إذاعة ثمانية.. أنموذجا
الثلاثاء - 09 مايو 2023
Tue - 09 May 2023
أن تستمع وتستمتع ببرامج حوارية لأكثر من ساعتين في زمن يتسم بالسرعة هذا أمر يستحق التأمل!.
عندما بدأت موجة القنوات الفضائية في التسعينيات الميلادية؛ سحبت البساط من "الراديو" بشكل كبير وأصبح البث الإذاعي المصاحب للتلفزيون لا يستهوي الجيل الجديد، ولا يطرب آذان الجيل القديم الذي عشق الموجات القصيرة والمتوسطة وذهاب الصوت وعودته، وزاد ذلك الانطفاء للراديو؛ ثورة الإنترنت وما صاحبها من سيطرة الصورة والفيديو على الفضاء الإعلامي، ثم دخلت منصات التواصل الاجتماعي بمقاطعها القصيرة جدا حتى أصبح المقطع الذي يتجاوز دقائق قليلة من الصعب إكماله، بسبب الحالة الشعورية التي تمكنت من إدراك المتلقي وأصبح أسيرا للتغيير السريع، وكأنه يريد أن يرى ويسمع كل شيء متجاوزا مقياس الزمن؛ مما زاد من معاناة الإذاعات المسموعة وقلل من روادها بشكل ملحوظ.
ولكن ظهر على الساحة أخيرا "التدوين الصوتي" (البودكاست) والذي أثبت أنه من الممكن أن تعاد أمجاد الإذاعة وبرامجها المطولة الثقافية والاجتماعية بذكريات محاوريها الأفذاذ القدماء بثوب جديد وبمحاورين تفوق بعضهم على أصحاب الخبرات الطويلة في العمل الإذاعي والإعلامي، وكأن المجتمع يقول لصناع الإعلام الجديد من الممكن أن أتابعك ولو لساعات؛ شرط أن تكسب أنت وما تقدم ثقتي.
لقد بدأت إذاعة ثمانية ومثيلاتها من البودكاست الصوتي المرئي تصبح جزءا مؤثرا في صناعة الإعلام الحديث؛ واكتسبت لها مكانة بين هذا الكم الهائل من المواد الإعلامية؛ وكسرت كل توقعات أفول زمن الإذاعة وبرامجها الطويلة؛ حيث وصلت كثير من الحلقات لملايين المشاهدات ونالت استحسان كثير من الجيل الجديد والقديم؛ وأصبحت وجبات دسمة مطولة ينتظرونها ويحرصون على متابعتها واقتطاع مقاطع منها وتداولها ودعوة غيرهم لمشاهدتها، مما زادها انتشارا وتوسعا.
وإذاعة ثمانية بتفرعاتها وبمذيعها المتألق الإعلامي عبدالرحمن أبومالح وزملائه من معدين ومصورين ومقدمين؛ وإن اتفقنا أو اختلفنا مع المحتوى الإعلامي المطروح وهذا أمر طبيعي في ظل ارتباط أغلب حلقاتهم بآراء ضيوف يؤخذ من قولهم ويرد؛ إلا أننا نقدر ونجل هذه النقلة الجميلة في الإذاعة، وفي رأيي أنهم قد وصلوا لمثل هذا النجاح لأمور منها:
- لم يتأثروا بموجة الإحباط التي قد يخوفهم البعض منها بأن هذا مشروع قد لا يكتب له النجاح، بل آمنوا بفكرتهم وراهنوا على ما سيقدمون، وبدؤوا من فكرة بسيطة حتى أمسوا منصة عريقة.
- غيروا النمط التقليدي للاستضافة بأسلوب غير رسمي وبروح جميلة تريح الضيف والمستمع.
- أحسنوا اختيار الضيوف وأجادوا طرح الأسئلة وابتعدوا عن الأسئلة المعلبة التي لا تضيف للحلقة والمستمع شيئا.
- أجادوا فن الاستماع لأن أكثر ما يقتل متعة البرامج الحوارية هي كثرة المقاطعة للضيف؛ مما يجعل المستمع ينصرف عنها.
- حرصوا على التنوع وإرضاء مختلف الميول والأذواق في شتى الجوانب.
- كسبوا جيل الأمس المتعطش لحوارات الماضي الباحث عن الهدوء في ظل موجة الضجيج الحواري المنتشر.
- كانوا قريبين بحواراتهم من ذهنية شباب اليوم وما يهمه في هذا العصر بأسلوب حواري يجعل المستمع يستمر حتى نهاية اللقاء.
- أخيرا نالوا ثقة المستمع واحترامه لهم، وهذه معادلة صعبة إذ ليس بالضرورة أن تحقق لك التكاليف المادية العالية والتكلف غير المقنع ثقة المتلقين؛ فالموضوع يحتاج وصول لقلوبهم وهنا مكمن النجاح.
نستطيع القول إن الإذاعة كمنصة عتيدة وإن مرضت لفترة إلا أنها لم تمت ونهضت من تراجعها وغيرت من أدواتها؛ وجاءت لتقول إنها موجودة وقادمة ولديها متلقون كثر وتملك مذيعين مؤثرين؛ وأن جيل اليوم ذكي ويستطيع تمييز ما يقدم في الفضاء الإعلامي، وكلنا أمل بأن تسهم هذه الإذاعة وغيرها بشكل كبير في إثراء الساحة ثقافيا واجتماعيا وعلميا وتقنيا.
تحية شكر واعتزاز بالشباب السعوديين القائمين على إذاعة ثمانية ومثيلاتها منصات "التدوين الصوتي المرئي" على جهدهم وتميزهم وإبداعهم.
عندما بدأت موجة القنوات الفضائية في التسعينيات الميلادية؛ سحبت البساط من "الراديو" بشكل كبير وأصبح البث الإذاعي المصاحب للتلفزيون لا يستهوي الجيل الجديد، ولا يطرب آذان الجيل القديم الذي عشق الموجات القصيرة والمتوسطة وذهاب الصوت وعودته، وزاد ذلك الانطفاء للراديو؛ ثورة الإنترنت وما صاحبها من سيطرة الصورة والفيديو على الفضاء الإعلامي، ثم دخلت منصات التواصل الاجتماعي بمقاطعها القصيرة جدا حتى أصبح المقطع الذي يتجاوز دقائق قليلة من الصعب إكماله، بسبب الحالة الشعورية التي تمكنت من إدراك المتلقي وأصبح أسيرا للتغيير السريع، وكأنه يريد أن يرى ويسمع كل شيء متجاوزا مقياس الزمن؛ مما زاد من معاناة الإذاعات المسموعة وقلل من روادها بشكل ملحوظ.
ولكن ظهر على الساحة أخيرا "التدوين الصوتي" (البودكاست) والذي أثبت أنه من الممكن أن تعاد أمجاد الإذاعة وبرامجها المطولة الثقافية والاجتماعية بذكريات محاوريها الأفذاذ القدماء بثوب جديد وبمحاورين تفوق بعضهم على أصحاب الخبرات الطويلة في العمل الإذاعي والإعلامي، وكأن المجتمع يقول لصناع الإعلام الجديد من الممكن أن أتابعك ولو لساعات؛ شرط أن تكسب أنت وما تقدم ثقتي.
لقد بدأت إذاعة ثمانية ومثيلاتها من البودكاست الصوتي المرئي تصبح جزءا مؤثرا في صناعة الإعلام الحديث؛ واكتسبت لها مكانة بين هذا الكم الهائل من المواد الإعلامية؛ وكسرت كل توقعات أفول زمن الإذاعة وبرامجها الطويلة؛ حيث وصلت كثير من الحلقات لملايين المشاهدات ونالت استحسان كثير من الجيل الجديد والقديم؛ وأصبحت وجبات دسمة مطولة ينتظرونها ويحرصون على متابعتها واقتطاع مقاطع منها وتداولها ودعوة غيرهم لمشاهدتها، مما زادها انتشارا وتوسعا.
وإذاعة ثمانية بتفرعاتها وبمذيعها المتألق الإعلامي عبدالرحمن أبومالح وزملائه من معدين ومصورين ومقدمين؛ وإن اتفقنا أو اختلفنا مع المحتوى الإعلامي المطروح وهذا أمر طبيعي في ظل ارتباط أغلب حلقاتهم بآراء ضيوف يؤخذ من قولهم ويرد؛ إلا أننا نقدر ونجل هذه النقلة الجميلة في الإذاعة، وفي رأيي أنهم قد وصلوا لمثل هذا النجاح لأمور منها:
- لم يتأثروا بموجة الإحباط التي قد يخوفهم البعض منها بأن هذا مشروع قد لا يكتب له النجاح، بل آمنوا بفكرتهم وراهنوا على ما سيقدمون، وبدؤوا من فكرة بسيطة حتى أمسوا منصة عريقة.
- غيروا النمط التقليدي للاستضافة بأسلوب غير رسمي وبروح جميلة تريح الضيف والمستمع.
- أحسنوا اختيار الضيوف وأجادوا طرح الأسئلة وابتعدوا عن الأسئلة المعلبة التي لا تضيف للحلقة والمستمع شيئا.
- أجادوا فن الاستماع لأن أكثر ما يقتل متعة البرامج الحوارية هي كثرة المقاطعة للضيف؛ مما يجعل المستمع ينصرف عنها.
- حرصوا على التنوع وإرضاء مختلف الميول والأذواق في شتى الجوانب.
- كسبوا جيل الأمس المتعطش لحوارات الماضي الباحث عن الهدوء في ظل موجة الضجيج الحواري المنتشر.
- كانوا قريبين بحواراتهم من ذهنية شباب اليوم وما يهمه في هذا العصر بأسلوب حواري يجعل المستمع يستمر حتى نهاية اللقاء.
- أخيرا نالوا ثقة المستمع واحترامه لهم، وهذه معادلة صعبة إذ ليس بالضرورة أن تحقق لك التكاليف المادية العالية والتكلف غير المقنع ثقة المتلقين؛ فالموضوع يحتاج وصول لقلوبهم وهنا مكمن النجاح.
نستطيع القول إن الإذاعة كمنصة عتيدة وإن مرضت لفترة إلا أنها لم تمت ونهضت من تراجعها وغيرت من أدواتها؛ وجاءت لتقول إنها موجودة وقادمة ولديها متلقون كثر وتملك مذيعين مؤثرين؛ وأن جيل اليوم ذكي ويستطيع تمييز ما يقدم في الفضاء الإعلامي، وكلنا أمل بأن تسهم هذه الإذاعة وغيرها بشكل كبير في إثراء الساحة ثقافيا واجتماعيا وعلميا وتقنيا.
تحية شكر واعتزاز بالشباب السعوديين القائمين على إذاعة ثمانية ومثيلاتها منصات "التدوين الصوتي المرئي" على جهدهم وتميزهم وإبداعهم.