الصين الرابح الوحيد في حرب أوكرانيا

باحثان آسيويان: المفارقة المدمرة أن الغرب وجد نفسه متورطا في مواجهة روسيا
باحثان آسيويان: المفارقة المدمرة أن الغرب وجد نفسه متورطا في مواجهة روسيا

الأحد - 14 مايو 2023

Sun - 14 May 2023

وصلت الحرب في أوكرانيا إلى مرحلة جمود دموي حيث لا تلوح في الأفق نهاية لها، وفي الوقت الذي يستعد فيه العالم للمزيد من إراقة الدماء والدمار في العام الثاني للحرب، يرى الباحثان الآسيويان نيلاي سايا ورحمة واديدي أن كل القوى الرئيسة تجد نفسها أنها لم تحرز نصرا واضحا باستثناء الصين.

وقالت سايا، وهي أستاذ مشارك في السياسة العامة والشؤون العالمية بجامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة، وواديدي الباحث في جامعة نانيانج التكنولوجية، «إنه في أحد جوانب الصراع، هناك الولايات المتحدة وحلفاؤها ؛ ومنذ أن تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، تعد الولايات المتحدة الداعم الأكثر ثباتا لأوكرانيا، حيث تضخ أكثر من 75 مليار دولار كدعم إنساني ومالي وعسكري.

استنزاف موارد

وتقدم واشنطن، أو سوف تقدم في القريب العاجل لكييف، نظم أسلحة متقدمة بما في ذلك صواريخ جافلين المضادة للدبابات ومنظومة باتريوت للدفاع الجوي ودبابات أبرامز إم 1وأيه 1 وأيه 2، فيما يقدم شركاء أمريكا الأوروبيون أيضا مساعدات مستمرة لأوكرانيا في مجالات مختلفة، بما في ذلك دعم مالي وإنساني ودعم للطاقة وللميزانية إضافة إلى المساندة الدبلوماسية.

ووافق الاتحاد الأوروبي في شهر ديسمبر العام الماضي على حزمة تشريعية سوف تقدم لأوكرانيا دعما ماليا بقيمة 18 مليار يورو خلال العام الجاري.

وأضافت سايا وواديدي، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست الأمريكية، أنه رغم الدعم بلا حدود فيما يبدو الذي يقدمه الغرب لأوكرانيا، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين ليسوا أقرب لطرد روسيا من أوكرانيا مما كانوا عندما اندلعت الحرب، بينما يستنزفون مواردهم.

خلق المشاكل

وعلى الجانب الآخر للحرب، هناك روسيا التي تواصل خلق المشاكل التي من شأنها أن تتسبب في سقوطها، وبينما قاوم الاقتصاد الروسي تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية، خسرت موسكو سوق الاتحاد الأوروبي وشهدت هجرة ضخمة للعقول، وزاد اعتمادها على إيران وكوريا الشمالية للحصول على الأسلحة والإمدادات وأصبحت الشريك الأصغر بالفعل للصين.

وبكل المقاييس، فشلت روسيا في محاولتها لتجديد هيمنتها على فنائها الأمامي، وأصبح حلف شمال الأطلسي (الناتو) الآن أكثر اتحادا من أي وقت مضى، وأضاف فنلندا إليه وفي طريقه لإضافة السويد، علاوة على ذلك، أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تسريع وتيرة الانتقال العالمي صوب الطاقة البديلة، مما يشكل بالتالي تهديدا خطيرا لاقتصاد موسكو القائم على الوقود الأحفوري. وفيما يتعلق بالتكلفة الإنسانية للحرب، يذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن القوات المسلحة الروسية والمجموعة الخاصة من المتعاقدين العسكريين الذين يقاتلون إلى جانبها قد تكبدوا خسائر من 60 إلى 70 ألف من مقاتليهم خلال العام الماضي.

الخاسر الأكبر

وتابع الباحثان أنه من الواضح أن الخاسر الأكبر في الحرب هي أوكرانيا نفسها، وبعد أن تصدت على نحو بطولي للهجوم الروسي الأولي على كييف، والذي استهدف الرئيس فولوديمير زيلينسكي نفسه، تجد أوكرانيا نفسها الآن تواجه حالة حرب خنادق ضد الروس على غرار الوضع في الحرب العالمية الأولى.

وأصبحت خطوط الجبهات ساكنة بشكل كبير على طول مناطق خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوهانسك، وقتل ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص غير مقاتل وعشرات الآلاف من الجنود الأوكرانيين منذ اندلاع الحرب، في حيت تؤكد المصادر أن عدد المدنيين القتلى تجاوزا 40 ألف شخص.

وصعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من سياسة حافة الهاوية النووية، حيث أعلن عن خطط لوضع أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس مع حلول شهر يوليو العام الجاري، وهذه خطوة سوف تشكل تهديدا وجوديا لبقاء أوكرانيا كدولة.

لا نهاية للحرب

ورغم أن كييف استطاعت أن تتجنب التعرض لهزيمة، فإنه لا يلوح في الأفق نصر، أو من الناحية العملية نهاية للحرب، لكن هناك بلدا واحدا يحقق مكاسب من هذه المذبحة في رأي الباحثان هي الصين.

ومثلما ظلت بكين بعيدا وهي تبتسم في الوقت الذي استنزفت فيه الولايات المتحدة مواردها في تدخلات عديدة في الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، فإنها تفعل نفس الشيء الآن في الوقت الذي وجدت فيه واشنطن نفسها متورطة في حرب أخرى طويلة لا يمكن الانتصار فيها.

وفي الوقت نفسه، ضخت الصين أموالا هائلا للإنفاق على جيشها وتحديث قواتها الجوية والبرية وتوسيع دائرة انتشار قواتها البحرية في شرق آسيا للتصدي للوجود البحري الأمريكي وتحديث مخزونها من الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية ونظم الإطلاق. وأوضح الباحثان أن صناع السياسة الصينيين يدركون أن الغزوات الأمريكية المستمرة والمكلفة في الخارج سوف تؤدي فقط إلى جعل ميزان القوة يميل أكثر لصالح بكين.

مفارقة مدمرة

واستفادت الصين أيضا من الحرب الأوكرانية في سياستها الخارجية، حيث زادت بشكل مطرد من علاقاتها الاقتصادية مع روسيا، ومن المحتمل أن تزود موسكو بالأسلحة والذخيرة في المستقبل القريب، وفقا لبعض الخبراء المتخصصين في الشؤون الصينية.

والمفارقة المدمرة للموقف هي أن الغرب أصبح متورطا في حرب ضد روسيا في نفس اللحظة التي كان يتعين عليه فيها أن يعمل على دعم روسيا كثقل موازن ضد صعود الصين.

وبدلا من ذلك، دفع الغرب روسيا إلى الارتماء في أحضان الصين التي كانت تنتظر ذلك مفتوحة الذراعين، والتي أكثر من راغبة في مواصلة «صداقة بلا حدود» مع روسيا التي لديها كل الأسباب للخوف من صين صاعدة.

ومع ذلك ، فبدلا من موقف تعمل فيه الولايات المتحدة وروسيا سويا لاحتواء الصين، نجد موقفا تخوضان فيه بالفعل حربا ضد كل منهما الأخرى في أوكرانيا.

واختم الباحثان تقريرهما بالقول «إن الولايات المتحدة أعدت نفسها لمواجهة ضد قوتين عظميين، وهذا موقف لا يعتقد سوى المتفائلون السذج أن الولايات المتحدة يمكنها الفوز فيه».

حرب أوكرانيا بالأرقام:

100 ألف جندي أوكراني قتلوا

40 ألف مدني أوكراني قتلوا

70 ألف جندي روسي قتلوا

15 مليون لاجئ أوكراني

75 مليار دولار حجم الدعم الأمريكي لأوكرانيا

20 مليار دولار الدعم الأوروبي السنوي