حاتم المسعودي

الشنطة السوداء في الحج

الثلاثاء - 20 يونيو 2023

Tue - 20 Jun 2023

قبل أن أتحدث عن سر الشنطة السوداء، أود أن أختصر لكم قصتي مع العمل الصحفي في الحج، والتي تمتد قرابة 14 عاما، بداية من (الندوة ثم عكاظ ثم مكة)، قبل العودة مرة أخرى إلى صحيفة عكاظ، وآخر مشاركة كصحفي في الحج عام 1439، وليست آخر مشاركاتي في العمل الصحفي.

في ثالث عام من عملي الصحفي بالحج، وتحديدا في صحيفة الندوة، أجري معي تقرير في صحيفة الحياة اللندنية، تم فيه استطلاع رأي مجموعة من الصحفيين من صحف عدة: «هل بعد قضاء الصحفي سنوات عدة في الحج، يعد العمل تقليديا بحكم أن الشعيرة تتكرر كل عام؟».

وبالمختصر، كان رأيي مخالفا لكل الزملاء في ذلك الوقت، إذ قلت إن القصة الصحفية لم ولن تنتهي، ولا يمكن أن يكون العمل الصحفي في الحج تقليديا إلا للكسالى.

بعد تقرير الحياة بـ4 سنوات تقريبا، كان قبلها لدي حلم بأن أحصل على جائزة أفضل عمل صحفي في الحج، وبعد عمل وجهد تحقق ذلك بفضل الله، ثم دعاء الوالدين، بأنني توجت بالجائزة في 1433، والتي صادف في الحفل نفسه حصلت صحيفة الاقتصادية على الأفضل بين الصحف السعودية، وكان رئيسها في ذلك الوقت وزير الإعلام الحالي سلمان الدوسري، وتسلمنا الجوائز من معالي وزير الحج آنذاك الدكتور بندر الحجار.

لم يتوقف شغفي في العمل الصحفي في الحج بعد الجائزة، وشاركت لـ5 سنوات متتالية استطعت من وقتها وقبلها من اكتساح صفحات الصحف التي كنت أعمل فيها، حتى ظهر مصطلح «الشنطة السوداء»، والذي كان يطلقه علي زملائي في صحيفة عكاظ في كل عام بالحج، تعبيرا عن كمية المواد الصحفية التي أنشرها، إذ إن اسم حاتم المسعودي يكتسح الصحيفة من الصفحة الأولى إلى الأخيرة.

كان زملائي الأفاضل يعدون أن موادي الصحفية مثيرة وغريبة لهم، ما بين مشكك ومستغرب، رغم أنها حديثة ونوعية، وفي الوقت نفسه أقضي معهم يومي كله، وكيف في اليوم التالي يكون هذا الزخم من المواد باسمي.

ورغم أن بعضهم عد أن الشنطة السوداء هي المكان الذي أحتفظ فيه بتلك المواد الصحفية، وأفتحها كل حج، وأعيد نشر تلك المواد مرة أخرى، وهذا مستبعد لأن صحيفتي (عكاظ ومكة) تعتمدان على برامج مخصصة (البراوزر) نرفع خلالها المواد الصحفية، ولو كانت مكررة ظهر ذلك خلال البرنامج الذي يبين فيه تشابه وتكرار الكلمات والعبارات، فسيظهر المادة القديمة حتى لو عدلت.

سر «الشنطة السوداء التي ترافقني في الحج» هو تخطيطي واستعدادي المبكر للحج، قبل الموسم بشهرين على الأقل، أستغل وقت فراغي في صناعة مواد صحفية نوعية متعلقة بالحج، ومتواكبة مع التوقيت، وأحتفظ بها إلى أيام الحج، وخلال فترة البعثة أشتغل على مواد حدثية، وبعض الأفكار الجديدة التي قد تطرأ، وتوزعها خلال التسليم اليومي، وبذلك يكون ضخي للمواد أكثر من زملائي بالضعف.

«الشنطة السوداء» رافقتني خلال عملي الصحفي في الحج، كوصف جميل، للتميز وغير المألوف، وأرى أنه يجب علينا جميعا أن تكون لدينا تلك الرغبة في أعمالنا، من التخطيط والاستعداد المبكر لأي عمل أردنا أن نظهر فيه بالشكل الأمثل والأكثر إبهارا.

من المهم أن تكون لدينا شنطة، أيا كان لونها. الأهم أنه في الوقت المناسب نكون أكثر إبداعا وتأثيرا وتميزا.

hatim_almsaudi@