عبود آل زاحم

‏ استراتيجية سوق العمل .. رؤية تتجاوز تحديات اليوم والمستقبل

الأربعاء - 17 مايو 2023

Wed - 17 May 2023

في خواتيم ديسمبر عام 2020 كشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ولأول مرة، عن ملامح "استراتيجية سوق العمل"؛ لتؤكد أنها - أي الاستراتيجية - طُوّرت بناء على دراسات مستفيضة ومسوح بحثية وميدانية، وبمنهجية مبنية على استخلاص إصلاحات وسياسات قائمة على الأدلة لرفع كفاءة السوق، وإحداث إصلاحات جذرية بشقيها العام والخاص.

ووفقًا لإعلان الوزارة في ذلك الحين، نصت رؤية الاستراتيجية على أن تكون سوق العمل جاذبة للمواهب والقدرات المحلية والعالمية، وتوفر للمواطنين فرص عمل منتجة وحياة كريمة، وتعزز الانتقال لاقتصاد متنوّع ومزدهر، يتجاوز كل تحديات اليوم والمستقبل، فيما ركزت أهدافها الرئيسية على تخفيض البطالة، وزيادة الإنتاجية، وزيادة المشاركة، وزيادة كفاءة السوق، عبر مبادرات إصلاحية تشتمل على تحسين ظروف العمل، ومناخ النمو والاستثمار، وتنشيط سوق العمل وتخطيط المهن، ووضع معايير مهنية ونظام للمهارات، والاستقدام، ومنظومة التوظيف.

وفي خطوة واثقة وغير مستغربة، سرد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، خلال محاضرته الاثنين في جمعية الاقتصاد السعودية عن "التحولات الاستراتيجية في سوق العمل السعودي" تفاصيل وفصول قصة نجاح استراتيجية الوزارة لسوق العمل خلال الفترة الماضية.

وزفّ الوزير البُشرى لجميع أبناء وبنات الوطن أن مبادرات استراتيجية سوق العمل ستكتمل قبل نهاية 2025 من خلال استمرار الشراكة الراسخة والفعالة بين منظومة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والقطاع الخاص ومجلس الغرف السعودية في جميع قرارات الوزارة ومبادراتها المتعلقة بسوق العمل.

‏ومن خلال استعراض الخارطة الاستراتيجية لسوق العمل السعودية، تأكد لنا أن إصلاح جانب الطلب في سوق العمل السعودية سيُنجز عبر تحسين بيئة العمل والتعاقد، وتطوير القطاعات الاقتصادية والمناطق، وتشجيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وجذب الاستثمار الأجنبي، كما أن إصلاح جانب العرض في سوق العمل السعودية يتم من خلال تنشيط سوق العمل عبر تيسير مشاركة المواطنين بجميع فئاتهم، ومواءمة المهارات والقيم مع احتياجات السوق الحالية والمستقبلية، واستقطاب الكفاءات والمواهب، وسد فجوة متطلبات السوق.

‏وبِشأن تطوير منظومة التوظيف تتجلى بوضوح مساعي منظومة الموارد البشرية في تفعيل عملية التوفيق بين الباحثين عن عمل وأصحاب العمل حتى تسهم في إصلاح جانبي الطلب والعرض سوياً.

‏وأثمرت هذه الجهود نجاحات نوعية، حيث سجلت، ولله الحمد، معدلات البطالة للسعوديين مستوى منخفضًا غير مسبوق عند 8%، وهو قريب جداً من المستهدف لعام 2030 والمحدد بـ7%، إذ شهد انخفاضا كبيرا بمقدار 1.9% مقارنة بالربع الرابع من عام 2022، كما تزامن مع هذا تحسن في نمو إنتاجية العامل بمقدار 4.9% في سبيل الوصول للمستهدف عام 2030 عند 12.6% مع معدل مشاركة للسعوديين في القوى العاملة تتجاوز 52% حاليًا.

أرقام وإحصاءات مطمئنة أكدت منجزات استراتيجية سوق العمل التي نفخر بها جميعاً، حيث أسهمت قرارات التوطين في ارتفاع عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص إلى 2.2 مليون مواطن ومواطنة بزيادة تعادل 31.7% مقارنة بعام 2019م. كما دعم صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف" ‏مكاسب مميزة أخرى سطرتها استراتيجية سوق العمل، حيث ارتفعت نسبة القضايا العمالية التي تحل وديا إلى 74%، كما بلغ عدد عقود العمل التي تم توثيقها بأنماط حديثة 895897 عقداً خلال عام 2022 تندرج تحت منصات رئيسية وهي العمل الحر والعمل المرن والعمل عن بُعد، إضافة إلى وصول نسبة امتثال المنشآت في برنامج حماية الأجور إلى 80% بنهاية عام 2022.

‏جوانب مضيئة وإشراقات باهرة أحدثتها برامج التوطين، حيث تجاوز برنامج توطين 1.0 في نهاية مارس 2022 المتحقق 148 ألفًا، بينما كان المستهدف هو 115، بينما يتوقع أن يتجاوز برنامج توطين 2.0 بناء على ما تحقق حاليًا هدفه المحدد بـ 172 ألفًا.

‏ ومن البشريات التي أعلنت، أن قرارات التوطين للمهن والأنشطة أسهمت في توظيف أكثر من 500 ألف مواطن ومواطنة في القطاع الخاص منذ عام 2019، مما أسهم في تمكين الكوادر الوطنية، وزيادة معدلات دخولهم إلى سوق العمل. وارتفعت نسبة التوطين في مهن التسويق في القطاع الخاص من 20% إلى 40%، كما ارتفعت نسبة التوطين في المهن الهندسية في القطاع الخاص من 22% إلى 35% في هذه الفترة.

‏ووفقًا لحديث المهندس أحمد الراجحي، من أهم التحولات الاستراتيجية في سوق العمل هو مبادرات ونتائج تمكين المرأة التي تجاوزت النتائج المحققة جميع المستهدفات المخطط لها، حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للسعوديات المتحقق العام الماضي 36%، متجاوزا المستهدف وهو 31.4%، كما أن حصة المرأة في سوق العمل بلغت 33.5%، متجاوزة المستهدف وهو 30%، فيما وصل مؤشر نسبة النساء في المناصب الإدارية معدل 42.3%، متجاوزا 31%، بل إن برنامجي توطين 1 و 2 أسهما في توظيف أكثر من 70 ألف امرأة مع استفادة الآلاف منهن في مبادرات العمل الحر والعمل المرن، وتشجيع العمل عن بُعد.

ختامًا نتمنى أن يعي شبابنا الرسائل والنصائح المهمة التي خصهم بها وزير الموارد البشرية والتنمية قبل التحاقهم بسوق العمل، والمتضمنة ضرورة: الاهتمام بالتعليم، وهو النواة الأولى للمعرفة وتعزيز المهارات، واختيار التخصص المناسب لاحتياج سوق العمل، وتطوير المهارات أثناء الدراسة وتطبيقها بشكل عملي قبل التخرج، إلى جانب قبول العمل الأول بعد التخرج لاكتساب مزيد من الخبرات، والاستمرار في اكتساب المهارات دون توقف.