عبدالله قاسم العنزي

السلطة التنظيمية لصاحب العمل (اللائحة الداخلية)

الاحد - 28 مايو 2023

Sun - 28 May 2023

لطالما يميز عقد العمل عن غيره من العقود بوجود علاقة تبعية بين صاحب العمل والعامل، ونجد أن عقد العمل يرتب آثارا تتمثل في حقوق كل طرف من أطرافه والتزاماته في مواجهة الطرف الآخر، وإذا كانت تلك الحقوق والالتزامات قد وردت في نظام العمل وما يتضمنه عقد العمل من بنود فإن مضمونها في كثير من الأحيان يتأثر بما يقرره صاحب العمل عند ممارسته لسلطته تجاه العمال في المنشأة.

وإذا كان العمل في المنشأة يسير وفق نظام معين لتحقيق أهدافه فإن ما يكفل ذلك هو تمتع صاحب العمل بسلطة منحها له النظام في وضع ما يشاء من تعديلات لا تخالف النظام العام أو الآداب العامة ولا نظام العمل، حيث نصت المادة الـ12 في الفقرة رقم (1) من نظام العمل على أنه تضع الوزارة نموذجا موحدا - أو أكثر - للائحة تنظيم العمل، على أن يكون شاملا لقواعد تنظيم العمل وما يتصل به من أحكام، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالميزات والأحكام الخاصة بالمخالفات والجزاءات التأديبية ويجوز لصاحب العمل تضمين اللائحة شروطا وأحكاما إضافية، بما لا يتعارض مع أحكام هذا النظام ولائحته والقرارات الصادرة تنفيذا له المادة الـ13 الفقرة (2).

إن من أبرز المشكلات أن هناك خلطا بين ما كان سلطة تنظيمية لصاحب العمل وسلطته في إدارة العمل على الرغم من اختلافهما ولا نبالغ إن قلنا إن سلطة صاحب العمل في الإدارة وكذلك في التأديب تتقيد بما ضمنه صاحب العمل في لائحة تنظيم العمل من قواعد.

فصاحب العمل في ممارسته لسلطته الإدارية يتقيد بما يضعه مسبقا من قواعد تنظيمية وأحكام لائحة العمل ملزمة لصاحب العمل لما تنطوي عليه من توحيد نظام العمل في المنشأة ووضع قواعد عامة مجردة تتحدد بموجبها حقوق العاملين وواجباتهم وهي أيضا ملزمة للعامل عند أدائه للعمل كما تتقيد سلطته بتأديب العاملين لديه في حال مخالفتهم لما وضعت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من قواعد تنظيمية أما إذا قام العامل بعمله دون أن يخالف القواعد التنظيمية التي وضعها صاحب العمل فلا يكون للأخير أن يعاقبه.

ألزم نظام العمل العامل بطاعة أوامر صاحب العمل وتوجيهاته على الرغم من هذا الالتزام لا يحتاج إلى نص تشريعي يقرره فهو أمر مسلم به في إطار علاقة التبعية التي تتميز بالعقد والتي تلزم العامل الخضوع لتوجيهات صاحب العمل وأوامره فالعامل تابع وصاحب العمل متبوع.

إذن طاعة العامل لأوامر صاحب العمل وتوجيهاته يقابلها سلطة يمارسها صاحب العمل على العامل وصاحب العمل يمارس هذه السلطة من خلال صورتين أساسيتين:

الأولى: أن يتخذ فيها صاحب العمل إجراءات أو قرارات تتصف بالعمومية والتجريد بما تمثله من أوامر جماعية تخص كل عمال المنشأة من دون تحديد شخص لعامل معين أو مجموعة معينة من العمال وهذه القرارات تهدف إلى حسن سير العمل في المنشأة ويغلب عليها الديمومة مثل تنظيم بداية العمل ونهايته وتحديد أوقات الراحة وصلة العمال برؤسائهم وغيرها.

الثانية: قيام صاحب العمل باتخاذ قرارات أو إجراءات فردية في مواجهة عامل محدد أو مجموعة من العمال معينة، تعيينا شخصيا إما تطبيقا للقرارات العامة التي قررت من قبل وفق الصورة الأولى وإما مباشرة دون أن تستند إلى تلك القرارات العامة الموجودة مسبقا.

وما نقصده بالسلطة التنظيمية هو الصورة الأولى التي يقوم بها صاحب العمل بإصدار قرارات مسبقة تتصف بالعمومية والتجريد لتنظيم العمل في المنشأة وهي ما تعرف باللائحة الداخلية للمنشأة أو نظام المنشأة الداخلي التي تعد في حقيقته تشريعا بالمعنى المادي لهذه الكلمة بما تتضمنه من قواعد عامة ومجردة لتنظيم تنفيذ العمل في المنشأة.

فاللائحة -وفق هذا المنظور- تتمثل في أوامر صاحب العمل المكتوبة التي يضعها مسبقا لتنظيم سير العمل في المنشأة فهي قالب أو إطار توضع فيه أحكام التنظيم الداخلي لسير العمل في المنشأة.

expert_55@