باسم سلامه القليطي

حرب (البسوث) والأحمق المطاع

الثلاثاء - 18 يوليو 2023

Tue - 18 Jul 2023

حرب (البسوث) هي كلمة دمجت فيها كلمة (البسوس) الحرب المشهورة، والتي استمرت 40 عاما ومات فيها خلق كثير، وأوقد شرارتها مقتل ناقة، مع كلمة (بثوث) وهي ساحات الحرب على تطبيق (التيك توك)؛ لأنها هي الأخرى حروب تافهة، تقوم وتقعد، لأجل حفنة من الأموال المشبوهة من حيث الحلال والحرام، والمغموسة بالذل والمهانة في أغلب الأوقات.

الإنسان كائن عجيب، يكرمه الله عز وجل، فيهين نفسه، يرزقه الله عقلا يفكر به، فيختار الحماقة اختيار طمع وجشع، وحتى تتوصل لذات الاستنتاج - على فرض أنك لم تسبقني لذلك - ما عليك سوى التجول بين (بثوث التيك توك) التي تقابلك عرضا، لترى سيركا كبيرا، به أنواع التصرفات البشرية الغريبة، التي تجعل مشاعرك تتضارب في كل اتجاه، وعنوانها الأبرز الدهشة والحيرة، يقول الفيزيائي (ريتشارد فاينمان) «تخيل مدى صعوبة الفيزياء لو كان للالكترونات مشاعر».

تسللت إلى هذا العالم مؤخرا ولا زلت أجهل تفاصيله، وأغلب دهاليزه، ومثله مثل أغلب التطبيقات، له إيجابيات وسلبيات، به الجميل المفيد، والقبيح المزعج، فقد تشاهد أحدهم في بث من (البثوث) اليومية يصرخ ويوبخ، يوجه ويستجدي، وكأنه قائد عسكري في معركة فاصلة بين الحياة والموت، بين العزة والذل، بين الكرامة والمهانة، والمحصلة، لا حياة ولا عزة ولا كرامة، أشباح تقود جيوشا من النمل.

وقد ترى إحداهن تمارس ذات الأوامر العجيبة بمهانة أكبر، وصخب أعلى، وتنازلات أكثر، مستخدمة في ذلك، أسلحة محرمة شرعا، ومدانة عرفا، كأنها قرصان في سفينة، طاقمها مجموعة من الفئران، تأمرهم وتناههم، تمدحهم ساعة الفوز، وتلعنهم لحظة الخسارة.

في أول الأمر، عندما كنت أرى قادة (البثوث)، يصرخون ويأمرون ويحفزون متابعيهم، بطريقة مستفزة، كنت أعتقد واهما، أنهم هم من يدعمون متابعيهم، ويغرقونهم بالأموال، فتعاطفت معهم قليلا، ثم اكتشفت أن المتابعين المساكين، هم الذين يدعمون ويصرفون، من أموالهم وأوقاتهم ومجهوداتهم، على أولئك الحمقى المطاعين، والعرب في الماضي قالت «أشر الناس أحمق مطاع في قومه»، وما أكثر الحمقى المطاعين عند قوم (التيك توك).

يتحدثون عن تنفيذ الأحكام في حالة الخسارة، بصرامة واهتمام، وكأنها أحكام شرعية مقدسة، أو أنها قوانين دولية محترمة، وهي في أغلبها تافهة مخزية، وهم في الأساس لم يمتثلوا لأحكام الله سبحانه وتعالى في أفعالهم، ولم يستجيبوا لما أمرنا به الشرع من التحلي بمكارم الأخلاق مثل: الحياء والستر والوقار والمروءة.

يقول الشاعر حافظ إبراهيم:

إني لتطربني الخلال كريمة

طرب الغريـب بأوبة وتلاق

وتهزني ذكرى المروءة والندى

بين الشمائل هزة المشتاق

فالناس هذا حظه مال وذا

علم وذاك مكارم الأخلاق

في الختام، أكاد أحلف بالله غير حانث، أن كثرة متابعة هؤلاء الحمقى و(بثوثهم) الغبية، تسهم في نقص ذكاء الإنسان، وتزيد من بلاهته، وأن أماكن التسول الكاذب، ليست محصورة على أبواب المساجد، وأعمدة الإشارات، فها هم خلف جوالاتهم في كل مكان، يكذبون ألف كذبة، ويختلقون مليون قصة، لينالوا عطفك، ويسرقوا جيبك، ففي (حرب البسوث) أنت لست سوى رقم تابع لأحمق مطاع طماع.