حياد الصحافة والعامل النفسي
الثلاثاء - 23 مايو 2023
Tue - 23 May 2023
هل هناك تأثير نفسي قوي لوسائل الإعلام على الرأي العام والفرد في المجتمعات؟ وهل ينعكس ذلك على تفكير الشعوب وقرارات السياسيين؟ وماذا تعني القوة الناعمة وكيف تستخدمها الدول في تحقيق أجنداتها السياسية؟الجواب هو أن للإعلام دورا كبيرا في التأثير على تفكير الشعوب واتجاهاتها لا يختلف عليه اثنان، وينعكس ذلك على الرأي العام تجاه قضية معينة بصرف النظر عن عدالة تلك القضية أو صواب ذلك التفكير؛ لأن ذلك يصبح هو القرار الصحيح تحت تأثير ترديد الإعلام لذلك الرأي حتى لو كان خاطئا بشكل واضح للشخص المحايد، ويشمل ذلك كثيرا من القضايا السياسية والأخلاقية والمجتمعية بمختلف أنواعها ونرى في كل يوم كيف تستخدم الدول والأحزاب السياسية ومجموعات الضغط وسائل الإعلام لتحقيق أهداف معينة، وهذا جزء مما يسمى بالقوة الناعمة للدول على خلاف القوه العسكرية المكلفة بشريا وماديا.
وقد أدركت الكثير من الحكومات أهمية دور الإعلام بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدول ذات التأثير العالمي والإقليمي ونرى الدول تنشئ القنوات الإعلامية بلغات مختلفة للتأثير على المجتمعات في دول أخرى.
نشأ كثير منا في المنطقة العربية مع وهم حياد الصحافة في الغرب واحترام المعارضة والرأي الآخر فهل هذا يعكس الواقع هناك؟ أم أن هذه دعاية كررها الغرب على أسماعنا ومن خلال وسائل الإعلام فأصبحت مع الوقت حقيقة ثابتة لا تقبل النقاش، مدعومة بعقدة النقص لدينا التي غرست فينا فكرة أن الغرب متقدم حضاريا واجتماعيا وإعلاميا، ويرددها المعارضون للأنظمة في منطقتنا، كما يتم استخدامها كسلاح ابتزاز ضد الدول والأنظمة؟
من المسلم به أن هناك الكثير من المؤسسات الصحفية المحايدة في الغرب والتي تتبع مسارا يحترم الأمانة الصحفية والاستقلالية لتلك المؤسسات الإعلامية من التأثيرات السياسية والإغراءات المالية ولكن، تظهر لنا في أحيان كثيرة وقائع وأحداث لا تدعم تلك الصورة للصحافة في الغرب.
أضف لهذه الصورة حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق الأقليات الاجتماعية والإثنية بمختلف ميولها واتجاهاتها التي تخالف في كثير من الأحيان ثقافة الشعوب الدينية والاجتماعية، والتي لم يسبق أن سمعنا بها إلا مؤخرا بدعم من جهات ومنظمات غربية والسبب لا يخفى إلا على الساذج أو الحاقد، يستخدمها الغرب ضد الدول للتدخل في شؤونها الداخلية بغرض الابتزاز والحصول على مكاسب سياسية أو اقتصادية، فتبقى تلك الدول تحت تهديد مستمر قد يقود إلى حروب إقليمية يدمر تلك الدول ويوقف التنمية وأي تطور اقتصادي، علمي، اجتماعي.
لا تنخدعوا عند تدخل تلك الدول كوسيط لحل الأزمات السياسية أو الحروب بهدف معلن هو إيقافها؛ فالهدف الفعلي هو استمرار تلك الحروب والأزمات بوسائل استخباراتية وسياسية إلى أن يتم تدمير تلك الدول وإضعافها فتستمر حاجتها للدول العظمى أو الإقليمية تحت بند الحماية، والتاريخ حافل بتلك الأمثلة.
وفي العودة لموضوع حياد الصحافة فهل صحافة الغرب فعلا محايدة؟ وهل هناك فصل في العلاقة بين السياسيين في السلطة ومؤسسات الصحافة الغربية؟ في الظاهر وحسب ما يعلنه الجميع في الغرب وبناء على كثير من القوانين، من المفترض أن يكون هناك فصل بين المؤسسات السياسية التنفيذية ووسائل الإعلام ولكن تتكشف بين آونة وأخرى صورة مختلفة لتلك العلاقة بين الجهتين.
فمن الناحية الرسمية والتشريعية ليس هناك علاقة مباشرة ولكن هناك تجاذبا حزبيا كبيرا، سياسيا وأحيانا عقديا واضحا بين الجانبين، ونجد كثيرا من وسائل الإعلام تنحاز بشكل واضح ضد دولة أو جهة معينة فيما يبدو أنها حملة إعلامية منظمة من قبل النظام السياسي في هذه الدولة العظمى أو تلك، في ظاهرها هي انتقاد لهذا النظام أو ذاك، عادة في منطقة الشرق الأوسط بدعوى حقوق الإنسان أو حقوق فئات معينة في المجتمع ظاهرها دعم حقوق الإنسان، وفي الواقع هدفها الابتزاز السياسي والضغط لحمل النظام الحاكم على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة أجندة معينة، فهل منشأ تلك الحملات الصحفية الفعلي هو المؤسسة الصحفية أو الكاتب الذي ينتقد ممارسات أو سياسات غير مقبولة في الدولة المستهدفة أم أن هناك جهات أخرى حكومية أو سياسية أوعزت لتلك المؤسسات الصحفية ببدء حملة إعلامية في ذلك الاتجاه؟
أصبح من الواضح أن للجميع أجندات معينة سواء كانت مؤسسات صحفية أو صحفيين كأفراد، وهناك الكثير من تلك الممارسات على سبيل المثال صحيفة واشنطن بوست وغيرها، بل إنه أصبح من غير المستغرب أن يكون بعض الصحفيين موظفين لدى الحكومة أو الاستخبارات في هذه الدولة أو تلك، وهي من يدفع رواتبهم ولكنهم يعملون في المؤسسات الصحفية، وهم مصدر كثير مما يسمى التسريبات من مصادر موثوقة حكومية لا تعرف مصدرها، فهؤلاء الصحفيون ليسوا مجبرين على الإفصاح عن مصدر معلوماتهم بدعوى الأمانة الصحفية وسرية مصدر المعلومة.
ونرى بين الفينة والأخرى مقالات تنشر لزعماء ميليشيات قليلي التعليم في صحف غربية باللغة الإنجليزية بأسلوب ولغة مميزة وخالية من الأخطاء اللغوية، ثم نكتشف لاحقا أن هناك من يقوم بكتابة تلك المقالات ونشرها بأسمائهم ويتلقى هؤلاء الكتاب الدعم المالي من جهات معينة. وهناك صحف تقوم ببيع مساحات على مطبوعاتها لنشر ما يريد الكاتب أو الجهة التي تشتري تلك المساحة بمقابل مادي كبير، وتقوم الصحيفة بوضع سطر في أسفل الصفحة يشير إلى أن المعلومات والآراء المذكورة هي من مسؤولية الكاتب ولا تتحمل الصحيفة أي مسؤولية قانونية عنها، في محاولة لتجنب أي ردات فعل قوية قد ينتج عنها قضايا قانونية ضدها.
على القارئ العربي أن يقرأ ما ينشر في الصحافة الغربية بحذر وانتقاد موضوعي لكل خبر، ويحصل على معلوماته وخاصة التحليلات السياسية من عدة مصادر إعلامية مختلفة الاتجاهات وتجنب أخذ المعلومة من مصادر معينة؛ لأنها تدعم آراءها الشخصية وقناعاتها مع أو ضد جهة أو سياسة معينة، وعلى الجميع أن يعلم أن المملكة هدف لكثير من المؤسسات الإعلامية الخارجية والتي تصور لنا أن العشب في الجانب الآخر أكثر اخضرارا، وأن الجنة تنتظرنا في الخارج إذا أخذنا اتجاها معارضا لوطننا. وقد أدرك ممن يسمى المعارضون في الخارج تلك الحقائق ولكن بالنسبة لكثير منهم قد يكون باب العودة صعبا.
@almaiahmad2
وقد أدركت الكثير من الحكومات أهمية دور الإعلام بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدول ذات التأثير العالمي والإقليمي ونرى الدول تنشئ القنوات الإعلامية بلغات مختلفة للتأثير على المجتمعات في دول أخرى.
نشأ كثير منا في المنطقة العربية مع وهم حياد الصحافة في الغرب واحترام المعارضة والرأي الآخر فهل هذا يعكس الواقع هناك؟ أم أن هذه دعاية كررها الغرب على أسماعنا ومن خلال وسائل الإعلام فأصبحت مع الوقت حقيقة ثابتة لا تقبل النقاش، مدعومة بعقدة النقص لدينا التي غرست فينا فكرة أن الغرب متقدم حضاريا واجتماعيا وإعلاميا، ويرددها المعارضون للأنظمة في منطقتنا، كما يتم استخدامها كسلاح ابتزاز ضد الدول والأنظمة؟
من المسلم به أن هناك الكثير من المؤسسات الصحفية المحايدة في الغرب والتي تتبع مسارا يحترم الأمانة الصحفية والاستقلالية لتلك المؤسسات الإعلامية من التأثيرات السياسية والإغراءات المالية ولكن، تظهر لنا في أحيان كثيرة وقائع وأحداث لا تدعم تلك الصورة للصحافة في الغرب.
أضف لهذه الصورة حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق الأقليات الاجتماعية والإثنية بمختلف ميولها واتجاهاتها التي تخالف في كثير من الأحيان ثقافة الشعوب الدينية والاجتماعية، والتي لم يسبق أن سمعنا بها إلا مؤخرا بدعم من جهات ومنظمات غربية والسبب لا يخفى إلا على الساذج أو الحاقد، يستخدمها الغرب ضد الدول للتدخل في شؤونها الداخلية بغرض الابتزاز والحصول على مكاسب سياسية أو اقتصادية، فتبقى تلك الدول تحت تهديد مستمر قد يقود إلى حروب إقليمية يدمر تلك الدول ويوقف التنمية وأي تطور اقتصادي، علمي، اجتماعي.
لا تنخدعوا عند تدخل تلك الدول كوسيط لحل الأزمات السياسية أو الحروب بهدف معلن هو إيقافها؛ فالهدف الفعلي هو استمرار تلك الحروب والأزمات بوسائل استخباراتية وسياسية إلى أن يتم تدمير تلك الدول وإضعافها فتستمر حاجتها للدول العظمى أو الإقليمية تحت بند الحماية، والتاريخ حافل بتلك الأمثلة.
وفي العودة لموضوع حياد الصحافة فهل صحافة الغرب فعلا محايدة؟ وهل هناك فصل في العلاقة بين السياسيين في السلطة ومؤسسات الصحافة الغربية؟ في الظاهر وحسب ما يعلنه الجميع في الغرب وبناء على كثير من القوانين، من المفترض أن يكون هناك فصل بين المؤسسات السياسية التنفيذية ووسائل الإعلام ولكن تتكشف بين آونة وأخرى صورة مختلفة لتلك العلاقة بين الجهتين.
فمن الناحية الرسمية والتشريعية ليس هناك علاقة مباشرة ولكن هناك تجاذبا حزبيا كبيرا، سياسيا وأحيانا عقديا واضحا بين الجانبين، ونجد كثيرا من وسائل الإعلام تنحاز بشكل واضح ضد دولة أو جهة معينة فيما يبدو أنها حملة إعلامية منظمة من قبل النظام السياسي في هذه الدولة العظمى أو تلك، في ظاهرها هي انتقاد لهذا النظام أو ذاك، عادة في منطقة الشرق الأوسط بدعوى حقوق الإنسان أو حقوق فئات معينة في المجتمع ظاهرها دعم حقوق الإنسان، وفي الواقع هدفها الابتزاز السياسي والضغط لحمل النظام الحاكم على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة أجندة معينة، فهل منشأ تلك الحملات الصحفية الفعلي هو المؤسسة الصحفية أو الكاتب الذي ينتقد ممارسات أو سياسات غير مقبولة في الدولة المستهدفة أم أن هناك جهات أخرى حكومية أو سياسية أوعزت لتلك المؤسسات الصحفية ببدء حملة إعلامية في ذلك الاتجاه؟
أصبح من الواضح أن للجميع أجندات معينة سواء كانت مؤسسات صحفية أو صحفيين كأفراد، وهناك الكثير من تلك الممارسات على سبيل المثال صحيفة واشنطن بوست وغيرها، بل إنه أصبح من غير المستغرب أن يكون بعض الصحفيين موظفين لدى الحكومة أو الاستخبارات في هذه الدولة أو تلك، وهي من يدفع رواتبهم ولكنهم يعملون في المؤسسات الصحفية، وهم مصدر كثير مما يسمى التسريبات من مصادر موثوقة حكومية لا تعرف مصدرها، فهؤلاء الصحفيون ليسوا مجبرين على الإفصاح عن مصدر معلوماتهم بدعوى الأمانة الصحفية وسرية مصدر المعلومة.
ونرى بين الفينة والأخرى مقالات تنشر لزعماء ميليشيات قليلي التعليم في صحف غربية باللغة الإنجليزية بأسلوب ولغة مميزة وخالية من الأخطاء اللغوية، ثم نكتشف لاحقا أن هناك من يقوم بكتابة تلك المقالات ونشرها بأسمائهم ويتلقى هؤلاء الكتاب الدعم المالي من جهات معينة. وهناك صحف تقوم ببيع مساحات على مطبوعاتها لنشر ما يريد الكاتب أو الجهة التي تشتري تلك المساحة بمقابل مادي كبير، وتقوم الصحيفة بوضع سطر في أسفل الصفحة يشير إلى أن المعلومات والآراء المذكورة هي من مسؤولية الكاتب ولا تتحمل الصحيفة أي مسؤولية قانونية عنها، في محاولة لتجنب أي ردات فعل قوية قد ينتج عنها قضايا قانونية ضدها.
على القارئ العربي أن يقرأ ما ينشر في الصحافة الغربية بحذر وانتقاد موضوعي لكل خبر، ويحصل على معلوماته وخاصة التحليلات السياسية من عدة مصادر إعلامية مختلفة الاتجاهات وتجنب أخذ المعلومة من مصادر معينة؛ لأنها تدعم آراءها الشخصية وقناعاتها مع أو ضد جهة أو سياسة معينة، وعلى الجميع أن يعلم أن المملكة هدف لكثير من المؤسسات الإعلامية الخارجية والتي تصور لنا أن العشب في الجانب الآخر أكثر اخضرارا، وأن الجنة تنتظرنا في الخارج إذا أخذنا اتجاها معارضا لوطننا. وقد أدرك ممن يسمى المعارضون في الخارج تلك الحقائق ولكن بالنسبة لكثير منهم قد يكون باب العودة صعبا.
@almaiahmad2