نبيل عبدالحفيظ الحكمي

التجربة الأسترالية

الأربعاء - 05 يوليو 2023

Wed - 05 Jul 2023

أرسل لي أحد أصدقائي في موقع «لينكد إن» من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أحد مطوري الأعمال لشركة من الشركات الأمريكية الأسترالية وقد أعجب بإحدى مقالتي السابقة المنشورة باللغة الإنجليزية وأراد مشاركتي ببعض المعلومات عن تميز التجربة السريرية في دولة أستراليا مقارنة بالدول الأخرى المتقدمة في هذا المجال.

وبحكم خبرتي في هذا المجال خلال السنوات الماضية سواء داخل السعودية أو خارجها مثل الولايات المتحدة الأمريكية أردت أن أشاركك عزيز القارئ أهم المعلومات عن الدراسات السريرية وأهميتها وسرد بعض ملامح التجربة المتميزة لدولة أستراليا.

فلنبدأ مقالتنا اليوم بشرح مصطلح التجارب السريرية، وهو باختصار تجارب تُجرى على متطوعين لدراسة أمان وفاعلية علاج معين وقد تُجرى الدراسات السريرية بغرض إيجاد طرق لتشخيص أو منع مرض معين.

عند اكتشاف وتطوير علاج جديد تُجرى التجارب «ما قبل السريرية» بداية في المعامل والمختبرات ثم على حيوانات التجارب -أعزكم الله- إلى الوصول بعد ذلك إلى مرحلة «التجارب السريرية» إذا أثبتت النتائج أمان وفاعلية الدواء قبل أخذ الموافقة من الجهات المعنية بالبدء بالتجارب السريرية على البشر.

تنقسم التجارب السريرية إلى أربع مراحل أساسية:

الأولى: تهتم هذه المرحلة بدراسة أمان العلاج وغالبا ما تتم على متطوعين أصحاء وفي بعض الحالات الخاصة تتم على بعض المرضى مثل مرض السرطان وعدد المتطوعين يتراوح بين 10 إلى 100 متطوع وتستمر عدة أشهر.

الثانية: تهتم هذه المرحلة بدراسة فاعلية العلاج ودراسة الآثار الجانبية وتتم على متطوعين مرضى وعددهم يتراوح بين 100 إلى 300 وتستمر من سنة إلى سنتين.

الثالثة: تهتم هذه المرحلة بدراسة أوسع لفاعلية العلاج والآثار الجانبية والأمان على نطاق أوسع، حيث يتراوح عدد المتطوعين بين 1000 إلى 3000 وتستمر من سنة إلى 4 سنوات وقد تكون في عدد من المستشفيات وعدد من الدول. وتعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة قبل اعتماد العلاج من الجهات المعنية وتوفره في الأسواق.

الرابعة: وتأتي هذه المرحلة بعد اعتماد العلاج وتوفره في الأسواق وتهدف إلى دراسة فاعلية الدواء وأمان الدواء على المدى الطويل.

وبالعودة إلى صديقي الأمريكي بخصوص فوائد إجراء الأبحاث السريرية للتقنية الحيوية والدوائية في دولة أستراليا. حيث ذكر لي أن هناك العديد من المميزات المتاحة للشركات الناشئة الصغيرة في مجال التقنية الحيوية التي تأتي إلى أستراليا لإجراء التجارب في المراحل المبكرة.

من أهم هذه المميزات التي تتميز بها أستراليا:

1 - سرعة الحصول على الموافقات الضرورية من الجهات المعنية للبدء في التجارب السريرية، حيث إنه لا يلزم الحصول على الإذن الرسمي للبدء مما يوفر الوقت والمال، حيث يوجد لجان المراجعة الأخلاقية التي تستغرق فقط 5 أسابيع وهذا حافز جدا كبير للشركات الدوائية الناشئة.

2 - تتميز التجارب السريرية في أستراليا بالجودة ويتم قبول جميع الاختبارات والبيانات من نتائج سابقة والتي تم إنشاؤها في دول مختلفة مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والوكالة الأوروبية للأدوية، ولا يوجد حاجة لإعادة القيام بها من جديد مما يوفر المال والوقت أيضا.

3 - تتميز أستراليا بتقديم خصم نقدي بنسبة 43.5% من قبل الحكومة الأسترالية على جميع التجارب السريرية مما يوفر مبلغا كبيرا من رأس المال ويخفض المخاطر المالية للشركات الناشئة والشركات الاستثمارية. وتعتبر نقطة جذب كبيرة لهذه الشركات من خارج أستراليا.

4 - بالإضافة إلى ذلك، يوجد فارق كبير في سعر صرف العملات بين معظم البلدان (مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا وأستراليا)، مما يجعل التكاليف الإجمالية أقل.

تعتبر التجارب السريرية في أستراليا في متناول جميع الشركات الناشئة الصغيرة من مختلف دول العالم.

من خلال تجربتي وخبرتي في مجال التجارب السريرية في الولايات المتحدة الأمريكية أستطيع القول إن تكلفة التجارب السريرية في أستراليا قد تصل إلى 50% أقل في التكاليف عنها في الولايات المتحدة الأمريكية ومع ذلك ما تزال جودة عمل التجارب السريرية وسرعة وإتقان تحليل النتائج قد تكون أفضل في الولايات المتحدة الأمريكية من غيرها.

وفي نهاية هذه المقالة عزيزي القارئ قد تتساءل: وماذا عن التجارب السريرية في السعودية وخاصة في المراحل الأولى؟ نجيب عن هذا السؤال في مقالة قادمة بإذن الله.

nabilalhakamy@