منصور الشلاقي

إعلامنا ما زال قويا.. فقط امنحوه الفرصة!

الأربعاء - 17 مايو 2023

Wed - 17 May 2023

في الماضي كان الإعلام مقتصرا على التلفاز والإذاعة والصحف الورقية، وهذه الوسائل الإعلامية التقليدية كانت هي من يوثق وينقل لنا الأحداث المحلية والدولية بشكل يومي، ورغم أنها كانت تتأخر في نقل ونشر الأحداث والأخبار؛ إلا أنها كانت تنشر وتنقل باحترافية ومهنية عالية لوجود رقابة شديدة على المحتوى قبل أن ينشر أو يذاع أو ينقل مباشرا أو تسجيلا؛ ولذلك نجح إعلامنا نجاحا مبهرا في نقل صورة إيجابية عن وطننا في كافة المجالات وخاصة الإنسانية منها، وكانت الوزارات والجهات الحكومية وحتى الخاصة توجه الدعوات لوسائل الإعلام (التلفاز، الإذاعة، الصحف) لتغطية الفعاليات والبرامج والأحداث محليا ودوليا عبر مراسلين صحفيين محترفين مهنيا.

ومع ثورة الاتصالات، وتطور التقنية الحديثة، ظهر «الإعلام الحديث»، وأصبح كل من يمتلك جوالا «ذكيا» في جيبه هو «إعلامي» يصور ويوثق وينشر عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت أغلب المؤسسات الحكومية ناهيك عن مؤسسات القطاع الخاص بتوجيه الدعوات لمشاهير «السوشيال ميديا» للتغطية والإعلان حتى طغت «الإعلانات» على العمل «الإعلامي» الاحترافي وأصبح الغرض مادي بحت، وفقدت التغطيات الرسمية أهميتها، وانقطعت الدعوات عن وسائل الإعلام «الحقيقي» وغاب عن المشهد فترة من الزمن، وصار من يتسيد المشهد هم «المشاهير».

وفي عملية إجلاء العالقين في السودان من السعوديين وإخواننا الخليجيين والعرب وغيرهم.. غاب مشاهير «السوشيال ميديا»، وأصحاب التغطيات الإعلامية «مدفوعة الثمن»، وحضر «الإعلام الحقيقي» تلفزيونيا وصحفيا ممثلا في قناة «الإخبارية السعودية» والصحف المحلية التي نقل مراسلوها الحدث من أرض الحدث مباشرة بكل مهنية واحترافية؛ فكانت التغطية الإعلامية الأنجح والأبرز لعمليات إجلاء العالقين في السودان، ليس على المستوى المحلي فقط؛ ولكن على المستوى الدولي حتى أصبحت أخبار وتغطيات عمليات الإجلاء تتناقلها قنوات إخبارية وصحف عالمية كبيرة، ما عكس إنسانية المملكة، وأبرز جهودها الجبارة ودورها الإنساني عالميا، فالخبرة والمهنية والاحترافية إذا اجتمعت أنتجت عملا جبارا يتحدث عنه الجميع، ويبقى راسخا في الأذهان.

والسؤال: لو لم تدع وزارة الخارجية ووزارة الدفاع المؤسسات الإعلامية الرسمية والصحفيين المحترفين، واكتفت فقط بدعوة مشاهير «السوشيال ميديا» ومصورو التغطيات الإعلامية «مدفوعة الثمن» هل ستنجح عمليات الإجلاء إعلاميا لتتجاوز الحدود المحلية إلى العالمية؟ وهل ستحظى صورة المجندة السعودية في القوات البحرية وكيل رقيب «أمل العوفي» التي التقطها مصور وكالة الأنباء السعودية « نزار معتق حسنين» بشهرة عالمية واسعة، وتختارها صحيفة «الجارديان» البريطانية كأفضل صورة؟

ما أود أن أقوله إن إعلامنا ما زال قويا بمهنيته واحترافيته، وسيكون حاضرا في كل المحافل والتغطيات، وأجزم أنه سيشهد نقلة نوعية خاصة في عهد معالي وزير الإعلام «سلمان الدوسري» رجل الصحافة، ورجل الإعلام الأول الذي أحدث تغيرا وتطورا نحو الأفضل في فترة قصيرة، وكرم المبدعين والمتميزين من الإعلاميين.

أخيرا: أثق تماما أن إعلامنا سيبقى قويا.. فقط امنحوه الفرصة.

MansoorShlaqi@