هتون أجواد الفاسي

أمانة 940 وجودة الحياة

الثلاثاء - 02 مايو 2023

Tue - 02 May 2023

تعتبر الخدمات البلدية من أكثر الخدمات التصاقا بالناس، مواطنين أو مقيمين في أي مكان. وهذه الخدمات تتنوع وتتسع لكن متفق على أنها تعنى بكل خدمة مدنية للإنسان من الولادة (بلاغ الولادة) وحتى الوفاة (بلاغ الوفاة). فوظيفة البلديات تشمل مراقبة الأسواق العامة (التراخيص، الأمن والسلامة، الغش التجاري، التعدي على الأحياء السكنية... إلخ)، الشوارع (السفلتة، الصيانة، السلامة)، البيوت (التراخيص، الأمن والسلامة، تحديد العلو، تحديد الأحياء)، البيئة (عوادم السيارات، التشجير، تدوير النفايات، مخلفات الأبنية)، النفايات (تدويرها، رفعها)، الصرف الصحي، المياه (فحصها وتوفيرها)، تخطيط المدينة، تخطيط الشوارع، الحدائق العامة (أمن وسلامة، جمال ومتعة، سلامة أجواء)، المباني الأثرية (صيانتها، المحافظة عليها بالتعاون مع الجهات المختصة)، النوادي (تشجيع النشاط الثقافي والرياضي والاجتماعي)، التسول (التعاون مع الجهات المختصة لمنع التسول والتشرد وسواه)، المقابر (تسويرها، تنظيفها، دفن الموتى) وغير ذلك.

وكل نقطة في هذه الاختصاصات تهم المواطنة والمواطن وتتصل بحياتهما اليومية اتصالا عضويا يجعل من الضروري أن يكون لكل مواطنة ومواطن واسطة مشروعة لمطالبة البلدية بواجباتها.

وفي الرياض تعمل أمانة العاصمة على رفع رسالة «الارتقاء بالرياض من خلال تعزيز التنمية الحضرية المستدامة وتوفير خدمات عالية الجودة وبناء شراكات فعالة نحو مجتمع نابض بالحياة» بل تسعى إلى تحقيق التحول الرقمي والاستفادة من البيانات الداعمة، وهي التي نراها في كثير من تفاصيل الحياة في العاصمة اليوم.

ونظرا لالتصاق احتياجاتنا اليومية بالخدمات البلدية فإن ملاحظاتنا عليها دوما كثيرة في كل صغيرة وكبيرة وكانت هناك دوما انتقادات لا تهدأ ولا تكل وفي محلها، لكن للأمانة فإن أمانة الرياض وغيرها من بلديات المناطق قامت على مستوى المملكة بكثير من التحسينات خلال السنوات القليلة الماضية مع ازدياد الشفافية والمحاسبة التي رافقت فترة المجالس البلدية وانتخاباتها ومطالبها المتعددة، ورؤية 2030 التي تتجه نحو جودة الحياة.

لكن بالعودة للبلديات نفسها فإني أجد مبتهجة أنها حسنت كثيرا من قدراتها وخدماتها وعلى رأس ذلك فتحها لقنوات اتصال متعددة ومتابعة الكترونية يرافقها تقييم ومراجعة يمكنني أن أثني عليها دون تردد ولا مجاملة وبعد أن جربت هذه الوسائط بنجاح خلال الخمس سنوات الماضية.

فمنذ تقديم أول شكوى الكترونية لحفرة في الأسفلت بالقرب من منزلنا في الرياض ثم ردمها وسفلتتها من جديد في غضون بضعة أسابيع، وأنا غير مصدقة حتى كررت المحاولة في مشاكل أخرى في حينا، وإذ بي تصلني مكالمات من قسم الجودة في الأمانة رقم 940 يستفسرون عن اللوكيشن، فكررتها في أماكن أخرى استغليتها أثناء ركوب الدراجة في وادي حنيفة ووادي لبن والجبيلة والعيينة، حيث تتيح الدراجة الفرصة لمعاينة الحفر والمهملات والمطبات والمشكلات بل والروائح بشكل أكثر قربا من السيارة، فعمدت إلى الوقوف عند كل مناسبة لتسجيل البلاغ الذي كان يتطلب التصوير المباشر من الموقع، وأيضا وصلتني اتصالات ومحاولة للتأكد من رفع النفايات هنا وهناك، فكنت أطلب الانتظار حتى أعاين المكان في الأسبوع القادم، وهكذا. بل حتى وأنا على درب زبيدة في رحلة المشي على الدرب منذ 3 أعوام، أتيحت الفرصة أيضا للمعاينة القريبة في الأماكن النائية والإبلاغ عنها، وعدت إليها بعد عام على الدراجة فلم ألاحظ الحيوانات النافقة التي كانت في ذلك الموقع.

أصبحت عملية التبليغ والتواصل المباشر مع بلديات المناطق سلوكا يوميا أمارسه كلما كان لدي فرصة للتوقف والمعاينة والإبلاغ وأحيانا أتخذها مهمة عندما أكون على موعد مع مجموعة الدراجات والدراجين للسير في أحد المسارات فأتأكد من أن أية مخاطر على الطريق قد تم حلها لاسيما الملوثات البصرية والسمعية والحسية، حتى الحيوانات الضالة التي تلاحق دراجاتنا أحيانا وجدت لها موقعا في خيارات تطبيق أمانة الرياض وتم التعامل معها، لا أدري كيف، ولكني مررت بعد يومين ووجدت الكلاب في وضعية هادئة ونباحهم من مكانهم.

بلغ عدد بلاغاتي المنفذة منذ عام 2018 (101) بلاغ ما بين نظافة وطرق وهدميات وهبوطات وإنارة وتسربات مياه وأسواق وغيرها، وما هو تحت التنفيذ 12 بلاغا، 4 جاري اعتمادها وهي ما تم إغلاقه. كانت تأتيني تقارير البلاغات بشكل كتابي بل ويطلبون تقييمي وأنا لم أعاين المكان فلا أتجاوب، لكن يبدو أن الأمانة استدركت هذه الهنّة وأصبحوا يرسلون طلب التقييم مرفقا بصورة البلاغ وبجانبها صورة ما بعد البلاغ والتي أصبحت أبلغ من القلم فأعطيهم عليها أفضل تقييم.

وهكذا شعرت بأني كمواطنة أصبحت أساهم ولو بشيء بسيط في تحسين البيئة المحلية التي كنت أدعو لها دوما من خلال المجالس البلدية وتمكينها. أصبحت أعبر طرقي اليومية بكل ثقة واعتزاز بأني نجحت في جعل حياة الناس في هذه البقعة أكثر جودة ومتعة وأمنا وقد أزيلت الأعمدة المدببة التي كانت تعترض الطريق أو مخارج الحريق التي تم تحريرها أو الحفر الخطيرة التي تم ردمها، أو المياه التي كانت تتسرب لأيام طويلة في الطرق السريعة دون من يتوقف ليبلغ عنها، وهكذا.

ولعلي آمل من الأمانات أن يطوروا أكثر في علاقاتهم بمشروع التشجير الطموح حتى يمكن التبليغ على أشجار الفايكس التي كان هناك قرار بالتوقف عن زراعتها وإزالتها بينما لا زلنا نراها تزرع في أماكن كثيرة لاسيما في المدن الصغيرة على طريق الطائف أو في مكة المكرمة أو في حائل، بينما قلت بشكل كبير في الرياض. ولا زال التطبيق بحاجة لصلاحيات أكبر في المشاريع التي أبعد من مجرد حفرة ومطب إلى رصف شوارع وتشجير حدائق وتنوير أحياء.

ولمنسوبيهم كل تحية وتقدير.