هوس التجسس البشري وبدائله
الاثنين - 05 يونيو 2023
Mon - 05 Jun 2023
لم تترك البشرية طريقا لاستباق وفضح النوايا، سواء من جهة قوية تزاول التسابق والتمادي في تحجيم قدرات الأعداء والأصدقاء، أو جهة ضعيفة تتقي بالتجسس هجمات ربما تأتي عليها بفرط الثقة والركون للظاهر.
والجواسيس كانوا بشرا يتنصتون من خلف الجدران والنوافذ، ويرسلون إلى أرض العدو أو الصديق الغامض، يتحايلون ويتتبعون المعلومات الخافية، بطرق تتباين بين السذاجة والتماهي والمخاطرة وقمة الخبث، لاختراق ما يعد سريا عند الطرف الثاني، ومفيدا للطرف الأول لاكتشاف أي نشاط وتدريب عسكري، وأي تصنيع وشراء لأسلحة، ولكل استنفار وحشد، يكون بعده ما لا تحمد عقباه.
ولعل زرقاء اليمامة كانت حكاية بدائية للقدرة على التجسس من علو وبعد والتنبه للغزاة، ولعل الكلبة براقش، كانت وسيلة تجسس ناقصة التدريب أهلكت أصحابها.
طرق مراقبة وتوجس تتنامى، وحمام زاجل، وحروف تخدع، وحبر سري، وإشارات يتفق عليها المرسل والمستقبل.
وكان حصان طروادة طريقة قاتلة لزرع الجواسيس في معقل العدو، وتحريكهم لفتح البوابات، وتسهيل دخول الغزاة إلى القلب.
وقد برزت قديما طرق التلاعب بالحروف ومعانيها وأصواتها، يستفيد منها أصحابها ويعجز عن فك طلاسمها المقابل، وقد وجدت مثل هذه الطريقة في بدايات القرن الماضي في مدينة أبها «الرطن الأبهاوي» بتحريف تراتبية الحروف وأصواتها، كما تم استخدام اللهجات الضيقة الشيوع مثل لهجة أهل فيفا في المخاطبات اللاسلكية في الجيش السعودي سابقا.
وتطورت أمور الجاسوسية، وأصبح التصوير سلاحا أكثر دقة، وكم زرع من الجواسيس في بلدان معنية، لجمع المعلومات اليومية، حتى ولو كانوا يحملون جنسية البلد المرقوب، ويتلبسون بالتجارة والدبلوماسية والبحوث العلمية، وحتى من يسمسرون لتأمين الأسلحة والعتاد.
وقد يصبح الجاسوس مزدوجا، يحتال بتمرير المعلومات للطرفين، خلال حياة رعب يعيشها، وعقوبات فظيعة تنتظر تكشف خياناته، وقد أبدعت الروايات العالمية والسينما في تصويرها.
وأدخلت الدول المتقدمة بعدها قدرة التصوير الجوي، بالطائرات، ثم بالأقمار الصناعية، وربما بالمناطيد الأقل شبهة وكلفة.
واستخدمت الحيوانات للتجسس، بشرائح للتصنت وجمع المعلومات، كما أشيع في حكاية حوت «البلوغا» الملقب بالجاسوس الروسي، والذي رصد في أمكنة متباعدة لا تتناسب مع دورة حياته الطبيعية، بحزام غريب فسر بأنه أجهزة التقاط وتصوير للبحرية والغواصات واستعدادات المرافئ، وربما يكون خلفه نوع من التخويف، أو تبرير الفشل.
وقد عزز الحاضر عمليات التجسس الالكتروني والسيبراني، وبلغ درجات شائعة مرعبة من التقدم، بالوصول إلى أجهزة حاسوب العدو واختراقها، ودخول عوالم الروبوت والذكاء الاصطناعي، تنفذ المقتضيات بما يريد مرسلوها، وكم تخترق الوسائل، وتخدم عدة جهات يتجسس بعضها على بعض، ويطول البنوك، وهيبة المواقع الحكومية، باحتلالها وإعادة برمجتها بما يدمر الجهود والماديات والسرية.
هوس تسابق عالمي علمي سيبراني تقني يزرع الوجود بأعين الكاميرات والشرائح، ويخترق هواتف البشر، وكم من قصص ابتزاز لها العجب، تتفاخر بها بعض الدول، كدليل سبق
وقوة.
والجهة المتهمة بالتجسس قد يسعدها أثر ذلك، لما يؤدي إليه من تشتيت تركيز مقابلها، وتضعيف إبداعه في صناعة الأجيال وتطوير التصنيع المدني والحربي، في عصر حضارة نزاعات واحتيال وحيطة وترصد، وتعظيم لأسلحة التجسس ومعاركه، التي قد تستدير وتكذب وتستغل، وكم هو كارثي أن تعجز أصحابها عن مواجهة الواقع حينما تفرض الحروب عليهم سطوتها.
والجواسيس كانوا بشرا يتنصتون من خلف الجدران والنوافذ، ويرسلون إلى أرض العدو أو الصديق الغامض، يتحايلون ويتتبعون المعلومات الخافية، بطرق تتباين بين السذاجة والتماهي والمخاطرة وقمة الخبث، لاختراق ما يعد سريا عند الطرف الثاني، ومفيدا للطرف الأول لاكتشاف أي نشاط وتدريب عسكري، وأي تصنيع وشراء لأسلحة، ولكل استنفار وحشد، يكون بعده ما لا تحمد عقباه.
ولعل زرقاء اليمامة كانت حكاية بدائية للقدرة على التجسس من علو وبعد والتنبه للغزاة، ولعل الكلبة براقش، كانت وسيلة تجسس ناقصة التدريب أهلكت أصحابها.
طرق مراقبة وتوجس تتنامى، وحمام زاجل، وحروف تخدع، وحبر سري، وإشارات يتفق عليها المرسل والمستقبل.
وكان حصان طروادة طريقة قاتلة لزرع الجواسيس في معقل العدو، وتحريكهم لفتح البوابات، وتسهيل دخول الغزاة إلى القلب.
وقد برزت قديما طرق التلاعب بالحروف ومعانيها وأصواتها، يستفيد منها أصحابها ويعجز عن فك طلاسمها المقابل، وقد وجدت مثل هذه الطريقة في بدايات القرن الماضي في مدينة أبها «الرطن الأبهاوي» بتحريف تراتبية الحروف وأصواتها، كما تم استخدام اللهجات الضيقة الشيوع مثل لهجة أهل فيفا في المخاطبات اللاسلكية في الجيش السعودي سابقا.
وتطورت أمور الجاسوسية، وأصبح التصوير سلاحا أكثر دقة، وكم زرع من الجواسيس في بلدان معنية، لجمع المعلومات اليومية، حتى ولو كانوا يحملون جنسية البلد المرقوب، ويتلبسون بالتجارة والدبلوماسية والبحوث العلمية، وحتى من يسمسرون لتأمين الأسلحة والعتاد.
وقد يصبح الجاسوس مزدوجا، يحتال بتمرير المعلومات للطرفين، خلال حياة رعب يعيشها، وعقوبات فظيعة تنتظر تكشف خياناته، وقد أبدعت الروايات العالمية والسينما في تصويرها.
وأدخلت الدول المتقدمة بعدها قدرة التصوير الجوي، بالطائرات، ثم بالأقمار الصناعية، وربما بالمناطيد الأقل شبهة وكلفة.
واستخدمت الحيوانات للتجسس، بشرائح للتصنت وجمع المعلومات، كما أشيع في حكاية حوت «البلوغا» الملقب بالجاسوس الروسي، والذي رصد في أمكنة متباعدة لا تتناسب مع دورة حياته الطبيعية، بحزام غريب فسر بأنه أجهزة التقاط وتصوير للبحرية والغواصات واستعدادات المرافئ، وربما يكون خلفه نوع من التخويف، أو تبرير الفشل.
وقد عزز الحاضر عمليات التجسس الالكتروني والسيبراني، وبلغ درجات شائعة مرعبة من التقدم، بالوصول إلى أجهزة حاسوب العدو واختراقها، ودخول عوالم الروبوت والذكاء الاصطناعي، تنفذ المقتضيات بما يريد مرسلوها، وكم تخترق الوسائل، وتخدم عدة جهات يتجسس بعضها على بعض، ويطول البنوك، وهيبة المواقع الحكومية، باحتلالها وإعادة برمجتها بما يدمر الجهود والماديات والسرية.
هوس تسابق عالمي علمي سيبراني تقني يزرع الوجود بأعين الكاميرات والشرائح، ويخترق هواتف البشر، وكم من قصص ابتزاز لها العجب، تتفاخر بها بعض الدول، كدليل سبق
وقوة.
والجهة المتهمة بالتجسس قد يسعدها أثر ذلك، لما يؤدي إليه من تشتيت تركيز مقابلها، وتضعيف إبداعه في صناعة الأجيال وتطوير التصنيع المدني والحربي، في عصر حضارة نزاعات واحتيال وحيطة وترصد، وتعظيم لأسلحة التجسس ومعاركه، التي قد تستدير وتكذب وتستغل، وكم هو كارثي أن تعجز أصحابها عن مواجهة الواقع حينما تفرض الحروب عليهم سطوتها.