محمد علي الحسيني

الحج سلوك ومسؤولية

الاثنين - 03 يوليو 2023

Mon - 03 Jul 2023

في هذه الأيام المباركة أتم حجاج بيت الله الحرام مناسك الحج وهم من كل فج وافدون بعد وقوفهم على صعيد عرفات وفرشهم أرض مزدلفة في مشهد مصغر ليوم الحشر، ومنها إلى منى حيث توجهوا بقلوب خاشعة ذليلة إلى الله تعالى ليغفر لهم ذنوبهم ويتم عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، جاؤوا ليشهدوا فضل الله عليهم ويذكروه ويوحدوه» ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات» وقد تركوا المال والأهل ليعظموا شعائر الله «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب»، ولقد كرم الله ضيوفه بنعمة النظر إلى بيته المشرف والطواف حوله والسعي بين الصفا والمروة «إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما»، ويبتغي الحجاج بعد عودتهم إلى الديار أن يحفظوا حجتهم بطاعة الله والابتعاد عن معاصيه.

الحج تاج ينبغي الحفاظ عليه

إن الحج ركن من أركان الإسلام الخمس، وهو شعيرة إسلامية تلبية لدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام، «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق»، وهو فريضة على القادر جسديا وماديا، «لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل»، فمن يملك المال والصحة والمال اليوم قد لا تتاح له الفرصة غدا فقد يفقد أحدهما أوكلاهما، فالحج من نعم الله على عباده الذين كتب لهم أن يكونوا ضيوفه ووعدهم بالمغفرة وحسن الجزاء كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، لذلك ينبغي المحافظة عليها أثناء وبعد الحج ويعلمنا الله في الحج بضرورة التحلي بالأخلاق الحسنة والابتعاد عن المعاصي وعدم التعرض للناس وإيذائهم، وفي هذا يقول المولى عز وجل «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج»، ومن حافظ على حجه كما قال (عليه الصلاة والسلام):»من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، ومن هنا ينبغي المحافظة على هذه النعمة بالعمل والاجتهاد ومن خلال حسن العبادة وأعمال البر والإحسان.

الحج ليس لقبا بل مسؤولية

بعد عودة الحجاج إلى الديار عليهم أن يدركوا أن الحج ليس مجرد لقب، بل عليهم عبء مضاعف، فالحج نعمة من الله يجب الحفاظ عليها، ومسؤولية ينبغي الالتزام بها، وسلوك إيماني عليهم مواصلته والاستمرار به، وألا تلههم الدنيا وتغويهم وتوقعهم في شراكها، فعليهم أن يواصلوا على نفس خطوات الحج من تجنب الرفث والفسوق والجدال وباقي المحظورات المحرمة، خصوصا أنه استطاع ترويج نفسه وتمكن من الابتعاد عن الذنوب واجتناب المعاصي في كل وقت، حيث تقع عليهم مسؤولية كبيرة وحجة إلهية، لأننا رأينا وشاهدنا كيف يجتمع الحجيج في عرفات في مشهد من مشاهد يوم الحساب، جميع الناس من كل الأصناف والألوان في موقف واحد، وهذا الموقف لنزداد به إيمانا ويقينا بيوم الدين، ولنرجع بعده للعمل الصالح ونوصي بالحق وبالصبر، ونستقيم على الطريق المستقيم، ونكون قدوة وأسوة للناس أجمعين.

وختاما نشدد على إخواننا أن يتجنبوا الألقاب والتوهم بها، فالحج ليس للمباهاة وما شابه، فالقاعدة القرآنية تقول» وأن ليس للإنسان إلا ما سعى».

sayidelhusseini@