مانع اليامي

العفو عند المقدرة - محمد مشحن الوباري أنموذج

السبت - 29 أبريل 2023

Sat - 29 Apr 2023

ليس من المبالغة القول «إن العفو من شيم العرب المتوارثة تأسيسا على سماحة الشريعة ولطفها»، غير أنه لا يستطيع تجديد هذه الخصلة الحميدة وتنشيط حضورها في المشهد إلا النبلاء المتعلقون بحسن خواتم الأمور السائرون في دروب المعروف ونشره بين الناس، الصحيح أن للعفو مواطن ودرجات وبالمطلق منزلته بارزة في سلم مكارم الأخلاق وأرفع مراتبه إذا أتى عند المقدرة في يوم صعيب، والذي لا خلاف عليه أنه أي العفو يختلف بحسب طبيعة القضية سببا ونتيجة، وهنا نأخذ قضايا القتل ما كان منه عمدا أو شبه عمد أو خلاف ذلك مثالا ووجهة حديث من باب الإشادة بالأفعال الحميدة المرتبطة بالأحداث الجسيمة التي يغير العفو مجراها.

نعم المجتمع السعودي خير يحب الخير ولن تخطي العين رايات التكافل في سبيل إحراز العفو من طرف يملك المقدرة على تغير مجرى قضية صعبة تتصاعد تعقيداتها وخير مثال عفو أولياء الدم عن القاتل، تعدد الشفاعات، يلتف جمع من الناس وفق مبدأ اجتماعي سائد يطلق عليه عند أغلبية شرائح المجتمع -المقصد والمنصد- يحضر الوجهاء وعوام الناس من كل صوب يتصاعد الترجي وتتنوع الأساليب وتكثر العروض والمال في المقدمة ليت وعسى أن يعفو أولياء الدم عن غريمهم الذي تتناقص المسافة بينه وبين المقبرة، الخلاصة قد تتم الموافقة بشروط مغلظة أو مخففة أو عارية من هذا وذاك وقد تخيب المساعي ولكل حادثة ظروفها وملابساتها.

محمد مشحن، عوض الله ابنه الجنة لم ينتظر وجاهة الوجهاء ولا الحشود والظهور في يوم شاهر ظاهر وكل ذلك ممكن حدوثه لم يلتفت للمال أبدا قل أو كثر والله أعلم بأحواله، سرى في جنح ليل دون أن يخبر أحدا وفق ما توفر من معلومات وسجل تنازله شرعا لوجه الله عن قاتل فلذة كبده، طوى صفحة مظلمة وأكلت محاسن التسامح كل خلاف، فتح الأفاق للعمل الطيب المبارك بكل ثقة وهو يملك المقدرة لفعل العكس دون ملام، تفرد بالمبادرة التي قل من يفعلها، ساق الفرحة لأهل القاتل وزاد الروابط الاجتماعية توثيقا لا ضعفا، بل مروءة، جزاه الله خير وعوضه خير وصلاح ذرية.

محمد مشحن وأمثاله يستحقون البقاء في الذاكرة المجتمعية مكرمين تستلهم من جميل صنائعهم الدروس والعبر.

عادة العظماء في مثل هذه المواقف عدم الميل «للجاهيات والمزايدات» كما يقول الزميل فهيد العديم. أنتهي هنا وبكم يتجدد اللقاء على خير وتسامح.

@Msaalyami