هتون أجواد الفاسي

مجلة الدفاع.. ستون عاما من التاريخ المشرف

الأربعاء - 05 يوليو 2023

Wed - 05 Jul 2023

كان حدث تكريم الوالد من قبل صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع، ونيابة عنه رئيس هيئة الأركان العامة، الفريق أول طيار ركن فياض بن حامد الرويلي، باعتباره أحد مؤسسي مجلة الدفاع ورئيس تحريرها الثاني عام 1963/1383 في ذكرى عامها الستين، حدثا غير عادي بالنسبة لأسرتنا التي فقدت غاليها قبل سنة ونصف فقط.

وكانت دعوتي لتمثيله في حفل التكريم وتدشين النسخة الالكترونية للمجلة شرفا كبيرا أسعدتني وكل أفراد العائلة، فليس هناك أبلغ من تقدير الرواد بعد أن يمضوا وبعد مضي عشرات السنين على وضع أحلامهم على أرض الواقع، وحفظ سيرتهم وتوثيقها.

كثيرا ما كنت أسمع عن مجلة الدفاع في صغري وعما كان يعتبره والدي كأحد إنجازاته التي يفتخر بها في فترة خدمته في الجيش العربي السعودي خلال فترة الخمسينيات والستينيات.

لكن مشاهدة ذلك رأي العين من خلال صفوف طويلة من رؤساء التحرير الذين مروا عليها أو أبنائهم أو طواقم العمل السابقة فيها أو الحالية، وذلك في وسط أعداد مشرفة من ضباطنا في الدفاع الجوي والبري والبحري الذين كانوا نجوما تملأ سماء القاعة، كان شعورا مليئا بالفخر والاعتزاز بهم جميعا.

مشاهدة معرض المجلة الذي استعرض تاريخها المشرف عبر العقود والمراحل المختلفة كان أيضا مثيرا للشجون وأنا أرى صورة أبي تتوسط المرحلة الثانية للتأسيس ثم تتوالى صور ومراحل المسيرة.

كانت الكلمات والذكريات التي تلاحقت في الفيلم الوثائقي وعلى ألسنة المتحدثين جميلة ومثيرة للشوق والعرفان.

العميد ركن متقاعد سبأ باهبري الذي ترأس المجلة بين عامي 1988-1992 كانت له مكاشفات جميلة حول التحديات والإنجازات التي نجحت المجلة فيها خلال فترة حرب الخليج وما كانت تمثله للقطاع العسكري ولجنودنا في كل مكان.

كان استلامي للوحة التذكارية للعدد الأول للمجلة من على المنصة والتي تحمل في أسفلها اسم النقيب أجواد الفاسي، رئيس التحرير عام 1963، فخرا وسعادة.

والأكثر سعادة كان استعراض العدد الأول الذي تضمن الهدية التذكارية المرافقة لمقاعد ممثلي رؤساء التحرير وحمل مفاجأة جميلة. وجدت فيه صورة للعلاقة الحميمة التي كانت تربط العقيد علي الشاعر، المشرف على تأسيس المجلة وقائد كلية الملك عبدالعزيز الحربية وفيما بعد وزير الإعلام، الذي ختم العدد (قبل بصفحة) برسالة امتنان وجهها للرئيس أجواد الفاسي (أحد المراتب العسكرية التي تغيرت إلى نقيب)، سكرتير التحرير، الذي ساهم في الدفع بهذا العدد للصدور كما في أربعة أعداد أخرى أولى من مجلة كلية الملك عبدالعزيز الحربية. أما الختام فقد كان لـ «كلمة العدد» بقلم: سكرتير التحرير نفسه.

وما أن مضت بضعة أيام إلا وكنت في مكتبة الوالد العامرة بمكة المكرمة أقلب بين أوراقه وكتبه التي كنا نجهزها للإيقاف على مكتبة الحرم، وإذ بي أجد الأعداد الأربعة من مجلة كلية الملك عبدالعزيز الحربية المذكورة سابقا، وقد ترأس تحريرها الوالد حتى العدد السادس، والعدد الثاني من مجلة الدفاع والذي صدر في العام التالي تحت رئاسة تحرير الرئيس أجواد الفاسي، في حين كان المشرف العام العقيد محمد الطيب التونسي، وسكرتير التحرير عبدالرحمن الشاعر والذي تولى رئاسة التحرير لاحقا.

كانت مجلة الكلية موجهة بشكل أكبر لاستكتاب الطلبة وخدمة احتياجاتهم، بينما مجلة الدفاع موجهة للجنود والضباط واحتياجات هذه الفئة الثقافية والاجتماعية والفكرية، فضلا عن المواضيع العسكرية، مستكتبة كبار رجال الجيش ورموز الدولة أو متناولة لدورهم ومكانتهم المهمة في الدولة والمجتمع.

وقد استوقفتني مقالة في العدد الأول للأستاذ أديب سلامة، والد الدكتورة عواطف سلامة، زميلة العمل في جامعة الملك سعود ورفيقة درب تاريخ الجزيرة العربية القديم. وفي العدد الثاني معالي وزير الإعلام وسفيرنا في فرنسا والأمين العام لمجلس التعاون السابق الشيخ جميل الحجيلان، أطال الله في عمره، الذي كان ضيفا للعدد.

أو استعراض رئيس التحرير لشخصيات عسكرية منها الرئيس الدكتور صالح أمبه مؤسس كلية البترول والمعادن وأول عميد لها والتي تحولت فيما بعد إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والذي لم تكن خلفيته العسكرية معروفة بعد أن أعير لوزارة البترول والثروة المعدنية وأكمل مسيرته فيها أكاديميا وإداريا. كما تجد الكاتب والروائي الرائد إبراهيم الناصر يشارك بنقد وتحليل في عالم نجيب محفوظ الروائي.

كما احتوى العدد على بضع صفحات تدعى بركن «وراء كل عظيم» لتسطرها نساء من أسرة الجيش، زوجات وبنات وأخوات. وترأس تحريرها السيدة إلهام الميقاتي، المشرفة الاجتماعية في مدارس الأبناء (مدارس أبناء الضباط). ومن بين المساهمات كانت للآنسة فريال كردي، سيدة العمل الاجتماعي الطويلة الباع.

ومن جميل الأخبار الفنية كان انتداب الزعيم (رتبة عسكرية) طارق عبدالحكيم، مدير موسيقات الجيش، إلى الحرس الملكي لتنظيم فرقتين موسيقيتين، للآلات النحاسية والقرب وفرقة أوركسترا الحرس.

وقد انتقلت كامل المدرسة الموسيقية من الطائف إلى الرياض. فضلا عن إقامة إدارة الشؤون العامة للجيش حفلات ترفيهية وموسيقية تحمل صور عدد من الفنانين أحدهم كان عسكريا يعزف العود بالبدلة العسكرية، وكما نرى فإن الفنان طارق عبدالحكيم كان أساسا ضابطا في الجيش.

أرى أن هذه الأوراق من الصحف والمجلات القديمة تفتح أعيننا على عالم ثري يحكي تطور مجتمعنا، مما يستحق الوقوف عليه. ولحسن الحظ فإن معالي الفريق الرويلي دشن موقع المجلة أونلاين في ذلك الحفل وسوف تتاح للجمهور قريبا.