فرنسا تدفع ثمن 30 عاما من الإهمال!
الأحد - 09 يوليو 2023
Sun - 09 Jul 2023
بعد خمسة أيام من مظاهر الغضب وأعمال الشغب وعمليات النهب، التي أدت إلى خسائر تقدر بنحو 60 مليون يورو، بسبب مقتل المراهق الفرنسي الجزائري الأصل نائل، هدأت شوارع المدن الفرنسية، لكن قاعات البرلمان لم تهدأ بعد، فالكتل اليمينية تطالب بإعادة طرح ملف تنظيم الهجرة على الطاولة بقوة، وتتهم المتظاهرين بعدم ولائهم لفرنسا، وتلوم الحكومة بعدم معالجة الأوضاع من جذورها، فيما يعارض كثير من اليساريين تلك اللغة الحادة تجاه مواطنين يعدون فرنسيين، مهما اختلفت أصولهم، ويصفون آراء اليمين بالعنصرية الفجة.
ورغم تباين الأحزاب في تناولها للأزمة التي مرت بها فرنسا، فإن الجميع يتفق على أن الحكومة لم تواجه جذور المشكلة التي تتمثل في أزمات شباب الضواحي، ولم تبذل أي جهد في تقديم حلول حقيقية، أو على الأقل تفعيل حلول سابقة.
إن المشكلة الرئيسة في اندلاع المظاهرات بهذا الشكل الوحشي والهمجي، لا تتعلق بصعوبة اندماج أي فرنسي من أصول مهاجرة في المجتمع الفرنسي، فكثير من أبناء المهاجرين هم اليوم مسؤولون في الجهات الحكومية الفرنسية، وأصحاب أعمال، ويؤمنون بمبادئ الجمهورية الفرنسية، بل إن بعضهم لا يتحدث لغة أجداده.
في المقابل، نجد أن كثيرا من أبناء الضواحي يشعرون بنوع من التمييز ضدهم، بسبب تقصير الحكومات المتعاقبة منذ نحو 30 عاما.
فهم يسكنون في ضواح غير مطورة، وتفتقد ممثلين لهم ينقلون مطالبهم ويناقشونها مع السلطات بشكل مباشر، وهذا الأمر جعل منهم أشخاصا كارهين للحكومة وللشرطة وللقضاء، كما جعل بعضهم يبحث عن أي فرصة للمشاركة في الانتقام من الحكومة خلال إضرام الحرائق وتخريب الممتلكات.
وبما أن أزمات الضواحي تعد أهم أسباب تفاقم أي احتجاجات، حيث يخرج الصبيان من تلك الضواحي للمشاركة في أعمال عنف انتقامية، فمن الضرورة بمكان إيجاد حلول تضمن الاستقرار لأهالي هذه الضواحي وأبنائها، أو العودة إلى الحلول السابقة وتطويرها، مثل موافقة الحكومة الفرنسية في 2012 على تمويل مشاريع اقتصادية في تلك الضواحي، والتي لم تر النور حتى الآن للأسف.
المشهد الفرنسي اليوم أصبح أكثر وضوحا، فمنذ قدوم إيمانويل ماكرون للرئاسة، والذي تميزت حكومته بتجاهل مطالب الشارع وضربها عرض الحائط، أصبحت المظاهرات عادة للشارع الفرنسي، تبرز للعالم مع أي مشكلة تمر بها باريس، بل إن الأدهى والأمر هو تحول المظاهرات من سلمية إلى تخريبية، تستهدف الممتلكات العامة والخاصة، وتكبد الاقتصاد الفرنسي في كل مرة عشرات ومئات ملايين اليوروهات.
إن ما أراه اليوم هو تحول في سلوك المواطن الفرنسي تجاه حكومته، سواء كان فرنسي الأصل أو من أصول مهاجرة، فجميع الفئات كانت حاضرة مع أصحاب السترات الصفراء والمعترضين على مشروع قانون رفع سن التقاعد، والمنددين بارتفاع أسعار الطاقة، والمناهضين للقاح فيروس «كوفيد19»، وكذلك المتظاهرين ضد مشروع أحواض تجميع المياه الجوفية، وغيرها كثير، حتى التظاهرة الأخيرة قبل أيام.
وجميع هذه الأحداث، إضافة إلى ما يمر به الاقتصاد الفرنسي من تحديات، مثل تداعيات الاحتجاجات العمالية المتعاقبة، وأزمة التضخم، والفشل في إدارة ملف الطاقة، يعكس لأي متابع وجود خلل في عمل الحكومة، أعاق من إيجاد الحلول وتسبب في انعدام الثقة لدى المواطن، وهو ما ينذر بتحول فرنسا في مستقبل الأيام إلى منطقة مضطربة، وربما تحول ذلك إلى حرب أهلية.
ورأينا كيف نزل مناصرو الأحزاب اليمينية المحافظة إلى الشوارع لمواجهة المحتجين على مقتل الشاب نائل، قبل أن تتدارك القوات الفرنسية وتعمل على تهدئة الأوضاع.
الحكومة الفرنسية مطالبة اليوم بتشخيص الوضع الداخلي تشخيصا دقيقا، والعمل على وضع حلول تتضمن خططا اقتصادية واجتماعية، وإشراك جميع الفرنسيين لاستدراك المرحلة التي تشهد تحولا سلبيا في سلوك المواطن الفرنسي تجاه وطنه أثناء المظاهرات، والحيلولة دون تفاقم أي أحداث لاحقة، خلال عدم تجاهل مطالب الشارع، ووضع حلول لأزمات الضواحي التي برزت منذ نحو 30 عاما، وكانت لا تتعدى آنذاك مناطقها، إلا أنها تطورت مع الإهمال إلى أن وصلت إلى أوساط المدن.
binmautaib@
ورغم تباين الأحزاب في تناولها للأزمة التي مرت بها فرنسا، فإن الجميع يتفق على أن الحكومة لم تواجه جذور المشكلة التي تتمثل في أزمات شباب الضواحي، ولم تبذل أي جهد في تقديم حلول حقيقية، أو على الأقل تفعيل حلول سابقة.
إن المشكلة الرئيسة في اندلاع المظاهرات بهذا الشكل الوحشي والهمجي، لا تتعلق بصعوبة اندماج أي فرنسي من أصول مهاجرة في المجتمع الفرنسي، فكثير من أبناء المهاجرين هم اليوم مسؤولون في الجهات الحكومية الفرنسية، وأصحاب أعمال، ويؤمنون بمبادئ الجمهورية الفرنسية، بل إن بعضهم لا يتحدث لغة أجداده.
في المقابل، نجد أن كثيرا من أبناء الضواحي يشعرون بنوع من التمييز ضدهم، بسبب تقصير الحكومات المتعاقبة منذ نحو 30 عاما.
فهم يسكنون في ضواح غير مطورة، وتفتقد ممثلين لهم ينقلون مطالبهم ويناقشونها مع السلطات بشكل مباشر، وهذا الأمر جعل منهم أشخاصا كارهين للحكومة وللشرطة وللقضاء، كما جعل بعضهم يبحث عن أي فرصة للمشاركة في الانتقام من الحكومة خلال إضرام الحرائق وتخريب الممتلكات.
وبما أن أزمات الضواحي تعد أهم أسباب تفاقم أي احتجاجات، حيث يخرج الصبيان من تلك الضواحي للمشاركة في أعمال عنف انتقامية، فمن الضرورة بمكان إيجاد حلول تضمن الاستقرار لأهالي هذه الضواحي وأبنائها، أو العودة إلى الحلول السابقة وتطويرها، مثل موافقة الحكومة الفرنسية في 2012 على تمويل مشاريع اقتصادية في تلك الضواحي، والتي لم تر النور حتى الآن للأسف.
المشهد الفرنسي اليوم أصبح أكثر وضوحا، فمنذ قدوم إيمانويل ماكرون للرئاسة، والذي تميزت حكومته بتجاهل مطالب الشارع وضربها عرض الحائط، أصبحت المظاهرات عادة للشارع الفرنسي، تبرز للعالم مع أي مشكلة تمر بها باريس، بل إن الأدهى والأمر هو تحول المظاهرات من سلمية إلى تخريبية، تستهدف الممتلكات العامة والخاصة، وتكبد الاقتصاد الفرنسي في كل مرة عشرات ومئات ملايين اليوروهات.
إن ما أراه اليوم هو تحول في سلوك المواطن الفرنسي تجاه حكومته، سواء كان فرنسي الأصل أو من أصول مهاجرة، فجميع الفئات كانت حاضرة مع أصحاب السترات الصفراء والمعترضين على مشروع قانون رفع سن التقاعد، والمنددين بارتفاع أسعار الطاقة، والمناهضين للقاح فيروس «كوفيد19»، وكذلك المتظاهرين ضد مشروع أحواض تجميع المياه الجوفية، وغيرها كثير، حتى التظاهرة الأخيرة قبل أيام.
وجميع هذه الأحداث، إضافة إلى ما يمر به الاقتصاد الفرنسي من تحديات، مثل تداعيات الاحتجاجات العمالية المتعاقبة، وأزمة التضخم، والفشل في إدارة ملف الطاقة، يعكس لأي متابع وجود خلل في عمل الحكومة، أعاق من إيجاد الحلول وتسبب في انعدام الثقة لدى المواطن، وهو ما ينذر بتحول فرنسا في مستقبل الأيام إلى منطقة مضطربة، وربما تحول ذلك إلى حرب أهلية.
ورأينا كيف نزل مناصرو الأحزاب اليمينية المحافظة إلى الشوارع لمواجهة المحتجين على مقتل الشاب نائل، قبل أن تتدارك القوات الفرنسية وتعمل على تهدئة الأوضاع.
الحكومة الفرنسية مطالبة اليوم بتشخيص الوضع الداخلي تشخيصا دقيقا، والعمل على وضع حلول تتضمن خططا اقتصادية واجتماعية، وإشراك جميع الفرنسيين لاستدراك المرحلة التي تشهد تحولا سلبيا في سلوك المواطن الفرنسي تجاه وطنه أثناء المظاهرات، والحيلولة دون تفاقم أي أحداث لاحقة، خلال عدم تجاهل مطالب الشارع، ووضع حلول لأزمات الضواحي التي برزت منذ نحو 30 عاما، وكانت لا تتعدى آنذاك مناطقها، إلا أنها تطورت مع الإهمال إلى أن وصلت إلى أوساط المدن.
binmautaib@