خالد العويجان

ورطة الإخوان المسلمين بعد نفوق القرضاوي

الاثنين - 17 يوليو 2023

Mon - 17 Jul 2023

قبل أشهر، قالت الصفحة الرسمية ليوسف القرضاوي «إن عديدا من الدول الإسلامية نعته، وأخبار إقامة صلاة الغائب عليه؛ أخذت حيزا كبيرا في الموقع الالكتروني، وعويل جماعة الإخوان المسلمين «الإرهابية» ملأ الدنيا».

أحدهم وصفه بفارس المجاهدين، وآخر تساءل: لماذا – ولا أعلم من يقصد – استماتوا في شيطنة القرضاوي.

وكثير رثوه وسطّروا في الرثاء معاني فيها كثير من المبالغة والتبجيل المبني على أيديولوجية أعرفها ويعرفها الكثير.

ووصفه العديد بأنه كان شاغلا للناس، وقد ملأ الدنيا بفقهه وعلمه وجهاده.

وهذا جزء يسير مما كتب في صفحته الرسمية، النابع من الهالة الدينية التي يضعها كبار رموز جماعة الإخوان المسلمين لأنفسهم؛ ليتبعهم ويقدسهم كثير من البسطاء.

بالمناسبة صفحته لا تزال تعمل وكأنه لم يمت، ربما تدار من قبل فريق خاص به، وهذا لا يعني لي وليس قصتي اليوم.

ما أريد قوله، إن وفاته شكلت صدمة لجماعة الإخوان قادتها لأن تعيش حالة من التخبط.

والصدمة الأخرى، تشكلت في قرار تركيا طرد عدد من رموز الجماعة - في ذاك الوقت - ووضع البعض منهم تحت الإقامة الجبرية.

فالصدمتان شكلتا ضربة موجعة لا سيما للقيادات والصف الأول في الجماعة.

وربما أن عملية الطرد تلك، كان ألمها أكثر من رحيل القرضاوي، إذ إن «المعبد هُدم على من فيه»؛ لكن الخطوة الأخرى التي شكلت مأزقا للجماعة، هي البحث عن بديل لرمزية كان يجسدها يوسف القرضاوي بالنسبة لها.

ربما قد يكون الأمر لا يزال قائما من حيث ملء فراغ الرجل، وهذا ما دفع عدد من الرموز ممن يعرفون بـ»إخوان أوروبا» إلى عقد اجتماعات طارئة، لترتيب الصفوف؛ لأن الرجل بلا أدنى شك – أي القرضاوي – كان صاحب علاقات سياسية بعدد من زعماء المنطقة المعروف عنهم تأييدهم للتنظيم الدولي، ومن ثم قناعتهم بالمنهجية والأسلوب الخاص بالإخوان المسلمين.

لكن وبحسب ما أتصور أن الأهم من جميع ما سبق، هو التقارب المصري التركي الذي شهده ملف علاقات البلدين منذ فترة.

فجماعة الإخوان المسلمين كانت تخشى هذا التقارب منذ سقوط نظام محمد مرسي وإزاحة الجماعة عن المشهد السياسي في مصر.

وهذا له عدة أسباب، الأول: أن التقارب يقطع الطريق أمام أي شكل من أشكال التأييد والاحتضان الذي سبق وحصلت عليه الجماعة من الجانب التركي.

والثاني: وهذا أمر حسي، فقد شعر رموزها بطعنة في الظهر تلقوها من أنقرة، بعد سنوات من الدفاع والمنافحة عن قضية الجماعة التي كانت في أصلها وأساسها خاسرة.

يجهل الإخوان المسلمون الذين أداروا أكثر دول العالم العربي تأثيرا أبسط مقومات السياسة ومفاهيمها، وهو «ألا عدو دائم، ولا صديق دائم»؛ وأنها - أي السياسة - متغيرة بالمصلحة والظرف والزمان والمكان.

ويجهل أيضا الإخوان أن التعلق بالمنهجية الحزبية، والارتكاز على الأشخاص في السياسة عبارة عن فشل مهما طل أمد نجاحه، وهذا ما حدث معها إبان حكمهم لمصر.

أعتقد أن قادم الأيام سيشهد كثيرا من السهام التي ستوجهها الجماعة صوب أنقرة، بعد القاهرة التي في الأساس لم تتوقف عن تلقي طعناتهم الغادرة.

وهذا ما يجب أن يفهمه صانع القرار التركي، من خلال النظر عن منهجية «الخيانة» التي ترتكز عليها الجماعة، وهي التي خانت مصر، برموزها وأعضائها، ذوي الغالبية المصرية، بمعنى أن من خان بلاده لا يمكن الاستئمان له مهما ارتدى قناع الحمل الوديع.

إن الخطوة التركية التي تقدمت للمصالحة مع القاهرة هي خطوة في الاتجاه الصحيح بميزان العلاقات الدولية والاستراتيجية، حتى وإن فهمت أنقرة ذلك متأخرا إلا أنه أمر حميد وصحيح.

وقبل ذلك، بالضرورة استيعاب أن مثل هذه الجماعة، ما لم تكن وبالا لن تكون خيرا في شيء، فهم متطرفون قولا واحدا، يتصورون أنهم شجعان، وهم جبناء، يعتمدون على الكراهية، والسواد، والأحقاد، ومبادئهم يكتبها من يرون أنهم أقوياء، ليقتات عليها الضعفاء، وربما الأغبياء.. وهم كثر.