حنان درويش عابد

عندما تسقط الشركة بسبب سوء إدارة المخاوف!

الثلاثاء - 09 مايو 2023

Tue - 09 May 2023

مما لا شك فيه أن افتتاح شركة وإنشائها ليس بالنجاح السهل، فملايين البشر يتمنون مجرد افتتاح شركة، ولهذا فهذه خطوة ليست سهلة، ولا يصل إليها صاحب مؤسسة بسهولة، ولهذا فإن المخاوف من انهيار هذا الصرح الفردي الذي ربما بلغه صاحبه بعد سنين طويلة من الجهد هي مخاوف طبيعية ومنطقية.

من جهة أخرى، لا تعني منطقية المخاوف، منطقية سوء إدارتها، فهناك فرق بين منطقية الحقيقة المجردة، وبين أسلوب إدارة تلك الحقيقة بشكل خاطئ.

والمدير الذي أصبح يمتلك شركة يخاف عليها، قد يكون هو المتسبب الوحيد في سقوطها وانهيارها.

إن الإدارة بنموذجها التعسفي أو الديكتاتوري هي إحدى أشكال سوء إدارة المخاوف في عقل المدير، فهو يرغب بأن تنفذ قراراته هو فقط ورؤيته هو فقط؛ لأنه يخاف من تطبيق رؤى من لم يعيشوا معه أيام وسنوات ادخار المال ولم يشاركوه تعب تلك السنين.

من ناحية أخرى، فالإدارة بنموذجها الذي يكون المدير فيها هو المحاسب، وفني التصليح، والمصمم، والسكرتير، وصانع الشاي، وسائق الشركة، والمبرمج، ومدير التسويق، ومدير المبيعات، ومدير الشؤون القانونية، ومدير شؤون الموظفين؛ لأنه يخشى أن يخطئ كل هؤلاء في إدارة الأمور، ولا يسمح لهم بأخذ أي قرار حتى لو شراء كيلو من السكر يريد صانع الشاي أن يشتريه بحرية، إلا بعلمه وبمعرفته الكاملة، ويصر على مناقشة الجميع في كل التفاصيل الصغيرة جدا قبل الكبيرة قبل أن يقوموا بتنفيذ تلك الخطوة، فإن هذا النموذج الكارثي في الإدارة، وهو الموجود بالفعل في بعض الشركات، هو نموذج يعيق صاحب الشركة كل الإعاقة من التخطيط لمستقبل شركته، والاهتمام بالقضايا الاستراتيجية لشركته.

إدارة المخاوف هي واحدة من أهم أركان الإدارة المؤسسية، والمدير صاحب الشركة المملوء بالخوف على شركته ليلا ونهارا، بل قد يكاد لا ينام من شدة خوفه على ذلك الصرح الذي تعب في بنائه، هذا المدير يمارس إدارة صفرية للمخاوف، وليس هكذا تدار المخاوف، وإنما تدار المخاوف، من خلال ثقته في الله، ومن خلال إيمانه بأنه لا يفعل في أعماله إلا الصواب وإلا ما يخدم أسرته ومجتمعه، وهو هكذا يؤمن بأن مشروعه يمتلك خيرية حقيقة، ولا يمارس فيه أي شكل من أشكال الظلم والتعدي على الآخرين، وحينها سيفهم بأن التوازن في إدارة المخاوف يعني متابعته اليومية لأمور العمل، وتوجيهات عامة يوجه بها مدراء الأقسام ويحدد لهم رؤيته في إدارة التفاصيل، ثم يترك لهم حرية العمل وفق توجيهاته، مستنيرا أيضا بآرائهم وخبراتهم، ومؤمنا بأن الكمال لله وحده، وأنه محال أن يكون إنسانا كاملا يمتلك كل الحقائق.

hananabid10@