أيمن التميمي

ابتعاث موظفي الأمانات والبلديات

الثلاثاء - 16 مايو 2023

Tue - 16 May 2023

لو سألنا أي شخص: ما الهدف من الابتعاث للدول المتقدمة؟ سيجيب فورا وبشكل بديهي بأن اكتساب الخبرات والمعرفة والحصول على أفضل ما لديهم وآخر ما توصل له العلم هو الدافع والمحفز الأهم وراء الابتعاث، لذلك تنشط بعض الجهات في ابتعاث منسوبيها لبعض الدول وفي برامج محددة وذلك ليعودوا محملين بالخبرة والمعرفة التي لا تفيد فقط الجهات التي قامت بابتعاثهم وإنما البلد بشكل عام.

الأمانات والبلديات في وطننا الغالي تقوم بعمل كبير ومهم في تطوير الوجه الحضاري والمتطور لمدننا ومحافظاتنا الممتدة في جميع أنحاء مملكتنا الحبيبة، وما يتم بذله من جهود في تطوير المدن هي جهود واضحة وجلية للعيان فلهم كل الشكر والتقدير على ذلك. لكن لماذا لا تتبنى الأمانات والبلديات برامج ابتعاث لموظفيها بمختلف مستوياتهم، وأنا هنا لا أقصد ابتعاث مسؤولي الصف الأول في الأمانات والبلديات، فالعديد منهم بلا شك قد تم ابتعاثه للخارج وعاد محملا بخبرات وأفكار جميلة لتطوير وطننا، ولكن يكون المستهدف هو برنامج لابتعاث أغلب موظفي الأمانات والبلديات من غير القياديين، وأقصد هنا مشرفي الأقسام ومشرفي العمل الميداني والخدمات وغيرهم من الموظفين الذين يتعاملون بشكل مباشر مع كل ما يهم المواطن والمقيم من أعمال وخدمات تؤثر في وجه المدن الحضاري.

الهدف من الابتعاث ليس للدراسة وإنما للعمل واكتساب الخبرة، بحيث يتم ابتعاث كل موظف لمدة ثلاثة أعوام لأمريكا أو كندا أو بريطانيا أو استراليا أو أي دولة أخرى تراها جهة الابتعاث مناسبة، ويتم حينها تخصيص سنة لتعلم اللغة وسنتين للعمل مع موظفي البلديات في المدينة التي تم ابتعاثه لها، ويكون برنامج العمل في المكان الذي ابتعث له في تلك المدينة واضحا ومحددا ويضمن استفادة الموظف من العامين اللذين سيقضيهما هناك.

يقول المثل العربي «الجمال معدي»، أي أنك إذا رأيت شيئا ما وأعجبك جمال بنائه أو تصميمه أو حتى طريقة عمله فإنك غالبا ستنقل أو تنسخ ما أعجبك لمحيطك مع إجراء بعض التعديلات التي تناسب بيئتك وثقافتك. العيش في مجتمع لمدة عام أو عامين مع العمل بشكل يومي في تلك البيئة سيجعل نظرة الشخص تتغير للأفضل من ناحية طريقة تنفيذ الأعمال والإشراف عليها وضمان بقائها تعمل وبشكل جيد لأطول فترة زمنية ممكنة. هذا الشخص الذي عاش هذه التجربة سينقل ما شاهده وعمل به في مدينة الابتعاث إلى مدينته في وطنه حين عودته، وسيكون عنصرا مؤثرا فيمن حوله.

ممكن أن يضع قياديو الصف الأول أفضل الخطط التطويرية للمدن والمحافظات ولكن ربما لن يكون التنفيذ بالشكل المطلوب إن لم يتم استيعاب أهمية تنفيذ تلك الخطط بجودة عالية من موظفي الصف الثاني وما دونهم من الموظفين في السلم الوظيفي.

حكومتنا -حفظها الله- تنفق الغالي والنفيس على تطوير هذا البلد المعطاء وجعله في مصاف الدول المتقدمة، وباب التدريب واكتساب الخبرات هو من أهم الأبواب التي تساعد في نهضة وتطور أي أمة، كوريا والصين واليابان هي أمثلة حية على استفادتها من خبرات بعض الدول الغربية كألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا في التطور سواء في المجال الصناعي أم العمراني.

المبالغ التي ستدفع على الابتعاث حتى وإن كانت كبيرة ستعود بثمرة مفيدة ورائعة للوطن على المدى البعيد، حيث إن أبناء الوطن سيحرصون كل الحرص على إظهار بلدهم بالشكل الجميل واللائق دائما.

قيادات الصف الأول في الأمانات والبلديات بحكمتها وجهدها المميز وتحت ظل توجيهات قيادتنا الحكيمة تعمل وستعمل دائما لتطوير هذه المنظومة المهمة والمؤثرة في شكل وجمال وطننا الحبيب، فكل التحية والتقدير لهم.

فكرة ابتعاث موظفي الصف الثاني ومن دونهم من الموظفين للعمل وليس للدراسة من الممكن تعميمها على كافة القطاعات الخدمية التي يستفيد منها المواطن والمقيم والزائر وذلك لنقل افضل ما وصلت له الدول المتقدمة من علم وتجربة وتطبيقها في مختلف المجالات والتخصصات والتي ستؤثر بشكل إيجابي على جودة الحياة بشكل عام.

aiman_altamimi@