أحمد محمد الألمعي

الدول المارقة وتجارة المخدرات من منظور طبي ونفسي

الأربعاء - 07 يونيو 2023

Wed - 07 Jun 2023

عانت المملكة ضمن دول عدة في المنطقة من آفة المخدرات التي يتم تهريبها من الحدود من دول أخرى، لأهداف سياسية أو حتى تجارية.

هذه الدول تعاني مصاعب اقتصادية كبيرة، وتعمل خارج منظومة الاقتصاد العالمي، بسبب العقوبات المفروضة عليها، فتلجأ إلى تجارة الممنوعات المحرمة دوليا التي تصنعها على أراضيها، ثم يتم تهريبها للدول المجاورة في حرب تستهدف شباب هذه الدول.

علما بأن هذا النوع من التجارة يدر أرباحا قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات سنويا، حسب تقديرات صحيفة (واشنطن بوست).

وتظهر في غالب دول المخدرات مؤشرات ارتفاع الفساد والعنف والقتل، وهي خصائص شائعة ومعروفة للدول الفاشلة التي تحكمها العصابات والميليشيات.

انتشار إدمان المخدرات في منطقة أو مجتمع يصحبه ارتفاع في نسبة الجريمة، بما في ذلك السرقة والعنف والدعارة والأمراض الفتاكة، وقائمة طويلة من النشاطات غير القانونية التي لها علاقة مباشرة بإدمان المخدرات.

ولا ننسى ارتفاع نسبة البطالة، فالمدمن لا يستطيع المحافظة على وظيفة بسبب التأثير الصحي والنفسي المدمر للمخدرات، فيلجأ للجريمة للحصول على المال، والنتيجة هي مجتمع غير منتج، ترتفع فيه نسبة البطالة والجريمة والأمراض، وهذه وسيلة حرب خبيثة تستخدمها بعض الدول والميليشيات لدعم أنشطتها الإرهابية.

هذا النوع من الحروب استخدم قديما من دول استعمارية ضد الصين ـ على سبيل المثال ـ بهدف تدمير شبابها في القرن الثامن عشر، وكانت مبررا لشن حرب على الصين عندما أوقفت تجارة المخدرات على أرضها لحماية شعبها، وهناك كثير من الأمثلة غيرها في التاريخ. فقد استعملت أجهزة الاستخبارات لبعض الدول حرب المخدرات لاستهداف دول أخرى، لإضعافها وشل مجتمعاتها ضمن حرب غير معلنة لتدمير تلك الشعوب. ولنعلم مقدار الضرر الذي يمكن أن يحدثه هذا النوع من الحروب، علينا أن نتعرف على أنواع تلك المخدرات التي يتم استخدامها وتأثيرها التدميري على الشباب والمجتمعات.

فبينما توجد أنواع من المخدرات المستخلصة من نباتات طبيعية، وتتم زراعتها في دول معينة حول العالم، وهي مصادر معروفة للتهريب لهذه الأنواع من المخدرات، هناك أنواع من المخدرات المركبة صناعيا وكيميائيا من عناصر مألوفة وتباع بشكل قانوني في كثير من الدول، كما يتم تصنيعها في مختبرات غير قانونية، مثل مادة الشبو (ميثامفيتامين)، أو يتم تركيب بعضها في مصانع في تلك الدول الفاشلة أمنيا من عناصر يتم استيرادها، ثم تهريبها للدول الأخرى مثل مادة (أمفيتامين) الكبتاجون.

وبصفة عامة يمكن عمل فحوصات بول أو دم للتأكد من وجود غالبية المخدرات، سواء كانت توجد بشكل طبيعي أو يتم تركيبها في مختبرات غير قانونية، ولكن هناك أنواع من المخدرات تصنع كيميائيا، تظهر في بعض دول العالم، لا يمكن الكشف عنها باستخدام التحاليل المخبرية المعروفة، ولكن هناك أبحاث علمية للكشف عنها.

ويمكن تقسيم المخدرات حسب تأثيرها إلى:

المهدئات: يعمل هذا النوع على تثبيط الجهاز العصبي، فيعطي شعورا بالاسترخاء والنعاس، ولكنها تسبب أيضا الكوابيس، والشعور بالقلق عند زوال تأثيرها، فيما يُعرف بالأعراض الانسحابية، كما تظهر سلوكيات عدوانية، ومن أمثلتها الكحول والمهدئات كالبنزوديازيبينات، مثل الزاناكس وأدوية النوم.

وتندرج المواد الأفيونية تحت المهدئات، وهي مسكنات قوية للألم ولكنها تعطي شعورا بالنشوة، وتثبط التنفس، وربما تؤدي إلى الوفاة في الجرعات العالية. تستخدم بعض المواد الأفيونية طبيا تحت إشراف الطبيب لتسكين الألم، ومع ذلك قد يساء استخدامها بغرض الإدمان، مثل الكودايين، والمورفين، والأوكسيكودون، وتتضمن المواد الأفيونية أيضا الهيروين، وهو مخدر يستخرج من نبتة الخشخاش وهو خطير ليست له استخدامات طبية في حالته الطبيعية.

المنشطات: تزيد أنواع المخدرات المنشطة من الطاقة، واليقظة، والانتباه، ولكنها قد تؤدي إلى شعور بالقلق، والذعر، وجنون الشكك والارتياب، ومن أمثلتها الكوكايين، والأمفيتامين، والميثامفيتامين. ويندرج نبات القات ضمن المنشطات.

وتسبب هذه المواد زيادة في معدل التنفس، سرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع درجة الحرارة وقلة الشهية.

وقد يؤدي استخدام هذا النوع من أنواع المخدرات على المدى البعيد إلى الأرق واضطراب المزاج، وسلوكيات عدوانية، وهلاوس وأوهام، إضافة إلى تسوس وسقوط الأسنان، وحكة شديدة تؤدي إلى تقرح الجلد.

ونسمع بين الفينة والأخرى حوادث عنف وقتل للأقارب وحتى الوالدين نتيجة إدمان مادة الشبو، وهي بودرة بيضاء في شكل كريستلات تباع في أكياس صغيرة يتم استنشاقها أو تدخينها، وتسبب الإدمان الشديد وأعراض ذهانية.

يمكن التعرف على متعاطي الشبو أو المنشطات خلال وجود الأعراض التالية؛ الحركة والنشاط المفرط، هياج وعنف غير مبرر أو دون سبب، أرق، كثرة الكلام، انخفاض الشهية والوزن، ارتفاع درجة الحرارة، زيادة ضربات القلب والخفقان، اتساع حدقة العين، هلاوس سمعية وبصرية وعند الانقطاع عن الاستعمال تظهر أعراض انسحابية تشمل التعب والإرهاق، والاكتئاب، وظهور أفكار انتحارية.

المهلوسات: تؤدي إلى رؤية أشياء أو سماع أصوات غير حقيقية، والشعور بالانفصال عن الواقع، وتشمل تأثيراتها أيضا زيادة معدل ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وربما فقدان الذاكرة، ومن أمثلة المهلوسات ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك (أل. أس. دي).

المواد المستنشقة: تشمل المذيبات العضوية الطيارة الموجودة في المنظفات، والدهانات، والغراء، والبنزين، وسائل الولاعات، وأقلام التحديد، وغيرها. وهي في معظمها من المهدئات وتسبب الإدمان الشديد، وتأثيرها مدمر على القدرات العقلية المعرفية، وتترك الشخص في حاله تشبه الخرف والذهول نتيجة إدمانها. إضافة إلى أعراض ذهانية يصعب علاجها بعقاقير الذهان المتوافرة حاليا.

تقوم أجهزة الدولة في المملكة بجهود جبارة لمكافحة المخدرات، تشمل حملات مكثفة لنشر الوعي خلال أجهزة الإعلام.

كما تقوم بحملات أمنية على نطاق واسع، وأخيرا تقدم الدولة خدمات العلاج الصحية للمدمنين، والتي ترصد لها ميزانيات ضخمة هدفها في النهاية حماية شبابنا ومجتمعاتنا من هذه الآفة المدمرة.

العلاج متوافر في مراكز الإدمان، مستشفيات إرادة في جميع مناطق المملكة، ويمكن للأهل التواصل مع مؤسسة نبراس على رقم 1955 من أي منطقة في المملكة في سرية تامة، للمساعدة في العلاج المجاني.

وقى الله شبابنا من هذه الآفات المدمرة.

almaiahmad2@