كيفية تحقيق المعادلة بمعاقبة المتخلف عن سداد حقوق الآخرين دون إيقاف خدماته؟

السبت - 17 يونيو 2023

Sat - 17 Jun 2023

يعد قرار إيقاف الخدمات الحكومية والبنكية أمرا تلتزم به السلطات التنفيذية مع الجهات ذات العلاقة للتضييق على المماطلين وإجبارهم على دفع ما عليهم من مستحقات مالية للآخرين.

وعلى الرغم من نجاح هذا الإجراء في بعض حالات المماطلة، إلا أن تعميمه أضر بحياة الكثيرين ممن تعثروا عن السداد، دون إيجاد آلية تساعد على إعادة الحقوق لذويها قبل الحكم بالشلل الخدماتي.

فهل ستتم إعادة النظر في نظام إيقاف الخدمات وإيجاد حلول بديلة بما يضمن تحقيق المصلحة للطرفين؟

«مكة» ترصد عددا من مشاركات الكتاب وأصحاب الرأي السعوديين حول هذا الموضوع.

دراسة الحالة

«يصعب إيجاد طريقة واحدة تناسب جميع الحالات والظروف لتحفز على السداد، ولكن ربما يتوجب وضع أكثر من طريقة بناء على حجم المبلغ المطلوب للسداد واسترداده لأصحابه، ربما إذا كان المبلغ المطلوب يمكن تقسيطه حسب ظرف الشخص بما يتناسب مع ظرف صاحب المال على عدة أشهر مع عدم إيقاف الخدمات.

في حال كان المبلغ كبيرا ولا يمكن سداده من خلال تقسيطه من راتب المقترض، هنا يمكن اتخاذ إجراءات أخرى مثل احتجاز أصل من أصول المقترض بما لا يحدث ضررا كبيرا؛ ولكنه يكون رادعا أو محفزا للسداد.

بالتأكيد لن يكون هناك حل أو أكثر من حل يناسب جميع الظروف والحالات؛ ولكن بكل تأكيد سيبقى خيار إيقاف الخدمات للحالات التي لا ينطبق عليها أي من التسهيلات المذكورة أو تسهيلات مشابهة تحفز على السداد».

برجس حمود البرجس

«لمعرفة فعالية القرار من عدمه نحتاج أن تكون لدينا صورة واضحة عن إحصاء نسبة المنفذ عليهم قرار إيقاف الخدمات من المجتمع ونسبة من قاموا منهم بسداد المبالغ المطلوبة مقارنة بالذين لا زالوا تحت ذلك القرار لعدم السداد، فإن كانت النسبة تتراوح بين 25 – 30 فسيكون ذلك دليل على أن نسبة عالية من المجتمع لا زالت تحت التنفيذ أيا كان السبب لعدم السداد وبنظرة سريعة على المحيطين بنا سنجد أنه لا تخلو عائلة من وجود شخص عليه أمر بإيقاف الخدمات.

هذا القرار هو قطع شريان لشخص لديه ديون مالية متراكمة كان من الممكن أن يسدد ما عليه من دين قبل أن يعطل كليا عن العمل في مجاله.

إيقاف الخدمات هو أداة سمحت للمنفذ عليهم بالاستمرار في أعمالهم من خلال أسماء أخرى إما بغرض الاستمرار في العمل والتحايل على النظام أو بهدف سداد الديون من خلال استمرار الأعمال في الحالتين، قرار إيقاف الخدمات لم يردع أو يعجل في سداد الأموال المستحقة.

أرى أن القرار لابد له أن يدرس حسب الحالة وحسب حجم الأموال المطلوبة وحسب الملاءة المالية للمنفذ عليهم، وفي العموم يكون التنفيذ على المنع من السفر والمال لا الخدمات مع رقابة ومتابعة على أعمال المنفذ عليهم لضمان جدية الرغبة في سداد المبالغ المالية.

من جهة أخرى أوامر التنفيذ تصل في بعض الأحيان إلى 5 سنوات وأكثر، هذه السنوات من وجهة نظري هي عملية تنويم للأطراف لا جدوى منها».

إيمان باجنيد

أيهما أنجع «إيقاف الخدمات» أم «سمة»؟

«إذا أردنا معرفة مدى فعالية «إيقاف الخدمات» الذي تنفذه محكمة التنفيذ اليوم، فلنقارنه بالنظام الذي تنفذه الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة»، ويراقبه البنك المركزي السعودي «ساما».

في الأول، تستطيع أن تماطل الدائنين في سداد مستحقاتهم كيفما تشاء، وأنت مطمئن بأنه لن يتخذ ضدك أي إجراء إضافي.

تستطيع أن تجدد كل مستنداتك الثبوتية، باستثناء جواز السفر. تستطيع أن تتزوج وتنجب الأبناء وتطلق كيفما تشاء.

تستطيع بالاتفاق مع عملك استلام راتبك الشهري يدويا، بدلا عن تحويله على حسابك البنكي. والنتيجة تضرر الدائنين دون معرفة مصير أموالهم.

في المقابل، لا تستطيع في الثاني ـ إن كان تقريرك الائتماني سيئا ـ الاقتراض من البنوك، أو الحصول على تمويل لشراء مسكن أو سيارة، أو أجهزة كهربائية.

كذلك لا تستطيع أن تتلقى على حسابك أي مبالغ مالية دون أن يخصم البنك ماله، إن كان هو الدائن.

لذلك، أرى إما أن يُدعم هذا النظام بمتابعة السداد من جهة محكمة التنفيذ، لتتأكد من انتظام المدين بالسداد، وإلا سيكون عرضة للسجن، أو يتم إلغاء هذا النظام والبحث عن حلول أخرى أكثر نجاعة».

موفق النويصر

منصة الكترونية لتقنين الائتمان

«إيقاف الخدمات عقوبة قاسية قبل التعديل الأخير؛ وبعد التعديل يظل أثرها مؤلما، حولت بعض المتعثرين على مستوى الأفراد أو المؤسسات والشركات إلى عاجزين عن السداد، كارهين للعباد والبلاد.

‏وقالت العرب إن الدين ذل بالنهار وهم بالليل، وفي شرق جنوبنا يقولون: (قطّع الله الدين لو كان مدين).

لكن الدين والأخلاق وشيم العرب أصلت تلبية طلب السائل للمال، حتى تبدلت ثوابت البعض وأصبحت مشكلة لها جذور عميقة لا يتسع المقام لسردها.

وأرى أن هناك ثلاثة نماذج من المتخلفين عن سداد حقوق الآخرين:

الأول: بين الأفراد، وأقترح حلها على مرحلتين، المنتهي منها بأحكام قطعية تعالج من خلال المنصات الحكومية الرسمية، وتعطى الأولوية لدى الجمعيات الخيرية، ولا يمنع من توعية محبي الخير من رجال الأعمال والشركات العامة والمؤسسات الخاصة -وما أكثرهم في هذا الوطن العزيز- لإنهاء آثار هذه العقوبة المدمرة على الأسرة قبل الفرد.

يليها تستحدث منصة الكترونية يخصص قسمها الأول للمقرض والمقترض من الأفراد؛ بحيث يقدم المقترض إما رهنا ماديا أو كفالة من ذي ملاءة مالية أو أي ضمان ملزم، كشرط أصيل لإتمام عملية الإقراض.

وتكون المنصة بنظام قانوني دقيق ومعلن، يوضح فيه أدق التفاصيل في العلاقة المالية بين المقرض والمقترض.

وبذلك نحافظ على قيم أصيلة في المجتمع بقالب حديث يناسب الزمان والمكان اللذين نعيشهما ونتعايش معهما.

الثاني: بين الأفراد من جهة والمؤسسات والشركات من جهة أخرى، وهذا التخلف عن السداد ناتج عن عقود تجارية.

وهنا أرى الحل في الاستفادة من ذات المنصة السابق ذكرها؛ بحيث يخصص فيها قسم ثان لعقود الأعمال التجارية، ويتم التعديل على بنودها بما يتفق مع الوضع القائم.

النوع الثالث: بين المؤسسات والشركات نفسها، وأقترح إيجاد شركات تأمين تدخل ضامنة للسداد عند التخلف عن السداد؛ وهذا يختلف عن الضمانات البنكية الشكلية عند التقدم على المشاريع؛ هذه الشركات التأمينية لا تمنح ضمانها إلا بعد فحص وتدقيق الوضع المالي للمستفيد، وبذلك نحقق شيئا من التوازن في المعادلة ونقلل من عدد المتخلفين عن سداد حقوق الآخرين دون اللجوء لإيقاف الخدمات».

حسن علي القحطاني

ضوابط مشددة للمتعثرين مسبقا

«الملاءة المالية، السجل الائتماني، التعثر المالي، العجز عن السداد، في المقابل إيقاف خدمات، سجن، ثم ماذا؟

حين نناقش القضية، لابد أن نفصل بين المماطل، وبين المتعثر، وبين العاجز عن السداد الذي لا حيلة له.

كيف يتساوى كل هؤلاء بعقوبة إيقاف الخدمات، ثم ما جدوى هذا الإيقاف؟

هل إيقاف الخدمات يفتح باب دخل إضافيا يمكن من خلاله السداد؟ بالطبع لا، فهو مجرد إجراء ضاغط، أو في أفضل تعريفاته اعتذار لصاحب المال نحن فعلنا ما بوسعنا.

تبدأ القصة من طريقة الإقراض، فكيف يتم إقراض من ملاءته المالية ضعيفة، أو سجله الائتماني متعثر، ثم كيف يكون الإقراض بمبالغ عالية لا توازي مقدار الدخل المثبت؟

الاعتماد على نظام الكفالة الغرامية؛ لرفع ضمان الحصول على السداد في حال تعثر المقترض هي تسهيلات تؤدي إلى التعثر للمقترض والكفيل معا، ثم الدخول في قضية عدم السداد، ثم إيقاف الخدمات.

يفترض أن يكون هناك حلول أخرى بضبط عملية الإقراض والديون، وربطها بالسجل الائتماني، والملاءة المالية، وأن يكون هناك نظام يحمي المقترضين أيضا من إغراقهم في الديون عبر التسهيلات التي تؤدي بهم إلى إيقاف الخدمات.

يفترض أن يكون إيقاف الخدمات للمماطل، على أن يجرى مسح مالي لجميع أرصدته وممتلكاته من قبل المحكمة، وسداد الديون الملتزم بها».

ناصر الخياري

«إيقاف الخدمات لا يمنع من القيام بالمعاملات الأساسية، لذلك سيستمر من «لا يرغب» بالسداد بالامتناع عن تأدية حقوق الناس، قد تكون الحلول قليلة بسبب تداخل السلبيات مع الإيجابيات لكن من المهم تحديد المعسر عن السداد، ثم اتخاذ إجراءات استقطاع من أي دخل مادي يصل للمدين.

حقوق الناس أهم من حق إنسان لديه تعاملات مالية متعثرة مع عدة أشخاص ومنشآت، فهذا استمرأ هذا العبث، إيقاف خدماته خطوة إيجابية وأتمنى أن تتصاعد الإجراءات إذا كان المدين لديه سجل ائتماني مليء بقضايا عدم السداد والالتزام».

أحمد الظفيري

«يعلم الجميع بأنه لا يجوز المماطلة في أداء الديون لأصحابها فهو منكر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (مطل الغني ظلم).

ويقول صلى الله عليه وسلم (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)، فالواجب على المقترض أن يبادر ويستعجل في تسديد الدين في الوقت المحدد والمتفق عليه بينهما ولا يجوز المطل والتأخير مع الاستطاعة، فالمماطلة والتساهل في ذلك قد يسبب في الخوف من عدم إعادة المبالغ وربما يؤدي إلى الامتناع عن الإقراض ومساعدة المحتاجين.

أرى أن يتم معاقبة المماطل المقتدر على السداد بحجز جزء من راتبه إذا كان موظفا أو جزء من مدخولاته إذا كان تاجرا أو مزارعا أو لديه وقف».

دخيل سليمان المحمدي

السداد بالاستقطاع الدوري

«لا تألو الجهات الأمنية والعدلية جهدا في ضمان أموال الناس والمحافظة عليها وهي من الضرورات الخمس التي كفلت الشريعة الإسلامية الحفاظ عليها، ولمحاكم التنفيذ السلطة المطلقة في تنفيذ الأحكام جبريا، ولها الحرية المطلقة في التنفيذ بالوسيلة التي تراها في إطار القانون والنظام.

ومن ضمن الوسائل التي انتهجتها نظام إيقاف الخدمات ويعتبر من البدائل الحديثة للعقوبات السالبة للحرية، وهو أسلوب جديد لمحاصرة المتعثر أو المماطل مع ضمان حريته في العمل والتنقل، ولكن متى ما شدد إيقاف الخدمات وطبق بشكل كامل قد يتضرر من لا ذنب له من ذويه أو مكفوليه، علما بأن إيقاف الخدمات بشكل كامل لا يتم إلا باستنفاد كافة الطرق الأخرى، وبعد إشعار وإعلام المستهدف.

في شعبان الماضي عدل نظام إيقاف الخدمات وهي تعديلات قد تبدو مهمة وتهدف لمراعاة ظروف ومصالح من يعولهم ويكفلهم الموقوفة خدماته، وقد يكون في هذا التحديث الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال ثلاثة أشهر حلول لبعض العقبات والمشاكل الحالية وسد للقصور، ورتق للثغرات وهذا ما نرجوه كمتابعين.

من ناحية أخرى، وفي ظل الثورة الرقمية والأتمتة لمعظم الخدمات، ألا يمكن للجهات العدلية والأمنية التنسيق مع البنك المركزي ومع الجهات ذات الصلة بالتحكم بحسابات وإيرادات المعني وحراستها قضائيا حتى استيفاء كامل المديونية سواء دفعة واحدة أو على أقساط مع مراعاة الحاجات الأساسية للموقوفة خدماته وبالطبع عدم التأثير على من يعولهم أو يكفلهم.

وكأي نظام أو آلية جديدة يبقى هناك المحتالون الذين يلتفون حول الأنظمة مما يستدعي المراجعة الدورية والتطوير المستمر لضمان إعطاء كل ذي حق حقه بلا ضرر ولا ضرار».

عبدالله أحمد الزهراني

«من الملاحظ التلاعب في حقوق الآخرين من البعض ومن ثم إخراج صك معسر وتضيع الحقوق، وإيقاف الخدمات على المماطل إجراء سليم بشرط أن تطبق جميع الضوابط التي يجب اتخاذها قانونيا ضد أي مدين وألا يضر الإيقاف بالتابعين للشخص، في هذه الحالة أرى حصر ما لدى المدين من أملاك وإيفاء ما عليه من حقوق للآخرين أو التقسيط لهم من إيرادات الشخص المدين أو حجز عقار معين لسداد ما عليه من ديون.

قد شدد الإسلام في مسألة الدين تشديدا يحمل المرء على عدم الاقتراب منه إلا عند الضرورة القصوى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله» وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع عن الصلاة عمن عليه دين حتى يقضى دينه، لذا المبادرة بسداد الديون واجب شرعي وأخلاقي.

ولكل مدين حالة يجب معرفتها ودراستها جيدا واتخاذ القرار المناسب لها».

عبد المطلوب البدراني

مراجعة المستندات

«إن إيقاف الخدمات المبني على حكم قطعي واجب النفاذ لا يحتاج إلى نقاش أكثر من بحث إمكانية تسهيل التحصيل.

ما يجب تسليط الضوء عليه كما أرى هو إيقاف الخدمات في امتداد دعوى تحتمل مستنداتها الفحص وإمكانية خضوعها للطعن على الأقل الشكلي، ولنأخذ مكاتب تأجير السيارات مثالا، بعض الشركات تقدم سندات تمررها بطريقتها على العميل بمبالغ قد تفوق قيمة العقد، وهنا تكون المشكلة في اتخاذ قرار إيقاف الخدمات.

يجب التنويه أن هناك نظاما (عقد تأجير) أتى في مجمله للحد من تجاوز شركات التأجير.

السؤال هل ما زالت السندات تقدم لمحاكم التنفيذ وكم عدد القضايا القائمة على هذا الأساس؟».

مانع اليامي