أيقظوا السودان.. الآن
الاثنين - 08 مايو 2023
Mon - 08 May 2023
على مفترق طرق بين أفريقيا والشرق الأوسط وعلى حدود البحر الأحمر ومساحة كبيرة وموقع استراتيجي في قلب وادي النيل في القرن الأفريقي تقع دولة السودان الشقيقة، يمتاز السودان بالكثير من العوامل الحيوية فهو بلد غني بالموارد الطبيعية الزراعية والمائية واحتياطات البترول والغاز الطبيعي والذهب، كما أنه مركز للاستثمارات في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية، وفي المقابل فإن موقعه الجغرافي الاستراتيجي هو من الأهمية بمكان للمصالح الأمنية الإقليمية، أما دوليا فتبرز الكثير من الأصوات المنادية بالتآخي والوحدة والسلام بهدف تحجيم أي مطامع من القوى العالمية المؤثرة، وهنا يتراءى للقارئ السؤال الأول: هل يلعب السودان في المنطقة اليوم دورا يعكس كل هذه القدرات الجيوسياسية الضخمة فعلا؟
السودان محط اهتمام عالمي كبير وعلى عدة محاور جيوسياسية، فمثلا هو يعتبر منفذا حيويا لروسيا إلى موانئ البحر الأحمر ومناجم الذهب والموارد الطبيعية وحجم صادراته من الذهب بلغ ما قيمته (1.6) مليار دولار في عام 2022.
المفارقة السيئة أن النزاعات الداخلية أثرت على اقتصاد السودان والعالم بشكل دراماتيكي، ففي العقود الأخيرة وعلى الرغم من الدعم السخي لدول مجلس التعاون الخليجي في سبيل تحقيق الهدف بأن يكون السودان سلة غذاء العرب المحتملة فإن حالة عدم الاستقرار استدعت التحول في اتجاه دول أخرى أكثر موثوقية كأوكرانيا، ومن المعلوم أنه المصدر الأول للصمغ العربي لكن تعثر سلاسل الإمداد أثر بشكل سلبي على كبريات الشركات العالمية لكونه لب حركة التصنيع فيها كشركة بيبسي كولا وكوكاكولا، فكيف توالت هذه الأحداث!
في معظم تاريخه الحديث عانى السودان صراعا داخليا كبيرا طويلا وصدمات اقتصادية متعددة أضعفت دوره كلاعب محوري في المشهد، واليوم نجد أن تركة الفساد وتبعات الاستبداد تراكم التبعات السابقة وتفاقم منسوب القلق على حاضره ومستقبله.
جدير بالذكر أنه ومنذ سنوات يجابه السودان نقصا حادا في النقد الأجنبي وعجزا كبيرا في الميزانية دفع بصناع القرار لاتخاذ إجراءات تقشف كثيرة لكن الحالة الاقتصادية ازدادت سوءا حين قامت أمريكا وحلفاؤها والبنك الدولي بتجميد المساعدات الأمر الذي صعب على الحكومة مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص الكهرباء وانخفاض قيمة العملة السودانية وغدت الآفاق الاقتصادية معضلة أكثر عتامة في عام 2021.
اليوم يشهد السودان صراعا وتنافسا عنيفا على السلطة وهذا القتال الذي تتخلله بعض الهدنات الإنسانية القصيرة نتج عنه خسائر بشرية كبيرة وأدى لإصابة وجرح الآلاف وأودى بحياة المئات.
وعلى الضفة الأخرى تذهب التحليلات السياسية إلى عدة سيناريوهات محتملة منها توسع مناطق الصراع واستمرار القتال سواء بشكل متقطع أو مستمر أو الوصول إلى اتفاق دائم، ويرى المراقبون أن تحقيق اتفاق السلام الدائم يتطلب تطبيق سياسة اللاعنف الاستراتيجي لأنه أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف وإحداث التغيير المجتمعي، وذلك من خلال تولي سلطة مدنية مع الإشارة إلى أن تبني العملية الانتقالية يظل مرهونا بالقدرة على الاستمرار في بناء توافق سياسي بين كافة الأحزاب المختلفة ذات المصالح والأولويات المتنافسة ومن ثم القيام ببرنامج إصلاحي تكاملي لمؤسسات الدولة، والحقيقة أن استطالة أمد هذا الاحتدام والتنافس يعقد الوضع، فهل من مبادرات داعمة؟
نعم وبالتأكيد.. فمنذ القدم تعتبر المملكة مانحا رئيسا للمساعدات الإنسانية في السودان ولعلنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر أنها قدمت (3) مليار دولار تم إيداعها في بنك السودان المركزي في عام 2015.
والآن هي لا تزال على نهجها في دعم السودان على كافة الأصعدة وعلى الرغم من سيطرة حالة عدم اليقين المستمرة؛ فالمملكة اليوم تقود الجهود الإنسانية على قدم وساق وقد وضعت مواردها الكبيرة في البحر الأحمر تحت تصرف المجتمع الدولي للمساعدة منوهة بأنها تنسق بشكل وثيق للغاية مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
جدير بالذكر أن مئات من التقارير الإخبارية وآلاف الصور التي تم بثها على نطاق واسع في أشهر الشبكات التلفزيونية ووسائل الإعلام العالمية قد أبرزت ووثقت جهود المملكة في إجلاء الآلاف على متن عدة سفن حربية وسفن تجارية والتي تلقت توجيه القيادة لنقلهم من بورتسودان بما يكفل ويضمن أمنهم واحترامهم وسلامتهم؛ فوصل إلى جدة أكثر من (5 آلاف) شخص من أكثر من (100) جنسية يمثل السعوديون نسبة قليلة منهم لا يتجاوز عددهم (250) شخصا.
هذه المبادرات الإنسانية جعلت من يحصل لنفسه من الهاربين من ويلات الحرب يفرح بشدة للفرج إذا حظي بتأمين مقعد للنجاة.. فحينذاك هو قد وجد (فرصة ذهبية)!
الدبلوماسية الجديدة.. وهكذا وبينما كان العالم القديم يراهن على أن مصير الدول مرتبط بألعاب النفوذ التي يمارسها عبر سياساته الدولية وجد أن المملكة أصبحت لاعبا كبيرا ودبلوماسيا مؤثرا ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط إنما وعلى مستوى الكرة الأرضية ككل، فالآن هي حكما - قوة عظمى، ابتداء لأنها تمثل ثقلا اقتصاديا عالميا ومركزا رئيسا إقليميا للسياحة والأعمال وانتهاء بتميزها الفريد بما اختصها به الله لكونها موطنا للحرمين الشريفين.
المملكة لم تعد مجرد منتج رئيس للنفط ومن أغنى الدول العربية فقيمة اقتصادها تجاوزت حاجز التريليون دولار، إنما هي دولة حديثة قررت رفض البقاء في الخانة التقليدية للاقتصاد الريعي والتحول إلى تنويع مصادر الدخل بما يجعل اقتصادها مستقرا منتجا قويا زاهرا.
فاستنساخ الفكر الاقتصادي السعودي الذي يقوده عراب الرؤية أميرنا الشاب محمد بن سلمان بنجاح استثنائي يكاد يكون المفتاح السحري لتحول هذه الدولة نموذجا اقتصاديا ملهما ليس فقط لقارة آسيا وإفريقيا بل والعالم بأسره.
المطمح أن تهدف الأطراف السودانية إلى التنمية المستدامة من أجل نهضة زراعية وصناعية وحضارية شمسها لا تغرب ولا تغيب، ونقطة البداية حسن النوايا؛ فالنية السيئة هي فقط من تستقطب الجرم والذنب!
RimaRabah@
السودان محط اهتمام عالمي كبير وعلى عدة محاور جيوسياسية، فمثلا هو يعتبر منفذا حيويا لروسيا إلى موانئ البحر الأحمر ومناجم الذهب والموارد الطبيعية وحجم صادراته من الذهب بلغ ما قيمته (1.6) مليار دولار في عام 2022.
المفارقة السيئة أن النزاعات الداخلية أثرت على اقتصاد السودان والعالم بشكل دراماتيكي، ففي العقود الأخيرة وعلى الرغم من الدعم السخي لدول مجلس التعاون الخليجي في سبيل تحقيق الهدف بأن يكون السودان سلة غذاء العرب المحتملة فإن حالة عدم الاستقرار استدعت التحول في اتجاه دول أخرى أكثر موثوقية كأوكرانيا، ومن المعلوم أنه المصدر الأول للصمغ العربي لكن تعثر سلاسل الإمداد أثر بشكل سلبي على كبريات الشركات العالمية لكونه لب حركة التصنيع فيها كشركة بيبسي كولا وكوكاكولا، فكيف توالت هذه الأحداث!
في معظم تاريخه الحديث عانى السودان صراعا داخليا كبيرا طويلا وصدمات اقتصادية متعددة أضعفت دوره كلاعب محوري في المشهد، واليوم نجد أن تركة الفساد وتبعات الاستبداد تراكم التبعات السابقة وتفاقم منسوب القلق على حاضره ومستقبله.
جدير بالذكر أنه ومنذ سنوات يجابه السودان نقصا حادا في النقد الأجنبي وعجزا كبيرا في الميزانية دفع بصناع القرار لاتخاذ إجراءات تقشف كثيرة لكن الحالة الاقتصادية ازدادت سوءا حين قامت أمريكا وحلفاؤها والبنك الدولي بتجميد المساعدات الأمر الذي صعب على الحكومة مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص الكهرباء وانخفاض قيمة العملة السودانية وغدت الآفاق الاقتصادية معضلة أكثر عتامة في عام 2021.
اليوم يشهد السودان صراعا وتنافسا عنيفا على السلطة وهذا القتال الذي تتخلله بعض الهدنات الإنسانية القصيرة نتج عنه خسائر بشرية كبيرة وأدى لإصابة وجرح الآلاف وأودى بحياة المئات.
وعلى الضفة الأخرى تذهب التحليلات السياسية إلى عدة سيناريوهات محتملة منها توسع مناطق الصراع واستمرار القتال سواء بشكل متقطع أو مستمر أو الوصول إلى اتفاق دائم، ويرى المراقبون أن تحقيق اتفاق السلام الدائم يتطلب تطبيق سياسة اللاعنف الاستراتيجي لأنه أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف وإحداث التغيير المجتمعي، وذلك من خلال تولي سلطة مدنية مع الإشارة إلى أن تبني العملية الانتقالية يظل مرهونا بالقدرة على الاستمرار في بناء توافق سياسي بين كافة الأحزاب المختلفة ذات المصالح والأولويات المتنافسة ومن ثم القيام ببرنامج إصلاحي تكاملي لمؤسسات الدولة، والحقيقة أن استطالة أمد هذا الاحتدام والتنافس يعقد الوضع، فهل من مبادرات داعمة؟
نعم وبالتأكيد.. فمنذ القدم تعتبر المملكة مانحا رئيسا للمساعدات الإنسانية في السودان ولعلنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر أنها قدمت (3) مليار دولار تم إيداعها في بنك السودان المركزي في عام 2015.
والآن هي لا تزال على نهجها في دعم السودان على كافة الأصعدة وعلى الرغم من سيطرة حالة عدم اليقين المستمرة؛ فالمملكة اليوم تقود الجهود الإنسانية على قدم وساق وقد وضعت مواردها الكبيرة في البحر الأحمر تحت تصرف المجتمع الدولي للمساعدة منوهة بأنها تنسق بشكل وثيق للغاية مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
جدير بالذكر أن مئات من التقارير الإخبارية وآلاف الصور التي تم بثها على نطاق واسع في أشهر الشبكات التلفزيونية ووسائل الإعلام العالمية قد أبرزت ووثقت جهود المملكة في إجلاء الآلاف على متن عدة سفن حربية وسفن تجارية والتي تلقت توجيه القيادة لنقلهم من بورتسودان بما يكفل ويضمن أمنهم واحترامهم وسلامتهم؛ فوصل إلى جدة أكثر من (5 آلاف) شخص من أكثر من (100) جنسية يمثل السعوديون نسبة قليلة منهم لا يتجاوز عددهم (250) شخصا.
هذه المبادرات الإنسانية جعلت من يحصل لنفسه من الهاربين من ويلات الحرب يفرح بشدة للفرج إذا حظي بتأمين مقعد للنجاة.. فحينذاك هو قد وجد (فرصة ذهبية)!
الدبلوماسية الجديدة.. وهكذا وبينما كان العالم القديم يراهن على أن مصير الدول مرتبط بألعاب النفوذ التي يمارسها عبر سياساته الدولية وجد أن المملكة أصبحت لاعبا كبيرا ودبلوماسيا مؤثرا ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط إنما وعلى مستوى الكرة الأرضية ككل، فالآن هي حكما - قوة عظمى، ابتداء لأنها تمثل ثقلا اقتصاديا عالميا ومركزا رئيسا إقليميا للسياحة والأعمال وانتهاء بتميزها الفريد بما اختصها به الله لكونها موطنا للحرمين الشريفين.
المملكة لم تعد مجرد منتج رئيس للنفط ومن أغنى الدول العربية فقيمة اقتصادها تجاوزت حاجز التريليون دولار، إنما هي دولة حديثة قررت رفض البقاء في الخانة التقليدية للاقتصاد الريعي والتحول إلى تنويع مصادر الدخل بما يجعل اقتصادها مستقرا منتجا قويا زاهرا.
فاستنساخ الفكر الاقتصادي السعودي الذي يقوده عراب الرؤية أميرنا الشاب محمد بن سلمان بنجاح استثنائي يكاد يكون المفتاح السحري لتحول هذه الدولة نموذجا اقتصاديا ملهما ليس فقط لقارة آسيا وإفريقيا بل والعالم بأسره.
المطمح أن تهدف الأطراف السودانية إلى التنمية المستدامة من أجل نهضة زراعية وصناعية وحضارية شمسها لا تغرب ولا تغيب، ونقطة البداية حسن النوايا؛ فالنية السيئة هي فقط من تستقطب الجرم والذنب!
RimaRabah@