عبدالمعين عيد الأغا

إذا كبر ولدك خاويه

الثلاثاء - 30 مايو 2023

Tue - 30 May 2023

يتعامل بعض الآباء والأمهات - للأسف - مع مرحلة بلوغ أبنائهم كأنهم ما زالوا أطفالا، في وقت يجب أن يدركوا تماما أن هذه المرحلة استثنائية ولها تبعاتها النفسية والاجتماعية والفسيولوجية ويجب أن تعامل بكل حكمة وروية، لكونها تحدث الكثير من التغيرات الجسدية والفكرية والنفسية لديهم، فالبلوغ عملية يتغير فيها شكل الجسم، إذ تحدث بعض التغيرات الهرمونية لجسم الفتاة والذكر، ومنها زيادة هرمون التستوستيرون عند الذكر وهرمون الإستروجين عند الأنثى، ويسمى هذا بالنمو الجنسي، أما في حالة زيادة الكتلة العضلية والتغيرات في الأوتار الصوتية، مثل خشونة صوت الذكر يسمى بالنمو الجسدي.

وهنا يجب أن يكون تعامل الوالدين معهم بأنهم لم يعودوا أطفالا، فالمثل يقول «إذا كبر ولدك خاويه» وهذه المقولة تؤكد أهمية هذه المرحلة والتعامل معهم بطريقة مختلفة تمنحهم الإحساس بأنهم أصبحوا كبارا رغم صغر سنهم.

والواقع النفسي أنه في مرحلة البلوغ والمراهقة يكون الابن عنيدا وقد لا يسمع الكلام، ويتضايق إذا تم مناداته بالطفل، وعنيفا في تصرفاته، عكس الابنة التي تصبح في مواقف عديدة انطوائية وتفضل العزلة عن الآخرين والبكاء كثيرا لأي أسباب قد تحدث أو كلام جارح؛ لذا يجب على الأمهات أن يتقربن أكثر في هذه المرحلة ببناتهن ويمنحهن الحنان ويتفهمن مطالبهن وظروفهن.

وجسديا فإن أول علامات البلوغ الجنسية عند الذكور كبر حجم الخصيتين، وظهور شعر العانة والإبط، وخشونة في الصوت، بينما عند الإناث ظهور الثديين، ظهور شعر العانة والإبط، حدوث الحيض (الدورة الشهرية).

وهناك بعض العوامل المؤثرة في البلوغ منها الوراثة التي لها دور في تحديد عمر البلوغ لدى الجنسين، إلى جانب العرق، حيث إن بعض الشعوب تتأخر في البلوغ مثل اليابان أو الصين، وفي البعض الآخر يحدث البلوغ مبكرا مثل شعوب المناطق الحارة، وثالثا سوء البدانة التي تلعب دورا رئيسيا في البلوغ المبكر، وخصوصا لدى الإناث؛ حيث إن الخلايا الدهنية تفرز ببتيد الليبتين الذي من شأنه تحفيز محور منطقة ما تحت المهاد -الغدة النخامية- الغدد التناسلية، ورابعا العوامل البيئية التي تلعب دورا مهما في موعد بدء البلوغ لدى الإناث، مثل وجود هرمون الإستروجين النباتي في المحاصيل الزراعية، ومنتجات اللحوم الحيوانية، وكذلك الإستروجين الصناعي في المنتجات البتروكيميائية مثل: البلاستيك، والنايلون، وجميعها أدت إلى تغيير مواعيد البلوغ لدى الإناث بشكل ملحوظ، وساهمت في حدوثه مبكرا، مما أصبح يشكل إزعاجا لكثير من العائلات، إلى جانب زيادة استعمال الكريمات أو المراهم المحتوية على الإستروجين أو التستوستيرون أو غيرهما من المستحضرات المحتوية على هذه الهرمونات (مثل الأدوية أو المكملات الغذائية التي يستعملها البالغون)؛ فهي تزيد من خطر إصابة الطفل بالبلوغ المبكر.

وعلاج حالات البلوغ المبكر يعتمد على معرفة سبب الحدوث، ويكون الهدف الرئيس من العلاج هو تمكين الطفل من النمو الصحيح، فأهم الأضرار السلبية للبلوغ المبكر هي قصر القامة المستقبلي؛ حيث إنه خلال فترة البلوغ المبكر تكون القامة طويلة، والإغلاق السريع لفجوات العظم يمكن أن يؤدي إلى توقف النمو في وقت مبكر، وبالتالي قصر القامة لاحقا، بجانب الضغوط النفسية والاجتماعية والسلوكية بسبب التغيرات الجسدية والهرمونية الناتجة عن البلوغ المبكر والتي لا خبرة للأطفال بها؛ إذ قد يتعرض الأطفال للاستهزاء من قبل أقرانهم بسببها، أيضا صعوبة تكيف الإناث اللواتي يصلن إلى الحيض قبل عمر 9 سنوات، مع ارتداء الفوط الصحية وتغييرها.

وأخيرا، يعتبر «الاحتواء» بالأبناء والبنات في مرحلة البلوغ والمراهقة أفضل طريقة للتعامل معهم، فمن الخطأ السائد في المجتمعات أن يقابل السلوك الخاطئ منهم بسلوك مخالف ومماثل من الكبار مما يخلق أجواء التوتر والضغوط، فلابد في هذه المرحلة التقرب أكثر من الأبناء والاستماع لهم ومعالجة المواقف بكل تفهم واقتدار بعيدا عن أجواء المشاحنات التي تزيد من مشاكل هذه المرحلة.