الحمد لله على نعمة الإسلام
الخميس - 15 يونيو 2023
Thu - 15 Jun 2023
قالها إمام مسجدنا بصوت يرتعش باكيا: «الحمد لله على نعمة الإسلام»، وهو ينهي خطبة الجمعة، والتي بدأ فيها الحكي من أول المقام، يعلم المبتدئين أساس الدين وأعمدته، ثم تحدث عن «فلسفة التوحيد في الإسلام»، أبحر بنا يدعمه أداء خطابي جميل يمتلك ناصية اللغة ويتقن بحورها، فتنقل بين ضفاف الكلام عن الإسلام، يبصرنا بعظمته وينير طريقه أمام الصغار والكبار من جمهور يتشوق لصحيح دينه، ويتعطش لمن يجعله يفاخر به وبرسالته. لقد هزتني عبارته التي ختم بها خطبته وهزت وجداني، وأدركت نعمة الإسلام شاخصة أمامي في اصطفاف المصلين في مشهد جماعي متناسق، وهم يؤدن الصلاة في خشوع ومحبة رغم حرارة الطقس، جاؤوا مختلفين واتحدوا مجتمعين أمام رب واحد أحد، الكل يسلم قلبه وروحه وعقله، مستسلما للخالق راجيا القبول.
إن الجمعة هو عيدنا الأسبوعي، نترقبه طوال الأيام الستة التي تسبقه ونتطلع إليه، لأنه يوم خير وراحة نفسية، يوم البركة بين الصدقات والذكر والصلاة على نبينا الأمين، تزينه ساعة مباركة ودعوة مقبولة، إنه منحة ربانية أسبوعية تشحن بطارياتنا الفارغة بالطاقة والحياة، وتمد أجسادنا بمدد المحبة والتقوى. وقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام، في حديثه الشريف: «إنَّ من أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ».
وقد استوقفني حديث تلفزيوني قديم لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله)، حول فضائل يوم الجمعة، أنقل لكم بعض مقاطعه المهمة: «إن يوم الجمعة يتميز في قانون العبادة بأشياء تختلف عن باقي الأوقات، فحين يأتي أي وقت في غير وقت الجمعة يؤذن المؤذن ليعلن بداية وقت جديد ونهاية وقت سابق، ونسرع إلى أداء الصلاة، وإن كان كثير من الناس يقول إن الزمن في الصلاة منذ وقت أذانها حتى آخر الوقت، لكن من يضمن لي أن أعيش حتى أؤجل الصلاة؟، لهذا أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة لوقتها، لأن الصلاة لوقتها دعاء من الله لك، فلا تجعل الله يدعوك ولا تجب، لأنه كما ثبت عن الإمام علي: (أجب الله إذا دعاك، يجبك إذا دعوته)، وضرب بذلك مثلا: (إن دعاك أباك فلم تستمع له ولم تجبه، ماذا يكون موقفه منك؟، فاجعل المسألة بالنسبة لربك هكذا).
أما يوم الجمعة، فيقول المولى ـ عز وجل ـ في سورة الجمعة: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ]».
ويكمل شيخنا الراحل: «قال تعالى: «وذروا البيع»، والبيع العنصر الثاني في التجارة، لأن التجارة بيع وشراء، فالبيع والشراء هما الأساس في حركة الحياة، لأنه الوسيط بين منتج للشيء وبين مستهلك، فهو عمل جامع للحركة: الإنتاج والاستهلاك، ولكن لماذا خص الله البيع، لأن كل عمل في الحياة له ثمرة، وثمرة الزارع قد تؤجل لستة أشهر أو لسنة، بينما البيع ثمرته عاجلة، أكسب حركة هي البيع، هو قمة حركة الحياة بين منتج ومستهلك. وأخرجني من أحب شيء في الحياة.. ودعاني رب هذه الحياة».
ويتساءل فضيلته: «لماذا لم يقل إذا نودي إلى الصلاة مطلقا؟، لا بد أن يكون ليوم الجمعة الدعوة إليه له خصوصية، لأن الإنسان ليس مخلوقا وحده، لكنه مدني بطبعه، يعيش في مجتمع، له حق يأخذه منه، وواجب يؤديه له، ولا يمكن أن يجمع هذا المجتمع إلا لقاء الجمعة، لأن الإنسان في الأوقات الأخرى يمكن أن يؤدي الصلاة في مكانه، لكن صلاة الجمعة لا بد أن تؤدى جماعة، فإذا ما جاءت الجماعة عرف كل واحد، الشيء عن كل من في الوجود، فإذا ما تخلف أحد عن الصلاة يسأل عنه، فتتعارف مصالحنا جميعا.
شيء آخر، هو أنني قد أؤدي الصلاة في نفسي إن كنت منفردا، وفي أمثالي إن كنت مجتمعا، لكن اجتماع الجمعة يجتمع بين الناس على اختلاف طبقاتهم، فأنا أصلى مع الوزير، وأنا عامل عند الوزير، وأصلي مع الملك وأنا خادم للملك، وأشاهده ساجدا لربه، حتى أعرف أن هناك مكانا نلتقي فيه جميعا في العبودية».
إن الجمعة رزق، ولقد أعدت اكتشافه أخيرا، وأصبحت أبدع كل أسبوع وأزيد في طقوسه المباركة، وأستمتع ببركته، وأحمد الله عليه.
وأخيرا.. أدعو المولى ـ عز وجل ـ أن يحفظكم ويرزقكم جميعا بجمعة مباركة.
والحمد لله على نعمة الإسلام.
إن الجمعة هو عيدنا الأسبوعي، نترقبه طوال الأيام الستة التي تسبقه ونتطلع إليه، لأنه يوم خير وراحة نفسية، يوم البركة بين الصدقات والذكر والصلاة على نبينا الأمين، تزينه ساعة مباركة ودعوة مقبولة، إنه منحة ربانية أسبوعية تشحن بطارياتنا الفارغة بالطاقة والحياة، وتمد أجسادنا بمدد المحبة والتقوى. وقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام، في حديثه الشريف: «إنَّ من أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ».
وقد استوقفني حديث تلفزيوني قديم لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله)، حول فضائل يوم الجمعة، أنقل لكم بعض مقاطعه المهمة: «إن يوم الجمعة يتميز في قانون العبادة بأشياء تختلف عن باقي الأوقات، فحين يأتي أي وقت في غير وقت الجمعة يؤذن المؤذن ليعلن بداية وقت جديد ونهاية وقت سابق، ونسرع إلى أداء الصلاة، وإن كان كثير من الناس يقول إن الزمن في الصلاة منذ وقت أذانها حتى آخر الوقت، لكن من يضمن لي أن أعيش حتى أؤجل الصلاة؟، لهذا أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة لوقتها، لأن الصلاة لوقتها دعاء من الله لك، فلا تجعل الله يدعوك ولا تجب، لأنه كما ثبت عن الإمام علي: (أجب الله إذا دعاك، يجبك إذا دعوته)، وضرب بذلك مثلا: (إن دعاك أباك فلم تستمع له ولم تجبه، ماذا يكون موقفه منك؟، فاجعل المسألة بالنسبة لربك هكذا).
أما يوم الجمعة، فيقول المولى ـ عز وجل ـ في سورة الجمعة: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ]».
ويكمل شيخنا الراحل: «قال تعالى: «وذروا البيع»، والبيع العنصر الثاني في التجارة، لأن التجارة بيع وشراء، فالبيع والشراء هما الأساس في حركة الحياة، لأنه الوسيط بين منتج للشيء وبين مستهلك، فهو عمل جامع للحركة: الإنتاج والاستهلاك، ولكن لماذا خص الله البيع، لأن كل عمل في الحياة له ثمرة، وثمرة الزارع قد تؤجل لستة أشهر أو لسنة، بينما البيع ثمرته عاجلة، أكسب حركة هي البيع، هو قمة حركة الحياة بين منتج ومستهلك. وأخرجني من أحب شيء في الحياة.. ودعاني رب هذه الحياة».
ويتساءل فضيلته: «لماذا لم يقل إذا نودي إلى الصلاة مطلقا؟، لا بد أن يكون ليوم الجمعة الدعوة إليه له خصوصية، لأن الإنسان ليس مخلوقا وحده، لكنه مدني بطبعه، يعيش في مجتمع، له حق يأخذه منه، وواجب يؤديه له، ولا يمكن أن يجمع هذا المجتمع إلا لقاء الجمعة، لأن الإنسان في الأوقات الأخرى يمكن أن يؤدي الصلاة في مكانه، لكن صلاة الجمعة لا بد أن تؤدى جماعة، فإذا ما جاءت الجماعة عرف كل واحد، الشيء عن كل من في الوجود، فإذا ما تخلف أحد عن الصلاة يسأل عنه، فتتعارف مصالحنا جميعا.
شيء آخر، هو أنني قد أؤدي الصلاة في نفسي إن كنت منفردا، وفي أمثالي إن كنت مجتمعا، لكن اجتماع الجمعة يجتمع بين الناس على اختلاف طبقاتهم، فأنا أصلى مع الوزير، وأنا عامل عند الوزير، وأصلي مع الملك وأنا خادم للملك، وأشاهده ساجدا لربه، حتى أعرف أن هناك مكانا نلتقي فيه جميعا في العبودية».
إن الجمعة رزق، ولقد أعدت اكتشافه أخيرا، وأصبحت أبدع كل أسبوع وأزيد في طقوسه المباركة، وأستمتع ببركته، وأحمد الله عليه.
وأخيرا.. أدعو المولى ـ عز وجل ـ أن يحفظكم ويرزقكم جميعا بجمعة مباركة.
والحمد لله على نعمة الإسلام.