رائحة الموت تلاحق الفارين من الجنينة

الأمم المتحدة تكشف عن وقائع مروعة وجثث متناثرة في دارفور السودانية شاهد عيان: حاولنا المرور نحو تشاد فأعدموا 13 منا بشكل فوري
الأمم المتحدة تكشف عن وقائع مروعة وجثث متناثرة في دارفور السودانية شاهد عيان: حاولنا المرور نحو تشاد فأعدموا 13 منا بشكل فوري

الأحد - 25 يونيو 2023

Sun - 25 Jun 2023

كشفت الأمم المتحدة عن وقائع مروعة يواجهها الفارون من مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور السودانية، وقال شهود عيان «إنهم شاهدوا الكثير من الجثث المتناثرة على طول الطريق، وإن رائحة الموت تلاحق كل الفارين باتجاه تشاد».

وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رافينا شامداساني «إن المقابلات التي أجريت مع الفارين، كشفت عن وقائع مفزعة من قبل فرقاء الحرب، حيث تم قتل الفارين من المدينة سيرا على الأقدام، وسمع موظفو مكتب حقوق الإنسان شهادات متعددة تستهدف بشكل رئيس البالغين الذكور من مجتمع المساليت».

وأكدت أن جميع من أجريت المقابلات معهم تحدثوا أيضا عن رؤية جثث متناثرة على طول الطريق وانبعاث رائحة نتيجة التحلل.

تناثر الجثث

وتحدث عدد من الأشخاص عن رؤية عشرات الجثث متناثرة في منطقة تعرف باسم «شكري» على بعد نحو 10 كلم من الحدود، حيث ورد أن إحدى الميليشيات العربية، أو أكثر، لديها قاعدة بها، وأعربت المتحدثة عن القلق البالغ بشأن عمليات القتل المروعة تلك، وحثت على العمل الفوري لوقفها، وشددت على ضرورة توفير ممر آمن للفارين من الجنينة، والسماح للوكالات الإنسانية بالوصول إلى المنطقة لجمع رفات القتلى.

ومن بين الأشخاص الستة عشر الذين التقاهم مكتب حقوق الإنسان، قال 14منهم «إنهم شاهدوا تنفيذ إعدامات سريعة، واستهداف مجموعات من المدنيين على الطريق بين الجنينة والحدود، إما بإطلاق الرصاص من مسافة قصيرة على أشخاص يؤمرون بالاستلقاء على الأرض أو بفتح النيران على الحشود».

وتحدثت الشهادات عن عمليات قتل وقعت، يومي 15 و16 يونيو الجاري، وأيضا الأسبوع الماضي. وقالت المتحدثة «ما نفهمه هو أن أعمال القتل وغيرها من أشكال العنف، مستمرة ويصاحبها خطاب كراهية متواصل ضد مجتمع المساليت، بما في ذلك الدعوات لقتلهم وإبعادهم عن السودان».

إعدام فوري

ونقل التقرير عن رجل، يبلغ من العمر 37 عاما، إنه كان ضمن مجموعة ضمت 30 شخصا كانوا يحاولون الفرار إلى الحدود التشادية، ولكن لم يتمكن من عبور الحدود سوى 17 شخصا فقط، وذكر أن عددا من الأشخاص الآخرين، الذين كانوا معه، قتلوا بعد إطلاق الرصاص عليهم من سيارات تابعة لقوات الدعم السريع وميليشيات عربية قرب الحدود التشادية، فيما أعدم آخرون بشكل فوري وبإجراءات موجزة، وأضاف «إن الناجين تعرضوا لسرقة نقودهم وهواتفهم من رجال مسلحين كانوا يرددون أنتم عبيد، أنتم نوبيون».

ووفق البيان الصحفي الصادر عن المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان، تحدثت امرأة، تبلغ من العمر 22 عاما، عن وقائع مماثلة لأعمال قتل، وقالت «إن مجموعتها اضطرت إلى ترك شاب مصاب بجروح خطيرة على الأرض لعدم توفر أي طريقة لحمله معهم إلى بر الأمان عبر الحدود».

وأضافت «اضطررنا لتركه فلم يكن معنا سوى حمار واحد فقط»، وأشار البيان إلى صعوبة تقدير عدد الجرحى الذين تركوا ليلقوا حتفهم في مثل هذه الظروف.

ليست بلدكم

وشهد شخصان أجريت معهما لقاءات منفصلة بأن قوات الدعم السريع أمرتهما مع مجموعة أخرى من الناس بمغادرة الجنينة، وقالت واحدة منهما إنها ضربت بالعصي فيما قيل لها «قومي واذهبي إلى تشاد، هذا ليس بلدك».

ودعا المفوض السامي لحقوق الإنسان قيادة قوات الدعم السريع إلى إدانة ووقف، بشكل فوري لا لبس فيه، قتل الفارين من الجنينة وأعمال العنف الأخرى وخطاب الكراهية ضدهم القائم على أساس العرق.

وشددت المتحدثة باسم المفوض السامي على ضرورة محاسبة المسؤولين عن أعمال القتل والعنف. وقالت «إن الجنينة أصبحت مكانا لا يمكن العيش فيه. وأوضحت أن البنية التحتية دمرت فيما يتواصل منع وصول المساعدات الإنسانية، وحثت على إقامة ممر إنساني على الفور بين الجنينة وتشاد، وممر آمن للمدنيين للخروج من المناطق المتأثرة بالأعمال العدائية.

اشتباكات عنيفة

وأشار التقرير إلى اتساع نطاق الحرب السودانية المستمرة منذ شهرين في أنحاء البلاد مع نشوب اشتباكات عنيفة، بين الجيش وقوات الدعم السريع، في عدة مناطق. وتردد دوي الضربات الجوية ونيران الصواريخ المضادة للطائرات، في أم درمان والخرطوم، لكن القتال اشتد أيضا خلال الأيام القليلة الماضية في مدن إلى الغرب من العاصمة، في منطقتي دارفور وكردفان الهشتين.

وانهارت الهدنة الهشة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، مع وقوع اشتباكات بين القوتين في مناطق سكنية، وشهدت مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، ومركز النقل بين الخرطوم ودارفور، اشتبكت قوات الدعم السريع مع شرطة الاحتياط المركزية المدججة بالسلاح.

وشهدت الخرطوم تحليقا مكثفا لطيران الجيش السوداني فوق العاصمة، الخرطوم، وسماع أصوات المضادات الأرضية التابعة لقوات الدعم السريع»

المعاناة مستمرة

وتواصلت معاناة ملايين المدنيين في الخرطوم وإقليم دارفور جراء الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع حيث فشلت الجهود الدبلوماسية في إيجاد مخرج حتى الآن، وفقا لفرانس برس، وهزت طلعات الطيران الحربي ودوي الأسلحة الرشاشة المنازل مجددا في الخرطوم؛ حيث ينزوي المدنيون داخل منازلهم خوفا من القصف.

ووفق الأمم المتحدة، غادر مليون ونصف المليون سوداني العاصمة، منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي، بين الجيش بقيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أما ملايين السودانيين والذين بقوا في العاصمة فيعيشون بلا كهرباء منذ الخميس، بحسب ما أكد عدد منهم لوكالة فرانس برس. ومنذ أكثر من شهرين يعيش سكان الخرطوم بلا كهرباء ولا ماء لفترات طويلة، إذ إن التغذية بالتيار الكهربائي وكذلك بمياه الشرب لا تصلهم سوى بضع ساعات أسبوعيا فقط في ظل ارتفاع درجة الحرارة في هذا الوقت من العام.

جبهة جديدة

ويقول سكان نيالا بجنوب دارفور «إنهم يعيشون وسط المعارك»، وقال طبيب في مستشفى المدينة طالبا عدم نشر اسمه «إن مدنيين يقتلون وجرحى يصلون إلى المستشفى». وفي الخرطوم، كما في دارفور، صار ثلثا المستشفيات خارج الخدمة، وإن المنشآت الطبية التي لا تزال تعمل تعاني من نقص حاد في مخزون الأدوية ومن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات.

ويوجد احتمال ظهور جبهة جديدة للقتال في جنوب كردفان، حيث تسيطر الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال على بعض المناطق. وكان الجيش قد اتهم الحركة في وقت سابق من الأسبوع بانتهاك اتفاق هدنة قائم منذ فترة طويلة.

وتسبب القتال في مقتل وجرح الآلاف، ونزوح أكثر من 2.5 مليون شخص فر مئات الآلاف منهم عبر الحدود إلى دول منها تشاد ومصر، كما أدى إلى أزمة إنسانية إذ تواجه المنظمات غير الحكومية صعوبات لتوفير المساعدات الطبية والغذائية التي تشتد الحاجة إليها.

ضحايا حرب السودان:

2.5 مليون تركوا ديارهم

1.5 مليون فروا من السودان

1081 قتيلا

11,714 مصابا

330 طفلا قتيلا

1900 طفل مصاب