اعرف رئيسك
الاثنين - 26 يونيو 2023
Mon - 26 Jun 2023
فجأة وبدون مقدمات قالت مثلا لاقى وقعه العظيم في نفسي «إن حَبتكْ عيني.. ما ضَامك الدهر!» وهو تعبيرها الهادئ الصريح عن عدم الرضا على الممارسات الخاطئة لرئيستها في العمل! من التفرقة في المعاملة وانتفاء العدالة الوظيفية وتكديس الأعباء، من سلوكيات ذات شكل بيروقراطي قميء يعززها التردد في القرارات، إلى تطبيق المبدأ (الميكافيلي) للتفرقة في المعاملة حتى يسود الامتعاض وشعور الغبن بين الأغلبية.
فكم تزخر بيئاتنا الإدارية بنماذج تسيء إلى المنظومة الوظيفية (خاصة في القطاع الحكومي)، فما بين إصرار على التقيد بالإجراءات واللوائح الرسمية أو ما نسميه (نص النظام وبنود اللائحة) إلى رعب الرئيس الضعيف من محاولة التجديد والتغيير.. وصولا إلى الابتعاد عما نسميه (روح النظام) الإداري ومرونته عبر ثغراته وصلاحية الرئيس وقدرته على إدارة المخاطر.
وما بين تهديد ووعيد وتخبط عشوائي في القرارات يقابله تحميل الفرد المنتج لأعباء متزايدة أكثر فأكثر بما يفوق قدرته على الإنجاز، نجد المخرجات تتأثر بتقلب الأمزجة وتغير الرؤساء، دون اتباع استراتيجية ممنهجة لتحقيق الأهداف.
ويضرب بعرض الحائط احتياجات الموظف للنمو وتأكيد الذات بالإضافة إلى حرمانه من حقه المشروع في رؤية أهدافه الخاصة تتحقق في بيئة مزدهرة.
في بيئة العمل الموبوءة هذه، هناك تعارض بين الثقة والشك، وبين التفويض والمركزية خاصة في ظل غموض الدور وضعف قدرات الرئيس وإحساسه بضعف السيطرة، فتنقلب العلاقة بالمرؤوسين إلى تسلط وتهديدات وعدوانية متوارية، مما يسيء إلى حرية الموظف الشخصية ويؤثر على المناخ التنظيمي ومستويات الأداء. فكيف ستنمو المنظمات بعدها وتتجدد؟
أفسر هذه الحالات (المشاعة) بمنظور مغاير، فالموظف الإيجابي محظوظ بوجود هذا النوع (الشرير) من الرؤساء إلى حد ما؛ لأنه إن كان يحمل روح التحدي والإصرار على إثبات الذات، إضافة إلى التمكن من أداء العمل بإتقان، والرؤية الثاقبة للمستقبل، فسيركز جهده على تحقيق إنجازات مبهرة، فلديه شحنة ذات طرد عكسي تدفع إلى الأمام كصاروخ يشتعل، يعرف مداه ومستقره ومستودعه. فيرتقي المرؤوس إلى أفضل حالات الإنجاز الوظيفي الواحدة تلو الأخرى غير آبه بالتفاهات.
ولو فكر كل منا بأسماء رؤساء العمل على مدى سنوات خبرته، ممن كان لهم أثر حقيقي في الإنجاز الشخصي، لبرزت في الذاكرة أسماء (شريرة) نذكرها ونستغفر الله لها وندعو أن يجزيها بقدر النوايا.. تماما كما نتذكر بامتنان رؤساء عظاما، حفروا في قلوبنا أسماءهم فما نسيناهم حتى لو غيبهم الموت، ونظل ندعو لهم بظهر الغيب بأن يجزيهم الله عنا خير الجزاء كما أحسنوا إلينا بعلمهم وأخلاقهم.
السؤال: كيف يكون موظفونا ممن تحبهم العين.. ولا يضيمهم الدهر؟ كيف يكون الرئيس محبوبا بخلقه وعدالته وتمكنه مما يفعل وفوقها الكاريزما الجاذبة؟ دعونا نسأل السؤال بالعكس: كيف يجعل الرئيس موظفيه تعساء؟ كيف تعرف أنه أو أنها من إياهم؟ وإليكم الجواب... مثلا إن لم يسمح لك الرئيس أن تفخر بما أنجزت وتلاعب بأدوارك الوظيفية وحركك كقطعة شطرنج تارة من مهمة إلى مشروع ثم إلى مبادرة، قاطعا ما بدأت.. فاعلم أنه ينوي شيئا ما.
وإن لم يفوت الفرصة لعرقلة أي تقدم في عملك فيضع أهدافا متضاربة ويغيرها بوتيرة مستمرة لتدمير الدافعية، فاعلم أنه من إياهم.
أما الطامة الكبرى إن كان ينسب لنفسه الفضل ويجير إنجازك وعملك لغيرك أو لصالحه، مع عدم الوعي بفداحة ما يفعل! فاعلم أنه من إياهم.
وأخيرا إن امتلأت بيئة العمل بالمشكلات والصراعات (وغالبا ما يحدث)، إلا أنه ينكرها ويتنصل منها ويرمي باللائمة على الآخرين ويحملهم الذنب ليبدو كالبريء من دم ابن يعقوب وهو يخفي القميص، فتأكد أنه بكامل الإصرار والترصد ينوي تشتيت حياتك الوظيفية. فهل ستسمح له بذلك؟
من منا لم تصادفه هذه النوعية من الرؤساء؟ وكم منا حول ممارساتهم الفاشلة في بيئة العمل إلى محفزات إيجابية تقلب الطاولة على الرئيس الانتهازي! فيخزيه الله وينجيك؟ يحتاج الموظفون إلى قلب حي وعقل منصف يساند الحق أينما وجد، ويحتاج الرؤساء (القياديون الحقيقيون الذين يرون أبعد من أنوفهم) إلى المساندة والدعاء من القلب بالتوفيق في مسعاهم وكفاحهم لصنع التغيير المنتج، في ظل روح الاستنهاض التي تعيشها المملكة لتحقيق الرؤية الطموحة.
والرأي عندي إن كان بإمكانك اختيار القائد الذي تعمل معه.. من تتعلم منه.. من يضيف لك شيئا يوميا.. من يسمح لك بالطيران ويفرش لأحلامك بساطا مخمليا، ومن يساندك ويحمي ظهرك ويصفق لك عند نجاحك، فأنت على المسار الصحيح، وأنت محظوظ دونا عن فئة كبيرة. أما إن لم تستطع فتمسك بحقك في الاختيار خاصة إن ضعف الشغف لديك.. غير إدارتك أو فريق العمل أو انتقل إلى مكان آخر.. حتى لو كانت البدايات صعبة والمسار ضبابي.
وتذكر رجاء.. أن تكون ممتنا ومقدرا لمن يمهدون الطريق لك ولغيرك.. فلولاهم ما تقدمت الأمم.
وستظل الشجرة المثمرة تلقى بالحجارة.. وستظل الوارفة تلقي بالثمر.
smileofswords@
فكم تزخر بيئاتنا الإدارية بنماذج تسيء إلى المنظومة الوظيفية (خاصة في القطاع الحكومي)، فما بين إصرار على التقيد بالإجراءات واللوائح الرسمية أو ما نسميه (نص النظام وبنود اللائحة) إلى رعب الرئيس الضعيف من محاولة التجديد والتغيير.. وصولا إلى الابتعاد عما نسميه (روح النظام) الإداري ومرونته عبر ثغراته وصلاحية الرئيس وقدرته على إدارة المخاطر.
وما بين تهديد ووعيد وتخبط عشوائي في القرارات يقابله تحميل الفرد المنتج لأعباء متزايدة أكثر فأكثر بما يفوق قدرته على الإنجاز، نجد المخرجات تتأثر بتقلب الأمزجة وتغير الرؤساء، دون اتباع استراتيجية ممنهجة لتحقيق الأهداف.
ويضرب بعرض الحائط احتياجات الموظف للنمو وتأكيد الذات بالإضافة إلى حرمانه من حقه المشروع في رؤية أهدافه الخاصة تتحقق في بيئة مزدهرة.
في بيئة العمل الموبوءة هذه، هناك تعارض بين الثقة والشك، وبين التفويض والمركزية خاصة في ظل غموض الدور وضعف قدرات الرئيس وإحساسه بضعف السيطرة، فتنقلب العلاقة بالمرؤوسين إلى تسلط وتهديدات وعدوانية متوارية، مما يسيء إلى حرية الموظف الشخصية ويؤثر على المناخ التنظيمي ومستويات الأداء. فكيف ستنمو المنظمات بعدها وتتجدد؟
أفسر هذه الحالات (المشاعة) بمنظور مغاير، فالموظف الإيجابي محظوظ بوجود هذا النوع (الشرير) من الرؤساء إلى حد ما؛ لأنه إن كان يحمل روح التحدي والإصرار على إثبات الذات، إضافة إلى التمكن من أداء العمل بإتقان، والرؤية الثاقبة للمستقبل، فسيركز جهده على تحقيق إنجازات مبهرة، فلديه شحنة ذات طرد عكسي تدفع إلى الأمام كصاروخ يشتعل، يعرف مداه ومستقره ومستودعه. فيرتقي المرؤوس إلى أفضل حالات الإنجاز الوظيفي الواحدة تلو الأخرى غير آبه بالتفاهات.
ولو فكر كل منا بأسماء رؤساء العمل على مدى سنوات خبرته، ممن كان لهم أثر حقيقي في الإنجاز الشخصي، لبرزت في الذاكرة أسماء (شريرة) نذكرها ونستغفر الله لها وندعو أن يجزيها بقدر النوايا.. تماما كما نتذكر بامتنان رؤساء عظاما، حفروا في قلوبنا أسماءهم فما نسيناهم حتى لو غيبهم الموت، ونظل ندعو لهم بظهر الغيب بأن يجزيهم الله عنا خير الجزاء كما أحسنوا إلينا بعلمهم وأخلاقهم.
السؤال: كيف يكون موظفونا ممن تحبهم العين.. ولا يضيمهم الدهر؟ كيف يكون الرئيس محبوبا بخلقه وعدالته وتمكنه مما يفعل وفوقها الكاريزما الجاذبة؟ دعونا نسأل السؤال بالعكس: كيف يجعل الرئيس موظفيه تعساء؟ كيف تعرف أنه أو أنها من إياهم؟ وإليكم الجواب... مثلا إن لم يسمح لك الرئيس أن تفخر بما أنجزت وتلاعب بأدوارك الوظيفية وحركك كقطعة شطرنج تارة من مهمة إلى مشروع ثم إلى مبادرة، قاطعا ما بدأت.. فاعلم أنه ينوي شيئا ما.
وإن لم يفوت الفرصة لعرقلة أي تقدم في عملك فيضع أهدافا متضاربة ويغيرها بوتيرة مستمرة لتدمير الدافعية، فاعلم أنه من إياهم.
أما الطامة الكبرى إن كان ينسب لنفسه الفضل ويجير إنجازك وعملك لغيرك أو لصالحه، مع عدم الوعي بفداحة ما يفعل! فاعلم أنه من إياهم.
وأخيرا إن امتلأت بيئة العمل بالمشكلات والصراعات (وغالبا ما يحدث)، إلا أنه ينكرها ويتنصل منها ويرمي باللائمة على الآخرين ويحملهم الذنب ليبدو كالبريء من دم ابن يعقوب وهو يخفي القميص، فتأكد أنه بكامل الإصرار والترصد ينوي تشتيت حياتك الوظيفية. فهل ستسمح له بذلك؟
من منا لم تصادفه هذه النوعية من الرؤساء؟ وكم منا حول ممارساتهم الفاشلة في بيئة العمل إلى محفزات إيجابية تقلب الطاولة على الرئيس الانتهازي! فيخزيه الله وينجيك؟ يحتاج الموظفون إلى قلب حي وعقل منصف يساند الحق أينما وجد، ويحتاج الرؤساء (القياديون الحقيقيون الذين يرون أبعد من أنوفهم) إلى المساندة والدعاء من القلب بالتوفيق في مسعاهم وكفاحهم لصنع التغيير المنتج، في ظل روح الاستنهاض التي تعيشها المملكة لتحقيق الرؤية الطموحة.
والرأي عندي إن كان بإمكانك اختيار القائد الذي تعمل معه.. من تتعلم منه.. من يضيف لك شيئا يوميا.. من يسمح لك بالطيران ويفرش لأحلامك بساطا مخمليا، ومن يساندك ويحمي ظهرك ويصفق لك عند نجاحك، فأنت على المسار الصحيح، وأنت محظوظ دونا عن فئة كبيرة. أما إن لم تستطع فتمسك بحقك في الاختيار خاصة إن ضعف الشغف لديك.. غير إدارتك أو فريق العمل أو انتقل إلى مكان آخر.. حتى لو كانت البدايات صعبة والمسار ضبابي.
وتذكر رجاء.. أن تكون ممتنا ومقدرا لمن يمهدون الطريق لك ولغيرك.. فلولاهم ما تقدمت الأمم.
وستظل الشجرة المثمرة تلقى بالحجارة.. وستظل الوارفة تلقي بالثمر.
smileofswords@