مدعو إلى حفل تتويج ملك
الاثنين - 15 مايو 2023
Mon - 15 May 2023
كغيري من مليارات البشر، كنت مدعوا إلى حفل تتويج ملك بريطانيا السبعيني شارلز الثالث.
لمسة أثيرة، فالموائد لم تعد محدودة كما في تتويج ملوك الأزمنة السحيقة، وإحضار البعيد في طرفة عين لم تعد من المستحيلات، وكل من يطول شاشة، تصله الدعوة بالحضور، ومشاركة أدق تفاصيل الحدث العالمي، ومتابعة التعليقات والشروحات الواضحة، لأصول ونموذجية بروتوكولات الذهب الملكي، والتمتع بالإشارات الصغيرة، حتى ولو كانت تثاؤب طفل ضجر.
كان حفلا أسطوريا بمن توج ومن شارك، وبأصول وفنون ونظام اختتمت بإطلالة ثقة من على الشرفة، وجموع قاومت الأجواء الضبابية، وهتافات وهمس، ونظرات إعجاب ونقد وحسد، وحضور يتبارون بمسمياتهم ورتبهم في قمم الحياة، ملوك ورؤساء وأمراء ووزراء، وكبار مدعوين بالاسم يزينون المكان والزمان والمناسبة والشخوص، بطلاتهم، ورونقهم، وملابسهم، وانتظام خطواتهم، والتزامهم بالمحدد، دون تبرم، أو طلب شرب أو مأكل، أو حتى دخول دورات مياه، فالحدث عظيم لا يتكرر في عمر الإنسان، والصور شفافة ترصد، بمصداقية، والتاريخ يكتب ويحكي.
مظاهرة حب جالت شوارع لندن وأحياء دول الكومنولث، وبمثل ما تمر به أحداث عالمنا من تباين عجب في الآراء، يظل المدعوين بأغلب ملياراتهم سعداء يؤيدون، ويكبرون، ويتمنون لو طالوا بأنفسهم رائحة العز.
ويظل هنالك من يختلف، ومن يبحث عن خلل في حمرة عين زبرجدة فريدة، ومن يناقش السياسة والاقتصاد، وتنوع سقوف الحريات، وأصالة وتراث ودعايات ما يحدث، وتكاليفها على دافعي الضرائب، ومن يناقشون حريات أعظم دستورية ملكية على وجه الأرض، ومن يتوق لنازلة أو كارثة بمعتقد في نفسه، يستحضر نكبات ملوك سبق وزالوا تحت سياق ثورات ومعارك وفوضى أو غضب وانتقام.
إعجاز تخطيط وتدريب وترتيب، للبشر والحيوانات، والطائرات ترسم الألوان، والخطوة متقنة، والبسمة محسوبة، والمعاني عميقة الإبداع، ومتعمقة في الدين، والسياسة، والبيئة والحقوق ومحو آثار العنصرية، فيحضر من كل أصقاع الأرض وأعراقها ممثلون.
وتتعانق الأصوات والأوتار والمزامير والنواقيس، لتكتب حكاية تاريخ طال انتظارها سبعين عاما، وآن لها أن ترتسم إبداعا.
الابن الوريث واثق، والأخت الداعمة تحنو، والابن المنبوذ ينزوي، والعشيقة، التي لحقت بقطار الزواج تنال أبهة الملك، ولو أن أعين النقد تبحث عن ليونة ورونق.
أعظم دعوة حضرتها في حياتي، ولو أني لم ألتزم بملابس معينة، ولا خطوات وزينة والتفاتات، ولم أكن محدود الحركة، وحتى الترانيم كنت أتحكم بحسها، وأهمل أو أصغي لبعض أجزائها.
كل من شهد حفل الأرض تسمرت عيناه على مجوهرات التاج الملكي، والصولجان، والكرة الذهبية، وتاج ملكة زان هامتها، وحيرة أمنيات تتبارى بالبريق على صدور ورؤوس الحاضرين الفعليين، والعدسات تكتب ثرائهم، بجوار كنوز إمبراطورية حكمت أطراف الأرض.
وكم تطايرت وحطت أحلام اليقظة على مدى الخمس قارات، وكل مدعو يكتفي بقطعة أو أكثر، ويغوص في الأمنيات، فماذا لو امتلكها بذاته حقيقة، وكيف سيحفظها، وهل سيعرضها للبيع؟ ليدفن فقر أحفاده.
البعض شطح للماورائيات، فماذا لو كانت الجاذبة ديانا هي من تم تنصيبها، وماذا لو كانت الأم الراحلة ترقب من خلف الحجب ما يحصل بعدها، كونها قد سطرت كل خطوة منه بترتيبات جلوسها المستحيل.
أشكر أصحاب الدعوة، وأتمنى للصحافة الصفراء اخضرارا وبياضا بأقلام الأساطير.
shaheralnahari@
لمسة أثيرة، فالموائد لم تعد محدودة كما في تتويج ملوك الأزمنة السحيقة، وإحضار البعيد في طرفة عين لم تعد من المستحيلات، وكل من يطول شاشة، تصله الدعوة بالحضور، ومشاركة أدق تفاصيل الحدث العالمي، ومتابعة التعليقات والشروحات الواضحة، لأصول ونموذجية بروتوكولات الذهب الملكي، والتمتع بالإشارات الصغيرة، حتى ولو كانت تثاؤب طفل ضجر.
كان حفلا أسطوريا بمن توج ومن شارك، وبأصول وفنون ونظام اختتمت بإطلالة ثقة من على الشرفة، وجموع قاومت الأجواء الضبابية، وهتافات وهمس، ونظرات إعجاب ونقد وحسد، وحضور يتبارون بمسمياتهم ورتبهم في قمم الحياة، ملوك ورؤساء وأمراء ووزراء، وكبار مدعوين بالاسم يزينون المكان والزمان والمناسبة والشخوص، بطلاتهم، ورونقهم، وملابسهم، وانتظام خطواتهم، والتزامهم بالمحدد، دون تبرم، أو طلب شرب أو مأكل، أو حتى دخول دورات مياه، فالحدث عظيم لا يتكرر في عمر الإنسان، والصور شفافة ترصد، بمصداقية، والتاريخ يكتب ويحكي.
مظاهرة حب جالت شوارع لندن وأحياء دول الكومنولث، وبمثل ما تمر به أحداث عالمنا من تباين عجب في الآراء، يظل المدعوين بأغلب ملياراتهم سعداء يؤيدون، ويكبرون، ويتمنون لو طالوا بأنفسهم رائحة العز.
ويظل هنالك من يختلف، ومن يبحث عن خلل في حمرة عين زبرجدة فريدة، ومن يناقش السياسة والاقتصاد، وتنوع سقوف الحريات، وأصالة وتراث ودعايات ما يحدث، وتكاليفها على دافعي الضرائب، ومن يناقشون حريات أعظم دستورية ملكية على وجه الأرض، ومن يتوق لنازلة أو كارثة بمعتقد في نفسه، يستحضر نكبات ملوك سبق وزالوا تحت سياق ثورات ومعارك وفوضى أو غضب وانتقام.
إعجاز تخطيط وتدريب وترتيب، للبشر والحيوانات، والطائرات ترسم الألوان، والخطوة متقنة، والبسمة محسوبة، والمعاني عميقة الإبداع، ومتعمقة في الدين، والسياسة، والبيئة والحقوق ومحو آثار العنصرية، فيحضر من كل أصقاع الأرض وأعراقها ممثلون.
وتتعانق الأصوات والأوتار والمزامير والنواقيس، لتكتب حكاية تاريخ طال انتظارها سبعين عاما، وآن لها أن ترتسم إبداعا.
الابن الوريث واثق، والأخت الداعمة تحنو، والابن المنبوذ ينزوي، والعشيقة، التي لحقت بقطار الزواج تنال أبهة الملك، ولو أن أعين النقد تبحث عن ليونة ورونق.
أعظم دعوة حضرتها في حياتي، ولو أني لم ألتزم بملابس معينة، ولا خطوات وزينة والتفاتات، ولم أكن محدود الحركة، وحتى الترانيم كنت أتحكم بحسها، وأهمل أو أصغي لبعض أجزائها.
كل من شهد حفل الأرض تسمرت عيناه على مجوهرات التاج الملكي، والصولجان، والكرة الذهبية، وتاج ملكة زان هامتها، وحيرة أمنيات تتبارى بالبريق على صدور ورؤوس الحاضرين الفعليين، والعدسات تكتب ثرائهم، بجوار كنوز إمبراطورية حكمت أطراف الأرض.
وكم تطايرت وحطت أحلام اليقظة على مدى الخمس قارات، وكل مدعو يكتفي بقطعة أو أكثر، ويغوص في الأمنيات، فماذا لو امتلكها بذاته حقيقة، وكيف سيحفظها، وهل سيعرضها للبيع؟ ليدفن فقر أحفاده.
البعض شطح للماورائيات، فماذا لو كانت الجاذبة ديانا هي من تم تنصيبها، وماذا لو كانت الأم الراحلة ترقب من خلف الحجب ما يحصل بعدها، كونها قد سطرت كل خطوة منه بترتيبات جلوسها المستحيل.
أشكر أصحاب الدعوة، وأتمنى للصحافة الصفراء اخضرارا وبياضا بأقلام الأساطير.
shaheralnahari@