عبدالله مشرف المالكي

السعودية ضد الجاذبية الأرضية

الأربعاء - 07 يونيو 2023

Wed - 07 Jun 2023

في خطته لإعادة رسم المشهد الحضري للمملكة العربية السعودية، يدفع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقوة إلى تبني رؤى مغايرة للمفاهيم المكررة والتقليدية عن المعالم الثقافية والحضارية حول العالم.

وقد ظهر ذلك جليا في حرص السعودية الجديدة على تدشين مشروعات معمارية ابتكارية وحداثية جدا ليس على مستوى الإقليم ولكن على المستوى الدولي أيضا. فالمدن المستقبلية المقاومة للجاذبية الأرضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والمراكز الثقافية العملاقة، وأنظمة النقل فائقة الذكاء، والمعمار الهائل فوق الأرض وتحت الماء، يخبرنا أننا في عصر جديد من النهضة العمرانية.

ولا شك أن أحد أبرز معالم هذه النهضة المعمارية الأبنية الرأسية المضادة للجاذبية الأرضية التي يمثلها حاليا مشروع (ذا لاين)، الذي يعد من أهم ملامح مدينة نيوم العالمية. فمشروع ذا لاين يوصف في الدوريات الغربية بأنه من التطبيقات الثورية التي سوف تغير من مفهوم البناء والتشييد في السنوات المقبلة.

وهذا مفهوم؛ لأن (ذا لاين) يمنح الأولوية لرفاهة الإنسان وسلامة صحته النفسية والبدنية والذهنية، بمحاولة تجنيبه جميع العناصر الضارة التي أصبحت من لوازم الحياة المدنية العصرية. وقد كشفت عن هذه الغايات تصريحات سابقة لسمو ولي العهد قال فيها "يتغلب "ذا لاين" على التحديات التي تواجه البشرية في الحياة الحضرية في وقتنا الحاضر، وسيسلط الضوء على الطرق البديلة المبتكرة للمعيشة‘".

وسوف تطبق هذه الرؤية في تصميم المدينة التي ستكون مساحتها نحو 34 كلم2، في حين سيسكنها نحو 9 ملايين نسمة فقط!، لتكون نموذجا للمدن التي يحظى ساكنوها بأعلى معايير الراحة والاستجمام والصحة.

يعتمد تصميم ذا لاين على مبدأ انعدام الجاذبية الأرضية، إذ ستبنى المدينة على شكل طبقات عمودية، مما يتيح للناس إمكانية التحرك في اتجاهات ثلاثة هي الأعلى والأسفل وبشكل أفقي.

وكأن ذا لاين تقول للعالم "إن المملكة في عهدها الحالي ماضية في قهر التحديات، حتى وإن كانت القوانين الفيزيائية والمسلمات الرياضية". إنها رسالة لطيفة أن يعرف السعوديون أنهم قادرون على مقاومة كل قوة تجذبهم إلى الأرض، وتريد أن توقفهم عن مواصلة النمو والتطور والتحليق نحو آفاق العلا ولو كانت الجاذبية الأرضية!