سعد باسلوم

كيف يمكن للطب التكميلي أن يساعد في علاج الأرق؟

الثلاثاء - 30 مايو 2023

Tue - 30 May 2023

مع تطور الحياة الدائم وسرعة نمط المعيشة يقف الإنسان بصدد الأرق، وبرغم كون المرء في أعلى نشاطه وإبداعه في استيقاظه، إلا أن النوم يشكل حجر الأساس المسؤول عن تهدئة الجسم والتنفيس عن أفكاره والاسترخاء مما يساعده على إدارة استيقاظه بشكل فعال أكثر بكثير.

إن الأرق يضعف بنية الإنسان الجسدية والنفسية ويقلل من إنتاجيته ويزيد من نسبة إصابته بالاكتئاب وأمراض القلب وغيرها، وتتفاوت أعراض الأرق ما بين صعوبة النوم أو الاستيقاظ خلال الليل وصعوبة النوم مرة أخرى أو الاستيقاظ في وقت مبكر.

وتختلف أسباب الأرق ويمكن أن تشمل: الحالات الطبية مثل اضطراب النوم الانقطاعي، اضطرابات الصحة العقلية مثل القلق، الألم المزمن، جداول النوم غير المنظمة، كما يمكن أن يكون بغير سبب طبي أو نفسي واضح (فيما يعرف بالأرق الأساسي).

كشفت دراسة أجراها مركز البحوث في مدينة الملك فهد الطبية أن 41% من السعوديين يعانون من اضطرابات النوم.

وطبقا لاستبيان عبر الإنترنت خلال فترة الحجر المنزلي الناجمة عن جائحة كوفيد-19 بين السكان السعوديين على مدار أسبوعين من 1-15 أبريل 2020، كان لدى السكان السعوديين ازدياد في نسبة الأرق بشكل ملحوظ.

ومع استمرار الأرق يعتبره المرء مرضا مزمنا ويتجه إلى الأدوية التي تساعده على تعديل دورة نومه، وبرغم الفائدة الكبرى منها إلا أنه من الممكن أن يكون لها العديد من الآثار الجانبية لاسيما إذا استخدمها المريض من غير وصف الطبيب المختص، أهمها إدمان المنومات والأدوية المهدئة بما يسبب كارثة على حياة المرء بشكل كبير كما يمكن أن تسبب خمولا في وقت استيقاظ الشخص مما يضعف من إنتاجيته وتقلل من كفاءة الأدوية.

ومع تطور العلم، يمكن أن يكون لممارسات الطب التكميلي دورا فعالا في علاج الأرق، وذلك عبر مجموعة متنوعة من التقنيات والممارسات التكميلية كالوخز الإبري والأعشاب وتقويم العمود الفقري والمعالجة الطبيعية والأستويوباث واليوغا والتدليك والتأمل وغير ذلك من الممارسات، حيث يعتمد بعضها على تقنيات التركيز والتأمل لتهدئة العقل وتحقيق الاسترخاء العميق.

وطبقا لدراسة نشرت في مجلة «Sleep Medicine Reviews» في عام 2018 وجدت أن الوخز الإبري يمكن أن يحسن جودة النوم ويقلل من مشكلات الأرق، كما أشارت دراسة أخرى نشرت في مجلة «Evidence-Based Complementary and Alternative Medicine» في عام 2017 إلى أن الوخز الإبري يمكن أن يكون فعالا في تحسين جودة النوم وتخفيف الأرق لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم المختلفة، ومن جهة أخرى تستخدم بعض الأعشاب والمكملات الغذائية لتحسين النوم، حيث إن هناك دراسة نشرت في مجلة «Phytotherapy Research» في عام 2017 وجدت أن البابونج، واللافندر، والزعتر، واليانسون قد تكون لها تأثيرات مهدئة وتساعد في تحسين النوم وتخفيف الأرق.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «Current Neuropharmacology» في عام 2018، تم استعراض الأبحاث حول الأعشاب التي تحتوي على مركبات طبيعية مثل التربينوئيدات والكومارينات والفلافونويدات، ووجدت الدراسة أن بعض هذه الأعشاب يمكن أن تساعد في تحسين جودة النوم وتقليل الأرق، ومع ذلك، يجب استشارة الطبيب قبل تناول أي نوع من الأعشاب أو المكملات للتأكد من الجرعة المناسبة والتفاعلات السليمة مع أي أدوية أخرى، وكذلك هناك ممارسات كالتدليك والعلاج بالحرارة لها تأثير إيجابي على الأرق، حيث يعمل التدليك على تهدئة العضلات وتحسين الدورة الدموية، مما يساعد على الاسترخاء وتحقيق النوم العميق، كما كذلك العلاج بالحرارة، مثل الاستحمام بالماء الدافئ أو استخدام الكمادات الحارة، يمكن أن يخفف التوتر ويهدئ الجسم مما يساعده على النوم العميق وكذلك لدينا ممارسة اليوغا والتاي تشي والتمارين الرياضية الهادئة حيث إنها تعتبر فعالة في تحسين جودة النوم، حيث تقوم بتحسين التوازن وتهدئة الجسم والعقل، وتسهم في تخفيف القلق والتوتر وتحقيق النوم العميق.

من ناحية أخرى هناك دراسات تشير إلى تكاليف علاج اضطرابات النوم على المستوى الدولي، ووفقا لدراسة نشرت في مجلة «Sleep» في عام 2016، تراوحت تكاليف اضطرابات النوم بين 65 إلى 165 مليار دولار أمريكي سنويا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا وألمانيا، بالإضافة إلى ذلك، تم تقدير تكاليف علاج الأرق في الولايات المتحدة بأكثر من 400 مليار دولار سنويا وذلك وفقا لدراسة نشرت في مجلة «Journal of Clinical Sleep Medicine» في عام 2018.

ختاما، يمكن للطب التكميلي أن يقدم خيارات إضافية ومتنوعة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل النوم والأرق عبر دعم هذه الممارسات من قبل برنامج تطوير القطاع الصحي أو برنامج تحسين جودة الحياة وإضافاتها ضمن الخيارات العلاجية داخل المستشفيات والمراكز الصحية، حيث تساعد في تخفيض تكلفة العلاجات المقدمة للمرضى، كما يمكن كذلك إضافة هذه الممارسات ضمن نطاق التغطيات التأمينية للمرضى، يساعد هذا على خلق فرص وظيفية كثيرة من المؤهلين لممارسة هذه الممارسات، حيث يمكن زيادة عدد المبتعثين في هذه التخصصات، وجذب المستثمرين في هذه القطاعات الربحية للاستثمار في المملكة العربية السعودية لتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، الرؤية التي تقودنا نحو القمة في شتى المجالات والتي ستجعل من المملكة العربية السعودية نموذج يحتذى به في شتى المجالات.

SaadBaslom@