ما وراء تزنيج كليوباترا
الاثنين - 08 مايو 2023
Mon - 08 May 2023
عُقد مُركبة تعيشها وتغزلها سلطات أمريكا، فهي تكره السود، وهي أكثر من أجرم في حقهم في الماضي، بعنصرية وسخرة واحتقار، ولكنها لا تريد الوصول لمرحلة الاعتذار.
وبديلا عن ذلك تحاول إيهام الأفريقيين الأمريكان بالمساواة ومعاني القيمة والفخر، حتى ولو بادعاءات وصور مزيفة، لجعل الشارع الأسود هادئا راضيا مهما عاش أزمات وزيغ مساواة ونقص خدمات.
تعامل سلطات أمريكا حاليا مع السود مغبة نفاق ومحاولة تعويض نفسية، ولو بخلط أوراق الماضي، وبهرجة الحاضر، ولكن قبول السود الكامل لا يحصل، مهما بالغت الدعايات في إبراز وتضخيم الحالات الشاذة بأغراض سد الفرج، وتقريب وجهات النظر، وإشغال السود بتطلعات تجعلهم يفكرون ألف مرة قبل الاحتجاج.
بدأ هذا التعظيم والتبجيل بإعلام أمريكي، يشحن عقول السود بأنهم أصل حضارات العالم، والمكتشفات والاختراعات والتقنيات الحديثة، وأنهم سبب كل نهضة وعلوم!
جرب واسأل محرك البحث قوقل عن أسماء من اخترعوا أو صنعوا أو اكتشفوا أي جزئية من العلوم الإنسانية والتقنية، وستفاجأ بتصدر شخصيات سوداء وملونة غير معروفة، فمحرك البحث الملعوب في لوغاريتماته يجعلهم الأهم والأبرز على مستوى العالم، وعلى عكس الحقائق، التي يعرفها كل دارس للتاريخ.
اسأله عن أي حضارة وعظمة إنسانية، وهو بسهولة سيمطر بالخيارات السوداء، متقدمة على كل سبق للبيض.
نعم، فلا تشكك في مداركك، ولا تعد وتحاول تغيير صيغة السؤال، لأن كل الأجوبة تريد بقوة إثبات أن كل حضارة صنعتها البشرية كانت سوداء!
وهذا ليس فقط في الإعلام، ولكن الداء العضال شمل حتى الجامعات ومراكز البحوث الأمريكية العريقة، والتي غيرت كثيرا من مناهجها، وأزاحت أسماء صناع التاريخ، وأزالت كثيرا من التماثيل البيضاء، واستبدلتها بسود غير مميزين!
أمريكا تعيش مرحلة خزي من ماضيها الأسود، وكذب يحرق حاضرها، وخداع للسود، حتى يفكرون مئات المرات قبل أن يطالبوا بحقوق لهم أهدرت بالماضي وحتى يومنا.
والضحكة، التي أدهشت العالم مؤخرا هي قيام قناة «نتفليكس» بإنتاج فيلم وثائقي، عن الملكة المصرية ذات الأصول المقدونية كليوباترا ابنة بطليموس الثاني، حيث اختاروا للدور ممثلة سوداء، لدرجة الصدمة!
السود مقدرون بإنسانيتهم، ولكن أن ترضيهم سلطات أمريكا بإدخالهم زورا في تاريخ حضارات الشعوب القديمة، وبهذا الشكل المزري، أمر محزن لما وصلت إليه التخبطات.
أنا متأكد أن أول من ضحك على كليوباترا «النتفلكسية»، هم السود أنفسهم، من لا يرتضون سرقة حضارات أحد، وهم من سرقت إنسانيتهم في مختلف الأزمنة والأمكنة، ولأن حضاراتهم السابقة تمتلك الكثير مما يمكن الإشادة به، ودون الحاجة للتزوير.
وهنا قد يقول البعض «إن عمل سلطات أمريكا هذا لن ينجح كونه مستنكرا مكشوفا»، ولكن من يقل ذلك يجهل ما كان يحدث ولا زال حيال قيام كل سلطة متحكمة بإعادة كتابة تاريخها وتلميعه، والمنتصر دوما يكون لديه المخطوطة والكاتب والمفكر، ولا أحد يتمكن من الوقوف ضده أو محاجته، والأجيال تمر، وكثير لا يقرؤون ولا ينتقدون، وشدة الطرق على الحديد، تصيبه بالاعوجاج، وربما الارتداد العكسي، بنحت وجه كليوباترا الجديد، في كل متحف، وشاشة، لنحيا صورا جديدة من ضياع الحقائق والحقوق، بفعل سلطة مرتعبة خجلة مكابرة.
هذا المقال أهديه لكل أسود يعتز بكينونته وتاريخه، ولكل مصري، ولعالم الآثار الوزير المصري السابق زاهي حواس.
shaheralnahari@
وبديلا عن ذلك تحاول إيهام الأفريقيين الأمريكان بالمساواة ومعاني القيمة والفخر، حتى ولو بادعاءات وصور مزيفة، لجعل الشارع الأسود هادئا راضيا مهما عاش أزمات وزيغ مساواة ونقص خدمات.
تعامل سلطات أمريكا حاليا مع السود مغبة نفاق ومحاولة تعويض نفسية، ولو بخلط أوراق الماضي، وبهرجة الحاضر، ولكن قبول السود الكامل لا يحصل، مهما بالغت الدعايات في إبراز وتضخيم الحالات الشاذة بأغراض سد الفرج، وتقريب وجهات النظر، وإشغال السود بتطلعات تجعلهم يفكرون ألف مرة قبل الاحتجاج.
بدأ هذا التعظيم والتبجيل بإعلام أمريكي، يشحن عقول السود بأنهم أصل حضارات العالم، والمكتشفات والاختراعات والتقنيات الحديثة، وأنهم سبب كل نهضة وعلوم!
جرب واسأل محرك البحث قوقل عن أسماء من اخترعوا أو صنعوا أو اكتشفوا أي جزئية من العلوم الإنسانية والتقنية، وستفاجأ بتصدر شخصيات سوداء وملونة غير معروفة، فمحرك البحث الملعوب في لوغاريتماته يجعلهم الأهم والأبرز على مستوى العالم، وعلى عكس الحقائق، التي يعرفها كل دارس للتاريخ.
اسأله عن أي حضارة وعظمة إنسانية، وهو بسهولة سيمطر بالخيارات السوداء، متقدمة على كل سبق للبيض.
نعم، فلا تشكك في مداركك، ولا تعد وتحاول تغيير صيغة السؤال، لأن كل الأجوبة تريد بقوة إثبات أن كل حضارة صنعتها البشرية كانت سوداء!
وهذا ليس فقط في الإعلام، ولكن الداء العضال شمل حتى الجامعات ومراكز البحوث الأمريكية العريقة، والتي غيرت كثيرا من مناهجها، وأزاحت أسماء صناع التاريخ، وأزالت كثيرا من التماثيل البيضاء، واستبدلتها بسود غير مميزين!
أمريكا تعيش مرحلة خزي من ماضيها الأسود، وكذب يحرق حاضرها، وخداع للسود، حتى يفكرون مئات المرات قبل أن يطالبوا بحقوق لهم أهدرت بالماضي وحتى يومنا.
والضحكة، التي أدهشت العالم مؤخرا هي قيام قناة «نتفليكس» بإنتاج فيلم وثائقي، عن الملكة المصرية ذات الأصول المقدونية كليوباترا ابنة بطليموس الثاني، حيث اختاروا للدور ممثلة سوداء، لدرجة الصدمة!
السود مقدرون بإنسانيتهم، ولكن أن ترضيهم سلطات أمريكا بإدخالهم زورا في تاريخ حضارات الشعوب القديمة، وبهذا الشكل المزري، أمر محزن لما وصلت إليه التخبطات.
أنا متأكد أن أول من ضحك على كليوباترا «النتفلكسية»، هم السود أنفسهم، من لا يرتضون سرقة حضارات أحد، وهم من سرقت إنسانيتهم في مختلف الأزمنة والأمكنة، ولأن حضاراتهم السابقة تمتلك الكثير مما يمكن الإشادة به، ودون الحاجة للتزوير.
وهنا قد يقول البعض «إن عمل سلطات أمريكا هذا لن ينجح كونه مستنكرا مكشوفا»، ولكن من يقل ذلك يجهل ما كان يحدث ولا زال حيال قيام كل سلطة متحكمة بإعادة كتابة تاريخها وتلميعه، والمنتصر دوما يكون لديه المخطوطة والكاتب والمفكر، ولا أحد يتمكن من الوقوف ضده أو محاجته، والأجيال تمر، وكثير لا يقرؤون ولا ينتقدون، وشدة الطرق على الحديد، تصيبه بالاعوجاج، وربما الارتداد العكسي، بنحت وجه كليوباترا الجديد، في كل متحف، وشاشة، لنحيا صورا جديدة من ضياع الحقائق والحقوق، بفعل سلطة مرتعبة خجلة مكابرة.
هذا المقال أهديه لكل أسود يعتز بكينونته وتاريخه، ولكل مصري، ولعالم الآثار الوزير المصري السابق زاهي حواس.
shaheralnahari@