ياسر عواد المغامسي

إنجاز ورسائل: النشاط الطلابي يستنطق مواهب أبنائنا

الاثنين - 12 يونيو 2023

Mon - 12 Jun 2023

ما زلنا نعيش فرحة فوز أبنائنا الطلاب والطالبات بما مجموعه (27 جائزة) في معرض ريجينيرن الدولي للعلوم والهندسة «آيسف»، أكبر معرض للمنافسة في مجال البحث العلمي والابتكار للمرحلة ما قبل الجامعية في العالم، إذ فاز المنتخب السعودي بجائزتين في المركز الأول، و7 جوائز في المركز الثاني، و7جوائز في المركز الثالث، و7 جوائز في المركز الرابع، إضافة لـ4 جوائز خاصة.

ونحن نستبشر بهذا الإنجاز أن يكون فاتحة خير لإنجازات قادمة بمشيئة الله تعالى، في ظل ما تعيشه المملكة من مواكبة رؤية التقدم والخير والعطاء 2030.

ولعلي في طيات هذه الفرحة وفي ظل هذا الإنجاز، أحمل معي رسائل وهمسات أبعث بها لمن يهمه الأمر، دعما وتحفيزا لمزيد من الإنجاز والعطاء.

أولا: رسالة شكر وتقدير لجامعاتنا الموقرة في مبادرتهم الطيبة، التي تمثلت في إعلانهم للقبول الدراسي المباشر للطلاب الفائزين في المسابقات الدولية، وهذا ما أعلنته كبرى الجامعات في المملكة (جامعة الملك سعود - جامعة البترول والمعادن - جامعة الملك عبدالعزيز) في وقت سابق، وأكدته مجددا جامعة الملك عبدالعزيز، عندما قدمت لهؤلاء الفائزين قبولا دراسيا مباشرا، وهذه بادرة رائعة منهم، وإن كانت جاءت متأخرة قليلا، ولكن أن تصل متأخرا خيرا من ألا تصل، وبذلك نحفظ لأبنائنا الطلاب الموهوبين حق إكمال طموحهم في المجال الذي أبدعوا فيه، وألا تقف حواجز الدرجات والاختبارات عائقا أمام هذا الطموح.

ثانيا: رسالة أسجل فيها إعجابي وتقديري لوزارتنا الموقرة في استنطاق مواهب أبنائها الطلاب في مختلف المجالات والفنون، ففي لحظة كتابتي هذه المقالة، تقام الآن مسابقتان مهمتان وبالتعاون مع وزارتين متخصصتين في مجالهما، وأقصد بذلك (مسابقة المهارات الثقافية) بالتعاون مع وزارة الثقافة، ومسابقة (دوري المدارس) بالتعاون مع وزارة الرياضة، ولا ننسى التعاون الكبير مع مؤسسة موهبة في المسابقات العلمية والدولية، وهذا دليل على الاهتمام الكبير من وزارة التعليم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في رعاية ودعم الموهوبين والمبدعين، نحو التحول إلى مجتمع المعرفة والتنمية الاقتصادية

المستدامة، وإيجاد بيئة تربوية تتيح اكتشاف المواهب الطلابية ورعايتها.

ثالثا: همسة في أذن الآباء والأمهات، نحن معشر التربويين نؤمن بأن الأطفال جميعهم يولدون بقدرات إبداعية ومواهب فطرية متنوعة (الذكاءات المتعددة)، ودور التربية والتعليم اكتشاف هذه المواهب الفطرية وتنميتها، وإلا بقيت خاملة ومندثرة، ولا يستفاد منها على المستويين الفردي والمجتمعي، ويعد النشاط الطلابي أفضل بيئة وميدان لاكتشاف هذه المواهب وتنميتها ورعايتها، ويعمل كمكمل للمادة العلمية، ونشاط مصاحب للمادة، ومتى ما بدأ الطالب في خوض هذا الغمار، وشارك في جميع الأنشطة والبرامج، فحتما سيكتشف موهبته في مجال ونشاط معين يجد نفسه فيه، خاصة مع تنوع البرامج والأنشطة من رياضية وثقافية وعلمية وفنية. وحرمانه من المشاركة في الفعاليات والبرامج بحجة الخوف على دراسته وتحصيله العلمي هو حرمان للطالب من اكتشف نفسه وشخصيته وميوله، فيصل إلى نهاية المرحلة الثانوية وهو لا يعرف ما اهتماماته، وما الذي يناسب قدراته وميوله.

بحكم عملي في مجال النشاط الطلابي، غالبا ما تواجهنا هذه المشكلة (النظرة القاصرة للنشاط الطلابي)، فأحاول أن أصحح وأوضح للطلاب وأولياء أمورهم أهمية النشاط الطلابي في صقل المواهب واكتشافها ورعايتها، وأحاول تغيير تلك الثقافة والنظرة القاصرة، خلال سرد بعض الأمثلة الواقعية والتي وقفت عليها بنفسي - والميدان مليء بالكثير منها - لتجارب طلاب تميزوا بعد مشاركتهم وتفاعلهم في النشاط.

طالب في الصف السادس الابتدائي في مبنى مستأجر، شارك معنا في مسابقة علمية، واكتشفنا موهبته، وهو الآن من الطلاب المرشحين لتمثيل المملكة في المحافل الدولية. وطالب آخر في مدرسة مسائية، أظهر تميزه في مادة الرياضيات، فشارك معنا في مسابقة (الكانجارو) العالمية في الرياضيات، وفاز بالميدالية الفضية على مستوى العالم، وكان ينقصه درجة واحدة للحصول على الميدالية الذهبية، وطالب ثالث: كان مميزا في الإلقاء والتقديم، وشارك في مسابقات على مستوى الإدارة والوزارة، وهو الآن مراسل في التلفزيون السعودي، ويدرس في المرحلة الجامعية.

أمثال هؤلاء جميعا اكتشفتهم المناشط المدرسية وصقلت مواهبهم، وجعلتهم يحلقون في سماء الإبداع، ولو بقي الطالب يدرس ويتعلم دون أن يشارك في المسابقات والأنشطة المتنوعة لما اكتشفت موهبته، ولبقي يدرس ويدرس وهو لا يعلم أنه طالب موهوب ومميز، ويمكن أن يصل مع النشاط إلى آفاق أبعد بكثير من نجاحه وتفوقه في المدرسة.

@yasmh93