بسام فتيني

تجارب اجتماعية للفلترة البشرية

الأحد - 16 يوليو 2023

Sun - 16 Jul 2023

لا شك أن هذه الحياة هي دار اختبار وصبر على المكاره، ورغم جمال الحياة وحلاوتها، إلا أن المنغصات جزء لا يتجزأ من هذا الجمال!

نعم، هذه حقيقة وليست فلسفة.

فما أجمل أن تكون أكثر خبرة وتجربة بعد وقوعك في ابتلاء ما، يجعلك أكثر خبرة وتمحيصا، لذلك حين ننظر إلى العظماء ونسبر أغوار سيرتهم الذاتية، نجد أن مشوارهم لا يخلو من التعثر الذي أعقبه علم وتعلم!.

وما الخبرة والتجارب إلا بضع إخفاقات وصدمات وحفر ومطبات، عشناها فصقلتنا وجعلتنا أكثر نضجا.

هذه الفكرة وهذا المفهوم حين يعيه الإنسان، سيجد نفسه في مرحلة عليا من التفرد الفكري في فلترة من حوله!

بصراحة، شخصيا تعلمت هذه التقنية البشرية البديعة من رجل عظيم قال لي يوما ما: إن من حولك ليس بالضرورة هم محبون بإخلاص لك، ولاهم معجبون بعينيك العسلية!، بل إن هناك مصالح تجمع وتفرق، فعليك يا بني أن تتعلم تقنية فلترة من حولك، بأن تختبرهم بين الفينة والأخرى!.

قالها لي ومضى، لكنه أشعل في داخلي ألف سؤال وسؤال، ومليون فكرة وفكرة، لفلترة كثير من التصرفات قبل البشر!. فقد كنت أعطي حتى يتم استغلالي، وكنت طيبا حتى تم اعتباري ساذجا!، وكنت أقدم الخدمات المجانية حتى اعتبروني متاحا طوال الوقت!، وكنت أقع في فخ فكرة التطوع حتى اكتشفت أن هناك من يتفنن في استغلالي!، وكنتُ وكنتُ وكنتُ. امتلأ دفتر ذاكرتي وأنا أتصفحه وأقلب في فصول الذكريات!

تذكرت كل من مروا، مرورا في حياتي كالشريط السينمائي، وتذكرت من كان يدعوني في كل المناسبات حين رآني مرة بسيارتي الفارهة جدا، ثم ما لبث أن اختفى تماما حين بعتها واشتريت سيارة عادية للتمويه!.

نعم، فقد طبقتُ نصيحة الخبير الذي ذكرته في بداية مقالي هذا، بل كانت الصدمات متتالية، صدمة تلو الصدمة، فمن كنت أقرضهم بمئات الآلاف حين أوهمتهم بأني بصدد إنشاء مطعمي الجديد، وإني أحتاج للسيولة، كانت الصدمة حين تساقط الواحد تلو الآخر، كل حسب حجته التي تفنن كل واحد منهم في نسجها!

كانت صدمة حقيقية لي!، فالبعض كان فقط يتقرب ليحصل على إعلان مجاني أو ريتويت! يا الله، ما أرخصهم من قوم، وما أبشع بعض البشر. دعوني أصدقكم القول: إني قد سجدتُ لله شاكرا، لأني فعلا لم أحتجهم، ولم أكن في حاجتهم.

خاتمة، لا تنتظر العون من بشر، وعندك خيار العون من رب كل البشر.

BASSAM_FATINY@