه الأحداث كان إعلان مارك زوكربيرغ مؤسس تطبيق فيس بوك عن منصة ثريدز الجديدة والتي تضاهي نوعا ما خدمات منصة تويتر، فكيف يمكن لهذه الأحداث أن تتحول إلى متغيرات تصنع حالة جديدة في عالم التكنولوجيا؟!!.

يأتي السؤال الأول بصيغة «هل أخطأ ماسك بشرائه منصة تويتر؟»، الحقيقة أن الإجابة لا تتعلق بطبيعة الخطأ أو الصواب بقدر ما تتعلق بشخصية ماسك نفسه، كثر الحديث هذه الأيام عن ذاته النرجسية وأنه لا ينصت لنصائح مستشاريه ولهذا أطلقوا عليه ترمب التكنولوجيا، كان أول قرار أصدره ماسك بعد استيلائه على منصة تويتر هو طرد مجموعة من كبار خبراء التقنية وأساطين البرمجة، فهل كان يتوقع أن يبقى هؤلاء بلا وظائف أم فاته التفكير أن هؤلاء يحملون قيمة وظيفية عالية وسيتم استقطابهم مباشرة من شركات التقنية المنافسة، خصوصا أنهم يمتلكون مفاتيح منصة تويتر ويدركون جيدا أسرار وخفايا برمجتها!!

السؤال الثاني «هل أدرك زوكربيرغ حجم الفجوة التي خلفها ماسك بإدارته الجريئة لتويتر فكان تطبيق ثريدز بمثابة ملء هذا الفراغ التقني؟»، هذه الفجوة تتمثل في تكدر الجمهور حول انتهازية ماسك بفرض رسوم اشتراكات مقابل خاصية التوثيق، الأمر الذي اعتبرها البعض أن تويتر فقد ميزة النخبة والتأثير باعتبار أن خاصية التوثيق كانت سمة مميزة لحسابات نخبة السياسيين ورجال الأعمال وأعلام الصحافة والثقافة والفكر فتلاشت هذه السمة مقابل الدفع والمال، أيضا لم يكتف ماسك بهذه الخطوة بل سارع إلى تضييق الخناق على الحسابات التي لم تدفع بحرمانها من بعض الخدمات، فهل شكلت إدارة ماسك فجوة بينه وبين الجمهور وتمكن زوكربيرغ من قراءة المشهد بتدشين منصة ثريدز؟، حتى الآن لا يمكن الجزم بنجاح ثريدز مقابل تويتر، كما أن المنصتين قد تسيران إلى جانب بعضهما دون تأثير إحداهما على الأخرى.

الأمر الآخر يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، فالتنافس الآن يحتد بين شركات الذكاء الاصطناعي AI وشركات التكنولوجيا IT ورغبة كل طرف منهما في اقتحام مجال الآخر.

خاتمة القول.. مجال التقنية مجال خطير جدا، وقراءة المستقبل بصورة صحيحة أمر ضروري في اتخاذ القرارات، في الماضي القريب قرأت شركة نوكيا مستقبل شاشات اللمس بصورة خاطئة فغادرت التاريخ إلى الأبد، فهل تمثل إدارة إيلون ماسك لمنصة تويتر حاليا قراءة خاطئة لمستقبل التقنية كان من نتائجها تدشين منصة ثريدز؟ من المبكر الحكم على هذا الأمر.

albakry1814@